جعفر حسان ورؤية جديدة: بناء الثقة وتعزيز الشراكة بين الحكومة والمواطنين

نبض البلد -
أ.د. حسن عبدالله الدعجه

الدكتور جعفر حسان، رئيس الوزراء الأردني، يمثل نموذجًا جديدًا للقيادة السياسية في الأردن، حيث يسعى إلى إعادة بناء الثقة بين المواطنين والمؤسسات الحكومية من خلال نهج يرتكز على أبعاد الثقافة السياسية. في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه البلاد، برز حسان كرجل دولة يولي اهتمامًا خاصًا للمعرفة السياسية والمشاركة الشعبية باعتبارهما الأسس التي تؤدي إلى تعزيز الثقة في المؤسسات والمسؤولين السياسيين.
ويعمل على توظيف هذه المعرفة في صياغة سياسات أكثر استجابة لاحتياجات المواطنين، من خلال تبني آليات تواصل شفافة تسهم في نشر الوعي السياسي. كما يسعى إلى إشراك مختلف الفئات المجتمعية في عمليات صنع القرار، مما يعزز من فعالية السياسات العامة ويجعلها أكثر ملاءمة للواقع المعيشي. إدراكه لأهمية التفاعل المباشر مع المواطنين يجعله حريصًا على إجراء حوارات موسعة لضمان تكامل الرؤى بين الحكومة والمجتمع.
تعد المعرفة البعد الأول في الثقافة السياسية، وهو ما يدركه الدكتور جعفر حسان جيدًا، حيث يسعى إلى تعزيز وعي المواطنين حول السياسات الحكومية والقرارات المتخذة من خلال تبني نهج أكثر شفافية وانفتاحًا. فالثقة في الحكومات لا تتولد من الفراغ، بل من القدرة على فهم السياسات وتقييم أدائها بموضوعية.
من هذا المنطلق، يعمل حسان على إيصال المعلومات بوضوح وشرح السياسات الحكومية بلغة بسيطة ومباشرة، بحيث يكون المواطن على دراية بما يجري في دوائر صنع القرار، الأمر الذي يسهم في تقليل فجوة الفهم بين الحاكم والمحكوم.
أما البعد الثاني، وهو المشاركة السياسية، فيشكل ركيزة أساسية في استراتيجيته. فالإيمان بأهمية إشراك المواطنين في صنع القرار وتعزيز دورهم في الحياة العامة يؤدي إلى بناء جسور من الثقة بين الحكومة والشعب وهو البعد الثالث. يعكس هذا التوجه إدراكًا عميقًا بأن الحكومة القادرة على تحفيز المواطنين للمشاركة بفاعلية بحكومة أكثر استقرارًا واستدامة.
ولذلك، يعمل حسان على تعزيز الحوار مع مختلف الفئات المجتمعية، وتشجيع المبادرات التي تسهم في إدماج الشباب في الشأن العام، لا سيما من خلال تفعيل دور مراكز الشباب وتطوير البرامج الوطنية التي تستهدف إشراكهم بطرق أكثر فاعلية.
في إطار جهوده لتعزيز هذه الأبعاد، يقوم حسان بجولات ميدانية مكثفة تشمل المدارس والمراكز الصحية، وهي زيارات يفترض أن يقوم بها الوزراء المعنيون. لكن إصراره على الحضور شخصيًا يعكس فلسفة جديدة في الحكم تقوم على التقرب من المواطنين، والاطلاع المباشر على واقع الخدمات المقدمة لهم.
فمن خلال هذه الجولات، يتاح له فرصة التفاعل مع المواطنين والاستماع إلى آرائهم ومقترحاتهم، مما يعزز عملية التغذية الراجعة، وبالتالي يسهم في تحسين أداء المؤسسات الحكومية وتوجيهها بما يتماشى مع احتياجات المجتمع الفعلية. كما تساعد هذه الزيارات على تعزيز الرقابة المباشرة على سير العمل في المرافق العامة، وتوفير حلول فورية لبعض المشكلات الطارئة، مما يعكس التزامًا حكوميًا جادًا بالارتقاء بمستوى الخدمات وتحقيق تطلعات المواطنين بشكل عملي وفعال.
إلى جانب ذلك، يدرك حسان أن الأردن يواجه تحديات جسيمة، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي، إلا أن نهجه يقوم على تحويل هذه التحديات إلى فرص من خلال الاستثمار الأمثل للموارد المتاحة وتعزيز الجهود التنموية.
فالبطالة والفقر من أبرز المشكلات التي تؤرق المجتمع الأردني، ولكن حكومة حسان تعمل على خلق بيئة استثمارية جاذبة تعزز من فرص العمل وتسهم في تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين. في هذا السياق، يتبنى حسان سياسات اقتصادية تهدف إلى تحفيز القطاعات الإنتاجية ودعم ريادة الأعمال، مما يساعد على توفير فرص عمل جديدة والحد من معدلات البطالة.
كما يركز على استقطاب الاستثمارات الأجنبية وتسهيل الإجراءات البيروقراطية، مما يعزز النمو الاقتصادي، ويؤدي إلى تنمية شاملة تسهم في تحقيق الاستقرار الاجتماعي، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة بوصفها محركًا أساسيًا للاقتصاد الوطني.
فيما يتعلق بالشباب، فإن رؤيته تتجلى في ضرورة تفعيل دورهم في المجتمع وإشراكهم في عمليات صنع القرار، حيث يدعو إلى إعادة هيكلة وتفعيل مراكز الشباب بحيث تصبح منصات حقيقية للتمكين والتدريب والتأهيل.
كما يشدد على أهمية تطوير السياسات الوطنية الخاصة بالشباب، بحيث تستجيب لاحتياجاتهم الفعلية وتوفر لهم الفرص المناسبة للنجاح والمساهمة في التنمية الوطنية. إن التفاعل المستمر مع الشباب والاستماع إلى تطلعاتهم يمكن أن يسهم في خلق جيل أكثر وعيًا وانخراطًا في بناء مستقبل البلاد.
وفي هذا السياق، يقوم حسان بزيارات متكررة إلى البوادي والقرى والمدن، حيث يلتقي بالشباب مباشرة، يستمع إلى آرائهم، ويطلع على التحديات التي يواجهونها، مما يمكنه من صياغة سياسات أكثر شمولية تلبي تطلعاتهم وتسهم في تعزيز دورهم في المجتمع.
في المجمل فإن نهج الدكتور جعفر حسان يعكس تحولًا مهمًا في طبيعة العمل الحكومي، حيث يعتمد على الشفافية والمشاركة الميدانية والتفاعل المباشر مع المواطنين. وهو بذلك يضع أسسًا جديدة لعلاقة أكثر توازنًا بين الحكومة والمجتمع، تقوم على الثقة والتعاون المتبادل.
ومن خلال تعزيز مبدأ الحوكمة الرشيدة، يسعى حسان إلى تحسين الأداء الحكومي وضمان تقديم خدمات ذات جودة عالية تلبي تطلعات المواطنين. كما أن تركيزه على التنمية الاقتصادية والاجتماعية يسهم في تعزيز استقرار البلاد، مما يساهم في خلق بيئة سياسية أكثر توازنًا واستدامة.
وفي ظل التحديات القائمة، فإن هذه المقاربة قد تكون المفتاح لتحقيق استقرار سياسي واجتماعي واقتصادي أكثر استدامة، مما يجعل الأردن أكثر قدرة على مواجهة المستقبل بثقة وتفاؤل، ودفع عجلة التنمية نحو آفاق أكثر إشراقًا.