نبض البلد -
"الزراعة" لـ"الأنباط": نعمل وفق استراتيجية تتكيف مع التغيرات المناخية
مزارعون: قد نتعرض لخسائر فادحة
الأنباط - رزان السيد
لا تخطئ عين المراقب حالة الانحباس المطري التي يشهدها الأردن خلال الموسم الحالي، ما يثير قلق ومخاوف المزارعين والمواطنين على حدٍ سواء لتأثير الأمر على جميعِ أطياف المجتمع.
تحديات متزايدة في ظلِّ المتغيرات المناخية تدقُ ناقوسَ الخطر، خاصة وأنَّ الأردن من أفقر دول العالم في المياه، وفقًا للمؤشرات العالمية، إذ تبلغ حصة الفرد نحو 60 مترًا مكعبًا سنويًا مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 500 متر مكعب، وهو ما يعادل أقل من 10% من معدلِ خط الفقر العالمي.
ويعتمد الأردن بشكلٍ أساسي على مياهِ الأمطار، للاستهلاك البشري أو للزراعة، وحتى الآن يعتبر الوضع مثيرًا للمخاوف، ما يعني أنه سيكون هناك مشكلة تتطلب إجراءات استثنائية، خاصة فيما يخص القطاع الزراعي، إذ يعتبر من القطاعاتِ الحيوية التي يعتمد عليها الكثير من الأسرِ الأردنية، إلا أنَّ التغيرات المناخية أثرت بشكلٍ سلبي على الإنتاج الزراعي.
وفي هذا السياق، قال الناطق الإعلامي لوزارة الزراعة لورانس المجالي لـ"الأنباط"، إن تحدي التغيرات المناخية أصبح واضحًا، وخاصة في القطاع الزراعي، حيث شَهدت الأعوام العشرة الماضية تغيرات، مثل الإزاحة المطرية، وانخفاض كمياتِ الأمطار، وارتفاع درجاتِ الحرارة في الصيف، ما أثر بشكلٍ سلبي على القطاع الزراعي وخاصة المحاصيل الحقلية مثل القمح والشعير، إذ تغيرت مواعيد الزراعة من شهرِ أيلول إلى شهرِ كانون الثاني، إضافة إلى انخفاض هذه المحاصيل بسبب قلة الهطول المطري خاصة في المناطق الشمالية والوسطى، وانعدامها في المناطق الجنوبية.
وتابعَ المجالي، أن وزارةَ الزراعة تعمل وفق استراتيجية حكومية على التكيف مع التغيراتِ المناخية، من خلال إنشاء آبار تجميع مياه في السلسلةِ الغربية للمملكة، وإنشاء سدود وحفائر ترابية وصلت إلى 150 سد وحفيره خلال عامين في السلسلة الشرقية، إضافة إلى ذلك تقوم الوزارة بمنحِ قروض بدون فوائد لتقنياتِ توفير المياه ودعم الزراعات التي تُعد أقل استهلاكًا للمياه.
وأكد أن الوزارة مستمرة على هذا النهج، إلى جانب الجهود التي تبذلها الوزارات الشريكة، مثل وزارة المياه والري، ووزارة البيئة.
من جانبٍ آخر، بين المزارع محمد الفهد خلال حديثه مع "الأنباط"، أنَّ الوضع المائي الراهن يثيرُ مخاوف المزارعين، إذ يعاني الأردن من تراجعٍ ملحوظ في كميات الأمطار السنوية التي يعتمد عليها القطاع الزراعي في تأمين احتياجاته من المياه، فقد أظهرت التقارير الأخيرة أن المملكة تشهد انخفاضًا في كميات الأمطار بنسبةٍ تتراوح بين 30% إلى 40% مقارنة بالعقدين الماضيين، مما أدى إلى تقلصِ المساحات المزروعة، خاصة في المناطق التي تعتمد على الزراعة المطرية، مثل مناطق الشمال والجنوب، والتي كانت تمثل مصدرًا رئيسيًا للإنتاج الزراعي المحلي.
وأضافَ الفهد أن الجفاف يتسبب في تدهورِ نوعية التربة وفقدان القدرة على تأمين المياه للري في العديد من المحاصيل، مشيرًا إلى أن هذا الوضع لا يؤثر فقط على المزارعين، بل يمتد ليشمل الأمن الغذائي للمواطنين، حيث يتأثر إنتاج المحاصيل الأساسية مثل القمح والشعير والخضروات.
وأكد أن الأردن يُواجه مشكلة كبيرة في توفيرِ المياه اللازمة للزراعة، خاصة في ظلِّ تزايد الطلب على المياه نتيجة للنمو السكاني والعمراني، كما أثرَ انخفاض مستويات المياه في السدود والآبار الجوفية بشكلٍ كبير على قدرة المزارعين على ريِّ محاصيلهم، مما اضطر العديد منهم إلى تقليصِ مساحات الأراضي المزروعة أو حتى التخلي عن بعض المحاصيل التي تتطلب كمياتٍ كبيرة من المياه.
وبين المُزارع أحمد صبحي لـ"الأنباط"، أن القمح والشعير من أكثرِ المحاصيل تأثرًا بتقلبات الطقس، مشيرًا إلى أنها قد تكون مهددة في الوقت الحالي، حيث تأثرت الجودة الإنتاجية بشكلٍ كبير، إذ أن غياب الأمطار خلال موسمِ الشتاء الحالي أدى إلى انخفاض منسوب المياه في الآبار والمصادر المائية الأخرى، مما جعل المزارعين يتكبدون أعباء إضافية لشراء مياه الري بأسعارٍ مرتفعة.
وأوضحَ أن القطاع الزراعي يُعاني من تراجعٍ في إنتاج الخضروات والفواكه التي تعتمد على الري المنتظم، مؤكدًا على أنه مع انخفاضِ إنتاج هذه المحاصيل، سيواجه السوق المحلي أزمة في توافر بعض المنتجات وارتفاع الأسعار، ما يؤثر سلبًا على المستهلكين.
وأشارَ صبحي إلى أن الانحباس المطري الذي تشهده المملكة هذا العام يشكل تهديدًا حقيقيًا لموسم الزراعة، وترك أثرًا سلبيًا كبيرًا على الإنتاج، قائلاً: "نحن نعتمد على الأمطار في الري، خاصة في المناطقِ البعلية، وأي تأخير أو انقطاع في هطولِ الأمطار يعني أننا نواجه موسمًا زراعيًا ضعيفًا، وقد لا نتمكن من تغطيةِ تكاليف الزراعة، بل قد نتعرض لخسائر فادحة."