نبض البلد -
حاتم النعيمات
منذ أن أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحرب على أوكرانيا في 24 شباط عام 2022، تفجرت أحداث وصراعات متعددة على مستوى العالم، حيث امتدت آثار هذه الحرب إلى ميادين مختلفة، مثل أوروبا، والشرق الأوسط، وأفريقيا، وآسيا الوسطى.
وإذا أخضعنا المشهد لمعيارٍ أساسه من استفاد ومن خسر؟ فسنفهم أن هذه الحرب انعكست على معظم الأحداث العالمية، وخصوصًا ما جرى في الشرق الأوسط، حيث نشأ نزاع غير مباشر بين إسرائيل وإيران عبر وكلاء، ما أدى في النهاية إلى تقليص توريد الأسلحة إلى أوكرانيا، وهو ما أكده الرئيس الأوكراني زيلينسكي نفسه. وهناك أمثلة أخرى على بؤر صراع مرتبطة بما يحدث بين روسيا وأمريكا على الساحة الأوكرانية، من أبرزها التفاهمات في سوريا بشأن الوجود الأمريكي في الشرق والروسي على ساحل المتوسط.
القاعدة الأساسية في العلاقات الروسية-الأمريكية تتمثل في استحالة المواجهة المباشرة، وبالتالي، فإن الصراع بين هاتين الدولتين يكون عادةً عبر وكلاء أو دول من الصف الثاني. لذا، فإن شكل العلاقة بين روسيا وأمريكا سيؤثر بعمق على العلاقات والصراعات بين الدول الأخرى.
اليوم، هناك أخبار شبه مؤكدة عن اجتماع قمة سيعقد بين بوتين وترامب على أرض المملكة العربية السعودية، ويأتي هذا اللقاء على ما يبدو ضمن استراتيجية إنهاء الصراعات التي تبنّاها ترامب منذ حملته الانتخابية. هذا الاجتماع مهم؛ لأنه يعني نزع فتيل صراع غير مباشر عابر للجغرافيا بين أكبر قوتين في العالم، إذ من الصعب عزل حلفاء كل من هاتين القوتين عن دائرة الصراع.
اللافت أن مبعوث الإدارة الأمريكية للشرق الأوسط، "ستيف ويتكوف”، سيكون ضمن الوفد الأمريكي الذي سيلتقي الروس في الرياض، ويضم الوفد الأمريكي وزيري الدفاع والخارجية، وفقًا لما أفادت به صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية. وجود "ويتكوف” يشير إلى أن ملفات الشرق الأوسط ستكون حاضرة في المباحثات.
الأردن سيكون من الدول التي ستتأثر بشكل كبير بنتائج هذا اللقاء، إذ لا يمكن فصل الأوضاع في فلسطين وسوريا والعراق عن توازنات العلاقة الروسية-الأمريكية؛ فإيران، باعتبارها وكيلة روسيا، وإسرائيل، بصفتها وكيلة أمريكا، تمثلان جوهر الصراع القائم في المنطقة، لا سيما في الدول الثلاث المجاورة للأردن.
إن توقف الحرب الروسية-الأوكرانية سيكون له انعكاس مباشر على تهدئة الأوضاع في المنطقة، خصوصًا أن اللقاء سيُعقد على أرض المملكة العربية السعودية، الجارة الشقيقة، التي تلعب اليوم دورًا عالميًا مهمًا يمنحنا زخمًا إضافيًا بعد ما أثبتناه من تفوّق دبلوماسي خلال الزيارة الأخيرة لجلالة الملك إلى واشنطن.