الواقع الجديد في سورية: نظرة على تحديات المرحلة الانتقالية

نبض البلد -

أحمد الضرابعة

 

عادةً ما يتخلل المراحل الانتقالية للدول والمجتمعات، العديد من التحديات والفرص التي تؤثر في مسارها، ومن المتوقع دائمًا، أن تواجه الأنظمة السياسية والشعوب التي خضعت بلدانها لتغييرات جذرية، إشكالات مرتبطة بالسياسة والعلاقات الدولية، والأمن والاقتصاد، والديموغرافيا والمواطنة. ولعل سورية التي غادرت حقبة الأسد وتقف على أعتاب تدشين حقبة جديدة، تُعتبر مثالًا بارزًا على ذلك، حيث يرزح السوريون تحت ضغوط وتهديدات عديدة، نتيجةً الظروف الانتقالية التي تمر بها بلدهم

 

من ناحية السياسة والعلاقات الدولية، تتقدم الإدارة الانتقالية السورية نحو اكتساب الشرعية، وهي تتلقى دعمًا متنوعًا من دول إقليمية مؤثرة في النظام الدولي، ولكنها ورثت العقوبات المفروضة على نظام الأسد، وسيتعين عليها تقديم بعض التنازلات المرتبطة بالإصلاحات السياسية وتعزيز حقوق الإنسان والتعاون الدولي للتخلص منها. ويرتبط ملف الاقتصاد بمسألة العقوبات الدولية التي فرضت على سورية في عهد الأسد بشكل كبير، ولا بد من تفعيل الجهود الدبلوماسية السورية - العربية لرفع العقوبات عن البلاد دون تقديم تنازلات تمس سيادتها الوطنية.

 

التحدي الأكبر بالنسبة للسوريين، يرتبط بقدرة سلطاتهم الجديدة على تأدية أهم وظيفة لها، وهي تحقيق الأمن والاستقرار، وفرض النظام والقانون. ويمتد هذا التحدي ليشمل استعادة الأجزاء التي يُسيطر عليها الانفصاليون الأكراد، والإرهابيون، والاحتلال الإسرائيلي من الجغرافيا السورية، حيث يُشكل هذا مدخلًا للضغط على الإدارة السورية الجديدة وجرها نحو مفاوضات سياسية، لتقديم تنازلات كبرى وهي في أضعف حالاتها، وهذا يتطلب اتخاذ قرارات جريئة لا يمكن اتخاذها إلا بعد تشرُّب ثقافة الدول والتحلي بمنطق الحكومات في التعامل مع القضايا المحلية. هذه القرارات تشمل العمل على تعزيز الوحدة الوطنية وترجمة شعار "سورية لكل السوريين"، والاستفادة من الدعم العربي والتركي للإدارة الانتقالية السورية، وترجمته على أرض الواقع، لمنع استغلال هشاشتها الأمنية.

 

يُصر المتطرفون في كلًا من إيران وإسرائيل، على إنكار الواقع السوري الجديد، والسعي لإرجاع عقارب الساعة السياسية للوراء، للعودة بسورية إلى حقبة الأسد التي كانت خلالها ساحة من ساحات نفوذ إيران الإقليمي، ومسرحًا مفتوحًا للعمليات العسكرية الإسرائيلية، وبالتالي، فإن تأجيج الصراعات الطائفية والهوياتية في سورية الجديدة، يعتبر ردة فعل أمنية مزدوجة، تقوم بها إسرائيل وإيران اللتان خسرتا تفاهماتهما ومصالحها في سورية بعد سقوط نظام الأسد، وعليه، تعمل الدولتان على تأجيج الصراعات الطائفية والهوياتية بين السوريين، لشق الطريق نحو تحقيق أهدافهما الاستراتيجية في المنطقة.

 

أخيرًا، تخلص السوريون والعرب من النفوذ الإيراني بشكل غير متوقع، ولذلك، فإن الحفاظ على هذا المُنجز، يتطلب إرادة عربية مشتركة، متبوعة بخطة عمل، تتضمن خطوات واضحة لدعم سورية الجديدة والحفاظ على سيادتها الوطنية ومنع اختراقها ثانية. كما إن وجود إسرائيل في الجنوب السوري يشكل تهديدًا للأمن القومي العربي، خاصة أنها تحتل منابع المياه، وهذا يضع الأردن أمام خطر يتعلق بموارده المائية، وهذا يستدعي وضع حد للتدخلات الخارجية في سورية.