نبض البلد - يوم يشيب الغراب
في ظل التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم، وتفاقم الحاجة الى مواكبة ذلك التطور وانعكاسه على معدلات النمو الاقتصادي التي تشهد اختلالات واضحة، وبالتزامن مع جهد الحكومات الاردنية المتعاقبة للسير قدما في تطبيق رؤية التحديث الاقتصادي التي اطلقها جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين كان لزاما على وزارة الاقتصاد الرقمي والهيئات التابعة لها من دراسة مؤشر الابتكار العالمي لاعتباره ركيزة من ركائز التطور النسبي للمجتعمات بعد انتقالنا من عالم غير مترابط الى عالم يتصف بالشمولية، ولعل الابتكار في ابسط معانيه هو تحويل الفكرة الي شيئ حقيقي ذي معنى، و بقيس مؤشر الابتكار في طياته تلك القدرة التحويلية الي تتمتع بها دول العالم كما يشير الى الدور الذي يلعبه الابتكار في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وصل العالم إلى نقطة تحول كبيرة في تطور الابتكار، فخلال الثورة الصناعية اعتمدت الميزة الاقتصادية إلى حد كبير على الموارد الطبيعية، اما اليوم فإن الأفراد الأذكياء والطموحين هم مورد وعماد التنمية الوطنية في هذا العصر الرقمي، ولا توجد جهة او قوة تستطيع احتكار ذلك المورد مما استدعى الى توجه الشركات والحكومات الى الابتكار، وادى ذلك الى قيام العديد من الشركات متعددة الجنسيات بتدشين العدديد من الاستثمارات في مجال البجث والتطوير خارج حدود اقامتها متوجهة الى البلدان النامية ذات التكلفة المنخفضة بحثا عن تلك الموارد، مقابل مزيج من الخدمات وفرص العمل لابناء تلك البلدان لاكتساب تلك الشركات والحكومات قدرة على تطوير بنيتها وقدراتها، للحصول على ميزة تنافسية مستقبلية تستطيع من خلالها البقاء في المقدمة وتحقيق النهضة الحقيقية.
واستنادا الى الوصف المبتذل بان العالم قد اصبح قرية عالمية صغيرة، ولم تعد المسافات تؤثر على التفاعل البشري وتبادل المعلومات بين الدول المتقدمة الى النائية منها، فقد أصبح الناس على اتصال جيد بالسوق العالمية. وكان لهذا التطور السريع تأثيرا كبيرا على المناطق النائية، حيث ساهم بتغير عقلية الافراد في تلك المناطق، لاطلاعهم المستمر واتصالهم السريع بالسوق العالمية وحتى تنجو تلك الشركات والحكومات من هذا التطور الهائل برزت أهمية الابتكار كوسيلة لمواجهة هذا التغيير السريع في النظام العالمي.
وبعد مراجعتي الدقيقة لمؤشر الابتكار العالمي لما يخص الاردن وجدت ان هناك عجزا كبيرا في بنية ذلك المؤشر باسثناء العام 2015 حين كان دولة عبدالله النسور رئيسا للوزارء ولا اعلم طبيعة السبب، فحاولت جاهدا للوصول الى بيانات خاصة لبعض من مكونات ذلك المؤشر والقيام على اعداد منهجية خاصة وبجهد شخصي لحساب مؤشر الاقتصاد الرقمي للاردن لوجود مكونات متشابهة مع مؤشر الابتكار، الا اني اذكر واثناء بحثي عن البيانات اللازمة لحساب ذلك المؤشر وتقديم مساهمة علمية بحتة للاقتصاد الوطني، قمت ومن خلال ما يمسى بحق الحصول على المعلومة بمخاطبة احدى الهيئات التابعة لوزارة الاقتصاد الرقمي في ايلول الماضي، بغية الحصول على بعض الاجابات الا اني وحتى الساعة انتظر حقي في الحصول على تلك المعلومة.
فهل سانتظر حتى يشيب الغراب؟
سيف نواف ابورياش
باحث اقتصادي.