معركه جنين ؛

نبض البلد -
 
د. حازم قشوع
 
هي الاسم الأول لفلسطين ؛ وهي عنوان الصمود والتصدي، وهى التى يعول عليها فى كبح جماح الفكر التوسعي الإسرائيلي بالضم بعنوان ضم شمال الضفة من مركز جنين، وهذا ما جعل من كتائب شهداء الاقصى التابعة لحركة فتح تقوم بقيادة حركة المقاومة فى جنين، والتضامن مع الجهاد وحماس وشباب والمخيم وحركة الثأر والتحرير وذلك بالتصدي لهذه السياسات التوسعية التي تنتهجها آلة الحرب الإسرائيلية بنفس المسارات العسكرية التي كان يتبعها الاحتلال فى بيت حانون في شمال قطاع غزة، لكونها تتم بذات القيادة من قبل ميليشيات يهودا هاتورا والقوات الخاصة لنحال والتى كانت تقوم سياستها على العزل والحصار لفصلها عن جسمها الواصل، وهذا ما جعل من حالة الاقتتال تكون محتدمة مع دخول كتائب الأقصى في نابلس البلدة القديمة.
 
ولعل قوات الاحتلال التي راحت لتزج ب20 كتيبة فى معركة جنين تقوم بعدوانها غير المبرر لا بالقانون الدولي الذي لا يسمح لها بذلك ولا بالمناخات السلمية السائدة بالضفة التى لا تنم عن عدوانية، لكنها جاءت إثر قرار غير مدروس صدر عن إدارة ترامب برفع العقوبات عن قطعان المستوطنين الأمر الذي جعلهم يقودون معركة لتحرير "يهودا والسامرة" على حد وصفهم، وهذا ما يجعل من الدواعي السياسية لهذه المعركة يتحمل مسؤوليتها الرئيس ترامب شخصيا اثر قراره الجائر فى اليوم الأول للحكم، الذي راح فيه يرفع العقوبات المفروضة على المستوطنين بقرار من الإدارة الأمريكية السابقة لارتكابهم جرائم حرب وحشية ضد الشعب الفلسطيني في تداعيات سابقة، عندما كان يقودها الوزير الاسبق بن غفير والذى كان يقوم على تحريضهم لارتكاب أفعال جرمية الأمر الذي يجعل من إدارة الرئيس دونالد ترامب تتحمل بطريقة ضمنية ما تقوم به آلة الحرب العسكرية فى معركة جنين.
 
وهى المعركة التى تتم فى مدينة جنين أي في مناطق A التى من المفترض أن تكون تحت السيطرة الفلسطينية المطلقة منذ تفاهمات أوسلو، وما ذهبت إليه الاتفاقات البينة بهذا الاتجاه بين السلطة الفلسطينية وحكومة تل أبيب، لكن سياسة الاستعلاء والتدمير التى تنتهجها حكومة نتنياهو مازالت قائمة على التهجير والاحتلال، وهي مازالت متبعة بمنهجية الفكر التوسعي الإسرائيلي الذي تقف عليه سياساتها بعناوين قضم الأرض وتهجير سكان الضفة، وهي ذات السياسة التي تشكل عنوان تحركها، وهذا ما جعل من قوات الاحتلال تقوم بهذه الافعال التوسعية غير أبه بالقرارات الدولية وغير صاغية لكل الدعوات التى مازالت تنادي بالكف عن هذه الممارسات العدوانية والتي لن تفضى لتحقيق معادلة امنه لها، لا من الناحيه السياسيه ولا من الناحية الأمنية.
 
إن معركة جنين وهى تكشف زيف الاحتلال وتسقط ورقة التوت عن حقيقة أمره، إنما لتؤكد كما دأب الشعب الفلسطيني يؤكد ان مقاومة الاحتلال حق تكفله الأعراف الدولية والحقوق الانسانية، وان حكومة التطرف مهما فعلت لن تنال من إرادة الشعب الفلسطيني الواثق من تحقيق الردع والانتصار على المحتل مهما بلغ جبروته، فالشعب الفلسطيني كما كان عليه حاله  في غزة سيبقى يشكل ذات العنوان بالضفة وإن اختلفت الوسائل وتعددت الأوجه، فإن وجهه الشعب الفلسطيني هي وحدة واحدة ومبينه تقوم على وحدة التحرر و جلاء المحتل، وأن اية معادلة سياسية يراد اسقاطها على الشعب الفلسطيني لن تمر من دون الاعتراف بحقوقه المشروعة مهما حملت من تفاهمات بين "ديختر و غالانت وغانتس" و جون رادكليف مدير المخابرات الأمريكية الجديد.
 
أما عن مسألة حمل الفصائل الفلسطينية بالضفة الغربية لعناوين السلاح الخفيف، فإن هذا السلاح يحمله قطعان المستوطنين أيضا وليس فقط رجال المقاومة من العدالة بمكان إخراج كل أنواع السلاح من المستوطنين كما من المقاومين وسط حل شامل يراد تنفيذه ويجرى ترسيمه بعناوين المسارات الأمنية لإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، فإذا كان الأمر كذلك فإن المستوطنين قبل غيرهم من المفترض أن لا يقوموا بحمل السلاح بالضفة الغربية والقدس وأن تكون الجهة الوحيدة المخولة بحمل السلاح هى السلطة الفلسطينية، لكن قبل هذه المرحلة الشاملة فإن من حق الشعب الفلسطيني الدفاع عن نفسه ضد قطعان المستوطنين ومليشياتهم التى تقوم بقطع الطرق وترويع السكان بقصد الترحيل والتهجير للسيطرة وتثبيت شرعية الاحتلال.
 
ان الاردن الذي تربطه علاقة عضوية بالضفة الغربية، كما تربط نظامه الهاشمي علاقة تاريخية فى القدس، لن يقف صامتا إزاء هذه العدوانية المغرضة التي تستهدف تأجيج المنطقة مرة اخرى بعدما قامت إدارة الرئيس ترامب بتهدئتها، كما يجب على الحكومة الإسرائيلية إفهام المستوطنين بان رفع الحظر عنهم هذا ليس مكافأة لهم لكنه جاء مع صفقة وقف إطلاق في غزة، وهذا ما يجب أن يكون معلوم عند قطعان المستوطنين كما هو معلوم للقيادة الإسرائيلية التي عليها واجب وقف حالة تدهور الأوضاع فى جنين ووقف سياستها العسكرية المتبعة، حتى تستطيع المنطقة لاستثمار مناخات الهدوء التي ينادي بها الرئيس دونالد ترامب من أجل وصول الجميع إلى مرحلة سلمية تنهي الاحتلال وتنهى الازمه الفلسطينيه وتعطى للرئيس ترامب ما يصبوا إليه بعنوان جائزة نوبل السلام.