نبض البلد -
أحمد الضرابعة
منذ بدء المشكلة الفلسطينية، وتَحوّلها إلى قضية يُنظر بشؤونها في الهيئات الدولية والأممية، قدًّم الأردن جهودًا سياسية وعسكرية بارزة، في سبيل الدفاع عنها، ومع ذلك، لطالما فُسّرت الجهود الأردنية بسوء مُتعمد، وهو ما رسّخ انطباعات ومواقف سلبية في الذهنية العربية حول الأردن وسياساته وتحركاته، الأمر الذي بدا مؤخرًا أنه لم يكن مرتبطًا بمرحلة تاريخية انتهت بكل تفاصيلها، وإنما امتدت لتشمل المرحلة الراهنة وأجيالها، وبالتالي، أصبح من الواضح، أن هناك من يسعى في كل مرحلة إقليمية، لتنميط الأردن وفق سمات وخصائص لا تمت لحقيقة الأردن وتاريخه الوطني والقومي بِصلة، ومن الممكن إدراج أمثلة عديدة على ذلك، من حقب سياسية وتاريخية مختلفة.
كما أن بعض الحملات الإعلامية لم تكتفِ بمهاجمة الدولة الأردنية ومؤسساتها ورموزها، بل وصل بها الأمر أن تُزايد على الشعب الأردني ذاته، وتسعى لتثويره ضد الحكم الهاشمي الذي ما زال يمد جذوره في عمق الشعب الأردني، رغم محاولات الفصل بينه وشعبه في المحتوى الإعلامي الذي يصدر عن أنظمة وتنظيمات سياسية عديدة.
وهذا يضع الأردنيين، على المستويين، الرسمي والشعبي، معًا، في مواجهة مهمة، عنوانها، ترميم صورة الأردن في الفضاء العربي، التي تتواصل محاولات تهشيمها، من قبل الأنظمة والتنظيمات السياسية المأزومة، التي تطمح لتكييف الأردن ليصبح قابلاً لاستيعاب مشاريعها، أو محاصرته بالدعاية الإعلامية واستنزاف رصيده القومي في حسابات الرأي العام العربي، كانتقام إعلامي منه، في حال عدم استجابته لطموحاتها.
وسط كل محاولات تنميط الأردن المستمرة، والإصرار على ترديد المغالطات السياسية والتاريخية حوله لنزع صدقية مواقفه الداعمة للقضايا العربية، على رأسها القضية الفلسطينية، فإن الماكينة الإعلامية الأردنية ما تزال منزوعة التأثير خارج الحدود الأردنية، رغم وجود كفاءات محلية قادرة على بناء سردية وطنية مُحكمة، وأجهزة إذاعية وتلفزيونية عديدة ويُصرف من أجلها ملايين الدنانير، ومنصات رقمية حديثة، ومواقع إخبارية رسمية وشبه رسمية وخاصة، ولكنها لم تنجح بعد في وقف استباحة الأردن إعلاميًا، وعليه، تبرز الحاجة إلى وضع استراتيجيات إعلامية تعزز الصورة الإيجابية للأردن، وتدحض المغالطات المنتشرة حوله، بشكل عاجل، وعدم السماح بتقزيم الدور الأردني، تحت أي طائل.