نبض البلد -
أحمد الضرابعة
رغم قلة أعداد الأردنيين المشاركين في تشييع جثماني أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، وخليفته هاشم صفي الدين، إلا أنهم حاولوا تضخيم حضورهم وموقفهم السياسي، برفع العلم الأردني وسط حشود المُشيّعين، لتمرير رسالة مزيفة، مفادها أن الشعب الأردني مُلتحم مع حزب الله في السراء والضراء، ويقف معه في خندق واحد، تحت راية "المقاومة" التي تحولت إلى حصانة تُتيح لحاملها المجاهرة بمواقفه السياسية المعادية للأردن ومصالحه، استجابةً لمتطلبات المرحلة، وفق تصوراته.
الذين حزموا أمتعتهم من عمّان إلى بيروت، لتأدية واجب العزاء، التزامًا منهم بالاندماج في محور "المقاومة"، ووحدة الحال بين مكوناته التي يبدو انها بدأت تتفكك، يستحقون التعزية بذواتهم، بعد أن خسروا ثقلهم الاجتماعي قبل السياسي، ووقوفهم باتجاه معاكس لإرادة قواعدهم الشعبية التي كانوا في نظرها رموزًا وطنية، وبالتالي، فإن اندفاعهم الأيديولوجي غير المحسوب في التعاطي مع الأحداث والقضايا العربية، وقُصر نظرهم السياسي، وانحيازهم لمحاور سياسية تهدد المصالح الوطنية الأردنية، قد يتسبب في تجريدهم من الدعم الشعبي، وهو ما سيؤدي بالضرورة، لإفقادهم مكانتهم.
يجب أن يدرك هؤلاء، أن إصرارهم على التمسك بأيديولوجياتهم، وفشلهم في تقدير مواقفهم، حكم عليهم بالتيه السياسي، وهو ما قد يضعهم في نهاية المطاف، أمام نتائج قد تكون صعبة على المستوى الشخصي، ومن هنا فإنهم، مُطالبون بإجراء مراجعات فكرية دقيقة، تتيح لهم رؤية أصدقاء الأردن وأعداءه بعيون واقعية، دون أن يتحايلوا على ذواتهم، وأن يعيدوا تموضعهم في الصف الوطني الأردني، ويصححوا مواقفهم وسياساتهم، ويتجنبوا الوقوع في المزيد من الأخطاء، والتصادم مع الإرادة الرسمية والشعبية.
حتى هذه اللحظة، يمكن توجيه النصح السياسي بهدوء، ولكن، لا أحد يدري، ما هي اللحظة التي سيتم فيها استخدام سلطة القانون، لترجمة الانتقاد الملكي لمتلقي الأوامر من الخارج، إلى إجراءات.