الضفة الغربية في الحسابات الأردنية

نبض البلد -

أحمد الضرابعة

 

يتصاعد خطر الوضع في الضفة الغربية على الأردن مع استمرار أعمال العنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، في مُدنهم ومخيماتهم، مما يضع صناع القرار الأردنيين أمام تحديات معقدة، تتطلب اتخاذ إجراءات وقائية للحفاظ على الأمن الوطني الأردني.

 

من الناحية التاريخية، شكَّلت الضفة الغربية مصدر قلق أمني بالنسبة للأردن، نتيجة السياسات الاحتلالية التي تمارسها إسرائيل، ورغم اتخاذه قرارًا بفك الارتباط الإداري والقانوني معها عام 1988، إلا أن التحديات والمخاوف الأمنية والسياسية ظلت قائمة، ولم تُعالج بشكل جذري لأسباب إسرائيلية، وفلسطينية، وعربية، وبالتالي، ظل الأردن على موعد مع مواجهة محتملة في كل مرة تتفاقم فيها الأوضاع في الضفة الغربية.

 

إن الاهتمام الأردني بما يدور في الساحة الفلسطينية، ينطلق من اعتبارات الجغرافيا السياسية؛ فالفاصل الحدودي بين الأردن والضفة الغربية هو الأطول، ويؤثر ما يجري خلفه من الجانب الآخر بشكل مباشر على الأمن والاستقرار الوطنيين. إلى جانب أن الضفة الغربية تمثل حجر الزاوية للأمن القومي الأردني، لعوامل ديموغرافية وأمنية واقتصادية وسياسية، وبالتالي، يدرك الأردن ضرورة البقاء في حالة استعداد دائم لمواجهة أي تحولات في المشهد الفلسطيني المتحرك، وهو ما يتطلب مواكبته بالخطط والإجراءات الوقائية.

 

تتصاعد التوترات في الضفة الغربية، تزامنًا مع عودة الجمهوريين للإدارة الأميركية، وانحيازهم الواضح لنتنياهو، ودعمهم لطموحاته في إعادة ضبط محيط إسرائيل الإقليمي، بما يلبي احتياجاتها الاستراتيجية، ويمنحها الأفضلية الأمنية على غيرها من القوى الإقليمية المنافسة لها. ورغم عدم وجود غطاء دولي يتيح للأردن التصدي لأي مشروع يحقق أهداف إسرائيل على حساب مصالحه الحيوية، إلا أنه لا يملك خيارًا للحفاظ على وجوده وأمنه القومي واستقراره، إلا الاصطدام مع إسرائيل، وهنا لا بد من الاتكاء على كتلة عربية وازنة، أساسها مصر والسعودية، لتكوين جبهة موحدة تستطيع الضغط على القوى الدولية للالتزام بمواقف عادلة ومتوازنة، ومراعية لمصالح الأردن والدول العربية.

 

يمكن القول إن أمن المنطقة واستقرارها يعتمد بدرجة أساسية على أمن الأردن واستقراره، وهذه حقيقة تاريخية مثبتة، فالأردن الذي يتوسط بلدان الشام والخليج العربي، يلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على توازن القوى إقليميًا، وعليه، فإنه من مصلحة جميع دول المنطقة، الوقوف خلف الأردن ودعمه، لمنع تحوّل إسرائيل إلى شرطي للشرق الأوسط، والهيمنة على دوله ومقدراتها.