الدكتور محمود عواد الدباس

لقاء البرلمان البريطاني مسموح لكن السفير مرفوض؟

نبض البلد -
د.محمود عواد الدباس

 

موقفان سياسيان اثنان خلال أربعة شهور تقريبا يوضحان كيف ينظر نواب حزب جبهة العمل الإسلامي إلى العلاقة مع بريطانيا. الموقف الأول تمثل برفض دعوة السفير البريطاني في عمان الذي وجه دعوة لنواب المجلس النيابي الحالي للاجتماع معه. كان ذلك في (24-9-2024 م). وقتها رفض نواب العمل الإسلامي حضور اللقاء وكان سبب رفض الدعوة وحسبما ورد على لسان الناطق الرسمي باسم الكتلة وهو النائب ينال فريحات (... إن المقاطعة لها عدة اسباب لكن أبرزها هو الموقف البريطاني الداعم للعدو في حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على قطاع غزة ….) . ننتقل إلى الموقف الثاني والذي كان في يوم الاحد (19-1-2025 م). حينما شاركت النائب الدكتورة ديمة طهبوب والنائب المهندسة راكين ابو هنية وهما من أعضاء كتلة نواب حزب جبهة العمل الإسلامي وبموافقة الحزب في الالتقاء مع وفد يمثل مجلس العموم البريطاني الذي يزور مجلس النواب الأردني لإجراء عدة لقاءات داخل مجلس النواب.

بكل تأكيد ونتيجة لبعض الانتقادات التي طالت مشاركة النائب الدكتورة ديمة طهبوب والمهندسة راكين ابو هنية من مواطنين مؤيدون لحزب جبهة العمل الإسلامي. أصدرت طهبوب توضيحا نشر على صفحتها الفيسبوكية وتناقلته وسائل الإعلام في تبرير أو توضيح لما تم حيث قالت (...أن بعض أعضاء وفد مجلس العموم البريطاني الذي زار مجلس النواب هم من الداعمين للقضية الفلسطينية ودليل ذلك تصويتهم على هذا الموقف داخل مجلس العموم البريطاني….). مضيفة (... أنها وخلال اللقاء عرضت وجهة نظر حزب جبهة العمل الإسلامي والمتمثل في الاعتراض على السياسة البريطانية في دعم الاحتلال وتسليحه أثناء الحرب على غزة… مع المطالبة بتوقف بريطانيا عن ذلك…).

اليوم كيف نقرأ هذان الموقفان في التعامل مع ذات الجهة. هل هما موقفان متناقضان. أم هل هما موقفان متناغمين. حسب تحليلي الشخصي واستنادا إلى المنهجية التي تسير عليها طهبوب فهما موقفان متناغمان رغم التعارض الظاهري. ودليل ذلك هو (التاءات الثلاثة) التي تسير عليها طهبوب بحسب ما نشرته في صفحتها الفيسبوكية (تكثير الاصدقاء. تقليل الأعداء. تحريك المحايدين). ترجمة لذلك من وجهة نظري فقد رفض نواب الحزب لقاء السفير البريطاني لأنه يمثل موقف الحكومة البريطانية وهو موقف منحاز إلى إسرائيل في المقابل يتم الموافقة من الحزب على حضور بعض أعضاء كتلة نواب الحزب للقاء مع وفد يمثل مجلس العموم البريطاني الذي يضم مؤيدين ومعارضين لإسرائيل كون مجلس العموم ليس له سلطة تنفيذية. والهدف من المشاركة في ذلك اللقاء هو التأثير الذي يمكن أن يقوم به نواب مجلس العموم على قرار الحكومة البريطانية يعزز ذلك أن الحكومة هنالك هي حكومة برلمانية فالوزراء هم من النواب. بكل تأكيد أن هذا التفكير من وجهة نظري مرة أخرى قد يكون مقبولا من فئة وقد يكون مرفوضا عند آخرين من داخل الحزب سواء أنهم كانوا نوابا أو أعضاء حزب وربما من الداعمين للحزب. توضيحا لذلك ربما يكون التيار الآخر داخل الحزب وهو التيار المعارض للمشاركة في اللقاء مع نواب مجلس العموم البريطاني يذهب نحو مقاطعة اللقاء مع وفد من مجلس العموم البريطاني احتجاجا على قيام بريطانيا بدعم إسرائيل ووقتها قد يكون التأثير أكبر من مجالستهم وعرض وجهة نظر الحزب عليهم؟. والمؤكد أن وجود رأيين اثنين حسب رأيي هو ما دفع طهبوب لتبرير أو توضيح وجهة نظرها.

في المقارنة بين الموقفين (المقاطعة هنالك والمشاركة هنا) فالملاحظ أنه وفي موقف مقاطعة لقاء السفير البريطاني كانت القواعد الشعبية المؤيدة لحزب العمل الإسلامي مرتاحة لهذا القرار. فلم نسمع صوت ينتقد قرار المقاطعة. لكن في لقاء وفد من مجلس النواب البريطاني سمعنا اصوات من المؤيدين لحزب جبهة العمل الإسلامي تنتقد وتعترض على ذلك.

في المقارنة ما بين النائب الدكتورة ديمة طهبوب و النائب المهندسة راكين ابو هنية. اقول انه وفي العديد من المحطات البعيدة والقريبة تظهر طهبوب بمواقف تبقيها تحت مظلة الإخوان المسلمين لكنها في ذات الوقت تقربها قليلا من موقف الدولة. أما فيما يتعلق بالنائب المهندسة راكين أبو هنية فهي تسير على خطى طهبوب في أسلوب اللقاء وفي مرونة الحركة مع أن المهندسة راكين لا تزال أقرب إلى الخطاب الديني منه إلى السياسي. تعود معرفتي البسيطة بها إلى ما قبل دخولها في المجلس النيابي الحالي. وكان ذلك خلال إحدى التدريبات على المشاركة السياسية للنساء والتي قمت بها مع اللجنة الوزارية لشؤون المرأة. كانت المهندسة راكين هي إحدى المشاركات. في ذلك اليوم استوقفني غرابة اسمها الاول. وقد سألتها عن ذلك. ايضا من يومها أدركت قوتها في الجدل السياسي. ويومها أيضا وبعد حوارات معها أمام المشاركات قلت لها انتي خليفة الدكتورة ديمة طهبوب. لكن الأقدار شاءت أن يكونا معا في البرلمان الحالي.

ختاما . فإن مجمل ما يتم سياسيا خلال الشهور الأربعة الماضية منذ ظهور نتائج الانتخابات البرلمانية والى الان يؤكد حقيقة أن نواب العمل الإسلامي بارعون في تبادل الأدوار بين بعضهم البعض وبما يخدم أهداف الحزب . سواء في التأييد أو المعارضة وسواء في مقاطعة اللقاءات الرسمية أو في حضورها . المواقف تأتي منهم . فيما تأتي بقية المواقف الأخرى كردة فعل على مواقفهم ؟. بقى أن أذكر أنني حينما اكتب عن الإسلاميين فأنا افعل ذلك عموما ليس من بوابة التوافق معهم أو الاختلاف . إنما تأتي الكتابة عنهم . استنادا إلى أهميتهم السياسية و فوق ذلك خبرتي السياسية معهم وخبرتي البحثية عنهم .