نبض البلد -
محادين: التكنولوجيا والعولمة تضعف القيم الأسرية وصلة الرحم في المجتمع
زيتون: صلة الرحم مسؤولية دينية واجتماعية للحفاظ على الروابط الاجتماعية
الأنباط - أية شرف الدين
تفكك الروابط الأسرية أمسى أكثر انتشارًا ووضوحًا في ظلِّ تطور التكنولوجيا ووسائل التواصل الحديثة وتباعد الناس عن بعضهم البعض.
لم يبقى الوضع على حالِه كما في الماضي، حين كان الناس أكثر تقاربًا وكانت الروابط الأسرية تُشكل الحياة الاجتماعية باعتبارها مصدر الأمان والدعم للأفراد، ومنذ القدم كان للعائلةِ دور أساسي في بناء الشخصية وتوجيه الأفراد نحو القيم والمبادئ، لكن مع مرور الزمن تطورت هذه الروابط وتغيرت خاصة مع دخول التكنولوجيا ووسائل التواصل الحديثة إلى حياتنا اليومية، ما أدى إلى الابتعادِ عن هذه القيم.
خبراء أكدوا لـ"الأنباط" وجود تغييرات جذرية في مجتمعنا، وأن هذه التغيرات قادت مجتمعنا إلى تراجعٍ سيادة القيم والعادات والتقاليد.
ويقول الأستاذ الدكتور حسين محادين لـ"الأنباط إن المجتمع الأردني كمجتمع عربي مسلم يمر بتحولات سريعة في كل المناحي ولا سيما في بنية وطبيعة العلاقات الاجتماعية انطلاقًا من الأسرة، مشيرًا إلى أن أجدادنا على سبيل المثال كانت لديهم قيم الجماعة والتكافل وصلة الرحم بجذورهم الدينية.
وأشار محادين إلى أن انتشارَ القيم الغربية التي جاءت إلينا مع التطور التكنولوجي وخصوصًا ما يُعرف بثقافة الصورة ووسائل التواصل عبر التكنولوجيا الحديثة قد أدى إلى تغييرات جذرية في مجتمعنا، مبينًا أن هذه التغيرات قادت إلى ضعف العلاقات الأسرية والقبلية لصالح القيم المادية كالربح ووجود الذمة المالية المستقلة للأفراد.
وأضاف أن وسائل التواصل الاجتماعي والتعامل من خلالها سمة بارزة في العلاقات بين أفراد الأسرة فيما بينهم وطبيعة العلاقات الجديدة حتى بين الأقرباء مما أضعف صلة الرحم وقيم التكافل أي الإحساس الجمعي مع الآخرين، حيث أصبحنا نادرًا ما نجتمع كأفراد أسرة مع الآخرين حول موائد الطعام. وأصبحت هذه اللقاءات قائمة على المجاملات.
من جهته، بين الدكتور منذر زيتون أن التواصل مع الأقارب وصلة الرحم أمر اجتماعي ديني لأن الله تعالى سيسألنا عن صلتنا بأرحامنا، وأكَّد أن الأقارب يعتبرون الأسرة الممتدة للشخص والأسرة هي أولاً عماد المجتمع، وثانيًا هي أصل الإنسان وامتداده ومصيره وبالتالي يجب عليه أن يحافظَ على أسرته.
وتابع زيتون "قديمًا كانت وحدة الدم لها أهمية في حياة الإنسان وعلاقته مع الذين من حوله، لا سيما أن سبل التواصل كانت في القديم تعتمد فقط على اللقاء المباشر لأنه لم يتواجد حينها وسائل التواصل الحديثة ولم يكن يوجد وسائل اتصال فكان الناس يحرصون على اللقاء المباشر.
أضاف أن الناس وجدت روابط أخرى غير رابطة الدم الرئيسية، مثل رابطة العمل والفكر والمواهب والجيرة فكأن الناس استبدلت هذه الروابط بالرابط الأصلي خصوصًا مع شعورِهم بأنه لا شيء يدفعهم لأن يقدموا الأقارب عن غيرهم.
وشدد على ضرورة "الحفاظ على هذه الروابط الاجتماعية، باعتباره لا يُعتبر فقط عن الوفاء بل هو أيضًا جزء من مسؤولية الفرد تجاه أسرته ومجتمعه. كما أن الأديان والمعتقدات الاجتماعية تشجع على ضرورة التواصل مع الأقارب سواء كانوا قريبين في السكن أو بعيدين. لذلك يجب أن يظل تواصلنا مع الأهل والأقارب مستمرًا حتى في ظل الظروف التي قد تمنع اللقاءات المباشرة من أجل الحفاظِ على الروابط الأسرية وتعزيزًا للترابط المجتمعي".
إنَّ صلة الرحم ليست مجرد واجب اجتماعي، بل هي أيضًا وسيلة للحصول على الثواب العظيم من الله سبحانه وتعالى. فالتواصل مع الأقارب يعزز من روح التكافل الاجتماعي، ويسهم في نشر المحبة والتعاون بين أفراد المجتمع، بحسب زيتون.
قال زيتون إن قطع العلاقات بين الأقارب بسبب الخلافات المالية أو العائلية أو الشخصية يعد أمرًا محرمًا في الإسلام، مؤكدًا أن الأجر لا يُحتسب للمتخاصمين حتى يصطلحا. ومن هنا تصبح صلة الرحم أمرًا لا بد من الالتزام به حيث يجب أن يسعى المسلم للحفاظ على تواصله مع أقاربه مهما كانت الظروف.
ومع تقدم الزمن وتطور وسائل التواصل الحديثة أصبح من الممكن الحفاظ على هذه الروابط بسهولة عبر الهواتف الذكية وتطبيقات التواصل الاجتماعي مثل "واتساب"، حيث يمكن إنشاء مجموعات لتبادل التهاني والتعازي والتعرف على أحوال بعضنا البعض وبذلك يصبح بإمكان الأقارب الحفاظ على الاتصال المستمر حتى وإن كانوا في قارات متباعدة.