الوضع الإقتصادي وما يمكن إنقاذه...

نبض البلد -


عندما يقع المواطن بصورة ما بين فكي الكماشة، من جهة هناك سعي الحكومة الحثيث لتنظيم القطاع المالي في المملكة، وماذا سيجر على الإقتصاد في الوطن، وعندما تسعى وزارة المالية من خلال اجنحتها المختلفة سواء الضريبة او الضمان او الجمارك لتنظيم تدفق الإيرادات لخزينة الدولة.

والمشاركة بحصة من الكعكة الموجودة على أرض الوطن، ولا ضير في ذلك إذا كان هناك تقدير حقيقي للواقع الإقتصادي في الوطن، ولكن عندما نريد فرض نظام فوترة على المنشأت الخاصة، وهي تتعامل بشكل مباشر مع قطاعات من الوطن لم تخضع بعد للتنظيم.

وماذا يعني تنظيم هذه القطاعات هنا، خذ ميكانيكي وكهربائي ودهين ومواسرجي ومعلم بناء وعامل بناء، ومحال صغيرة تعمل على تزويد الخدمة لهذه المنشآت، ضمن اسعار تعتبر قليلة جدا نسبيا، ولكن لأنه ليس هناك مفهوم تنظيم فهذه المبالغ تكفي لتأمين حياة كريمة لهذه الفئة.

 فهو بصورة ما غير خاضع للضمان، وذلك يعني زيادة ربع الدخل تقريبا، حتى يستطيع الإشتراك بخدمات الضمان الإجتماعي، وليس خاضعا للضريبة بصورتها الكاملة، وهذا يعني نسبة قريبة من ربع الدخل أيضا، وهو ليس شركة وبالتالي يحتاج إلى التسجيل في مراقبة الشركات او غرفة التجارة مع ما يرافق ذلك من رسوم، وهنا عند ظهور كل هذه التكاليف الجديدة، فهو يحتاج إلى محاسب قانوني ومكتب تدقيق قانوني، وكل هذه التكاليف الإضافية.

ستجعل سوق العمل ينقسم إلى قسمين، الأول هو الذي يستطيع تنظيم نفسه، ويتحمل كل هذه الكاليف الإضافية، والتي سيضيفها لاحقا على الجهات المتعاملة معه، والثاني هو الذي لا يستطيع تنظيم نفسه، وهذا سيخسر قطاع مهم هو قطاع المنشأت التي تتعامل رسميا مع الضريبة، حيث ان الضريبة ترفض الإعتراف بهذه النفقات غير المفوترة ضريبيا، وهذه الفئات الثلاث ستتعرض لنفقات مالية كبيرة.

 يرافق ذلك سعي وزراة العمل لإنصاف العمالة في الوطن، ورفع مستوى دخلها إلى الحد الذي تستطيع فيه الحياة، مع إصراري بأن الحد الأدنى للرواتب الحالي لا يؤمن حياة كريمة للمواطن،  وبوضعه الحالي سيكون له أثار كبيرة على مستقبل الحياة في الوطن، لأنه في ظل هذه الرواتب المتدنية ستحجم فئة كبيرة عن الحركة في الحياة.

وما أقصده هنا هو تلك الحركة التي تفتح بيتا وتشكل أسرة ، وتساهم في إقتصاد الوطن، من حيث تشكيل الأسر الجديدة يساهم في خلق فرص ونفقات وأبواب إستثمار مختلفة من بقالة إلى مستشفيات إلى مدارس إلى بناء إلى أثاث وألبسة وكل شيء يخطر في بالك، حتى رغيف الخبز.

ولا ننسى النقابات والتي للأسف بدل ان تكون عامل مساعد في هذه الفترة اصبحت عبئا على الوطن، فكيف يستطيع موظف جديد دفع مبالغ إشتراك وتقاعد وباقي الخدمات الإضافية التي أخشى ان تصبح إلزامية كما أصبح التقاعد إلزاميا، وهنا نتكلم عن مبالغ اضافية تقع على عاتق الموظف والمنشأة، ونتيجة لإرتفاع نفقات وديون هذه النقابات ، فهي تسعى بكافة السبل لإيجاد إيرادات غير قانونية ولا مبررة بنظري، فهي من هنا تحاول المشاركة في إدارة عقود العمل الإلكترونية كما حصل مع نقابة العاملين في القطاع العام، أو تحاول فرض العقود الورقية على هذه المنشآت كما كان يحدث سابقا، او تسعى للدخول بين الاطراف الإعتبارية المتعاقدة، لتفرض نوعا من الرسوم، أو لتحصل رسومها من هذه الجهات من خلال هذه العقود، بالإضافة إلى تحصيل نسبة من هذه الأموال، والتي هي بشكل مباشر ليس لها علاقة بها من حيث العمل او الإدراة، ولكنها ادخلت نفسها عنوة، عن طريق وزير هنا او هناك له علاقة مع هذه النقابات.

وهنا ونظرا لأن رفع الإسعار في ظل الوضع الإقتصادي القائم لن يكون متاحا، هل من المرجح أن يدخل الإقتصاد الأردني في ركود إقتصادي، ويكون هناك احجام عن فتح مشاريع والقيام بإستثمارات جديدة، وبالتالي لن يكون هناك خلق لفرص جديدة ، هذه الدندنة نسمعها وتزداد وتيرتها بشكل مطرد، رأس المال جبان شئنا ام أبينا هو جبان، وعندما يصبح العائد على المال في البنوك يفوق ما تكسبه هذه المشاريع خلال عام، من العمل والتطوير والرقابة والإجتهاد والتوظيف وأعباء كل ذلك، فلماذا يخرج من مخبئه ومأمنه ليساهم في إقتصاد وطن.

وإذا كان هناك رجال في الغرب يخدمون أوطانهم بدون مقابل مثل ترامب، فهناك رجال في الشركات العامة في الوطن يأخذون الملايين، ولماذا يأخذ هذا ولا يأخذ هذا، ولماذا يدفع هذا ولا يدفع هذا، لا بد من الإتزان بين دوائر الوطن المختلفة، وترك هامش لكل دائرة، فالمواطن لا يستطيع التنفس في ضوء ما تقدم، ويريد أن يتنفس قليلا، وليس هناك مجال ولا أمل في الأفق.

 والقطاع الخاص يأن تحت وطأة الضربات المتتالية، وليس هناك حماية حقيقية له ولا لإيراداته، وليس هناك ضوء في نهاية النفق بأن الحكومة لديها النية لسن قوانين تحمي هذه الإستثمارات وإيراداتها والفاقد الكبير فيها، مع تعدد سبل الحل ووسائله وبعيدا عن حبس المدين الذي يزعج الجميع، ولكن هل هناك نية حقيقية لدى الحكومة لحل هذه المشكلة، والحكومة هي أيضا تعاني وستكبر معاناتها في ضوء إجراءاتها الحالية والتي لا تساهم بخلق مجالات جديدة وفتح ابواب جديدة، وحل مشكلات قائمة تستطيع أن تحلها. 

الوضع الحالي يساهم في زيادة الضغط على الدوائر المختلفة في الوطن، وهناك فئات عريضة من المواطنين والمنشأت على وشك الإنهيار، فهل تحاول الحكومة، إيجاد طريقة تعيد فيها الإتزان لهذه المكونات الوطنية، وتقوم بدورها الحقيقي الغائب في ايجاد ذلك التوازن الذي يحافظ على الجميع وينقذ ما يمكن إنقاذه. 

إبراهيم ابو حويله...