بعيدًا عن العمل كالمعتاد: كيف ننوع الأسواق والمنتجات التصديرية ؟ وهل الانضمام لمنظمة بريكس جزء هام من الحل؟

نبض البلد -

جمال الحمصي

في اقتصاد السوق الأردني، فإن للسياسة الصناعية والمالية الوطنية، وللسياسة التنموية الأردنية عمومًا، مساهمة كبيرة في التحوّط ضد المخاطر المستقبلية بكافة أنماطها، بما فيها مخاطر التركّز في الأسواق والمنتجات التصديرية وضعف تنويعها جغرافيًا وسلعيًا، وكذلك تركّز مصادر التمويل الخارجي والتنموي. هذا يشمل أيضًا توزيع المحفظة الاستثمارية لأموال الضمان الاجتماعي وتركّزها في السندات (سندات الخزينة) بنسبة كبيرة تفوق حاليًا النصف (58% تحديدًا) من إجمالي موجودات الضمان .

ومبدأ التنويع هو من مبادئ الإدارة التنموية والمالية والاستثمارية الحصيفة والاحترازية، ويقضي بعدم وضع كافة "البيض" في سلة واحدة. وتتضاعف أهمية هذا المبدأ الداعم للتنافسية والمتانة، بعيدًا عن الهشاشة، في ضوء الواقع الدولي والإقليمي الراهن والمضطرب، حيث التقلبات الحادة والمتتابعة أصبحت أشبه بالقاعدة والأصل، بدلًا من كونها الاستثناء والخروج عن القاعدة.

باختصار، التنمية الوطنية المستدامة تتطلب تحقيق الحد الأدنى من التنمية المستقلة والمنوعة (انظر مقال سابق للكاتب مطلع 2024: التنمية العربية المستقلة مقابل التحديات الوجودية والمعيشية والسلطوية المتفاقمة.. نحو تفكير تنموي جديد وبعيد عن التبعية الكاملة للغرب، في صحيفة رأي اليوم اللندنية).

وبالتركيز على موضوع تنويع الصادرات السلعية في الأسواق الدولية وعددها 220 سوقًا، وحسب آخر إحصاءات التجارة الدولية لعامي 2024 و2023 يستحوذ أكبر سوقين تصديريين عالميين نحو 36% من اجمالي الصادرات السلعية الأردنية. هذا يشكل تركّزًا عاليًا وعلى الاستراتيجية الوطنية للتصدير 2023-2025 أن تخفف بالتدريج وبقوّة من هذا التركّز الخطر ضمن مؤشر أداء تشغيلي وصريح وملزم، ومُتابعة أيضًا من قبل الأجهزة الرقابية للملف الاقتصادي.

وكذلك على السياسة الصناعية الأردنية (2024-2028) أن تساند هذا التوجه الاستراتيجي الداعم للتنويع، وما يتطلبه بالضرورة من تنويع المنتجات التصديرية وتطوير تنافسيتها تكلفة وسعرًا ونوعية وانتقائية جغرافية، وكذلك توفير الحوافز المالية والرقابية والمعلوماتية للقطاع الخاص لتوسيع الأسواق القائمة (بعيدًا عن التركّز التصديري أعلاه) ولاقتحام أسواق عالمية جديدة وواعدة وأيضًا تنويع المنتجات التصديرية غير التقليدية.

ومن المقترحات التي أراها جديرة بالدراسة حاليًا من قبل وزارة التخطيط والتعاون الدولي الانضمام إلى منظمة بريكس الدولية للدول الناشئة، كما فعلت دول عربية وإسلامية عديدة (مصر والإمارات العربية المتحدة وإيران وإندونيسيا وأثيوبيا) كخيار استراتيجي ينوّع الأسواق العالمية ومصادر التمويل الأجنبي وغيرها من الأبعاد الاستراتيجية.