أحمد الضرابعة
يُجري رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مباحثات مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الثلاثاء في البيت الأبيض، ليكون بذلك أول زعيم يُقابله - كما تنشر وكالات الأنباء -، وهذا يبرز أهمية العلاقات مع إسرائيل ومصالحها لدى الإدارة الأميركية.
الملفات التي يحملها نتنياهو في جعبته، سيحدد التوافق الأميركي - الإسرائيلي بشأنها إن تم، المسار الذي سيتجه إليه الشرق الأوسط، وهي تشمل ملف المفاوضات مع حركة حماس، ومستقبل الحكم في قطاع غزة، ومواجهة ما تبقى من "محور المقاومة"، وآلية التعامل مع إيران في المرحلة المقبلة، لنزع قدراتها النووية، وتفكيك شبكة نفوذها الإقليمية.
تكمُن خطورة هذا اللقاء، بالنسبة للأردن، أنه يأتي بعد أيام من التصريح الثالث للرئيس الأميركي ترامب حول تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأردن ومصر، دون أن يُقدّم خطة عملية تجعل تصوّره واضحًا، وبالتالي، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، سيستغل هذا اللقاء لتعزيز هذه الفكرة ودفعها قُدمًا، وجعلها تبدو واقعية في المنظور الأميركي، عن طريق إجراءات يقترحها، مما يزيد الضغوط على الأردن ومصر للقبول بهذا السيناريو الذي يزيح العبء الديموغرافي عن كاهل إسرائيل، ولا يعني هذا بالضرورة، نجاحًا إسرائيليًا مطلقًا في استثمار هذه الفكرة، فعلى الطرف الآخر، يقف الفلسطينيون، ومن خلفهم الأردن ومصر، لرفض التهجير، وهم يمتلكون الأدوات العسكرية والسياسية والدبلوماسية التي تجعل موقفهم أكثر صلابة.
من ناحية أخرى، إن دوائر صنع القرار الأميركي، متعددة ومعقدة، وتشمل العديد من الجهات والمؤسسات التي تلعب أدوارًا في صياغة السياسات الخارجية للولايات المتحدة الأميركية، وهي التي تمثل ما يُعرف بـ "الدولة العميقة"،وهذا يجعل التنسيق والتوافق الشخصي بين الرئيس الأميركي وأي نظير له، غير حاسم إلى حد كبير في بلورة اتجاه أميركي محدد تجاه أي قضية إقليمية أو دولية، رغم أنه قد يعزز الثقة والتفاهم، لكنه لا يضمن حدوث تغيير كبير في السياسات، وبالتالي، فإن الفرص متاحة أمام الأردن ومصر، والدول العربية، لرفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، عن طريق إحداث اختراقات دبلوماسية متعددة، مع الجهات المهمة داخل النظام السياسي الأميركي، لمنع حل التحديات التي تخلقها إسرائيل، على حساب أمنهما القومي، وعليه، لم يُعدم الأردن، ولا مصر، الوسائل التي تمكنهما من المناورة الدبلوماسية للصمود في وجه العاصفة "الترامبية".