الاقتصاد الرقمي في الأردن: الواقع والتحديات والفرص

نبض البلد -

د. وائل بيايضة

يُعد الاقتصاد الرقمي أحد الركائز الأساسية للنمو الاقتصادي والتنمية في العالم اليوم. وفي الأردن، يُعَد هذا القطاع أداةً حيويةً لتعزيز التنافسية والابتكار. يمتاز الأردن ببنية تحتية رقمية متقدمة نسبيًا مقارنة بدول المنطقة، مع انتشار واسع للإنترنت واستخدام التقنيات الرقمية. وفقًا لوزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، تم رقمنة أكثر من 50% من الخدمات الحكومية، والتي تشكل بحركاتها أكثر من 90% من مجموعة حركات الخدمات الحكومية.

 

إلا أن هناك تحديات تواجه تحقيق الإمكانات الكاملة لهذا الاقتصاد، ما يتطلب تخطيطًا استراتيجيًا لاستغلال الفرص المتاحة. يواجه الأردن عدة عقبات تحول دون تحقيق تطور شامل في الاقتصاد الرقمي. من أبرز هذه التحديات نقص التمويل للشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة في قطاع التكنولوجيا. بالإضافة إلى ذلك، يواجه القطاع فجوة في المهارات الرقمية، حيث إن التعليم والتدريب لا يزالان غير مواكبين لاحتياجات السوق. كما أن البيروقراطية والإجراءات التنظيمية تعيق نمو الشركات الرقمية، إلى جانب التحديات المتعلقة بالأمن السيبراني وحماية البيانات. على الرغم من التحديات، يتمتع الأردن بفرص واعدة لتطوير الاقتصاد الرقمي في ظل إرادة ملكية واضحة و قوية في هذا الخصوص.

 

الشباب الأردني المبدع والمثقف تقنيًا يشكل قاعدة قوية لبناء هذا الاقتصاد. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للأردن استغلال موقعه الجغرافي ليكون مركزًا إقليميًا للخدمات الرقمية. المبادرات الحكومية الداعمة لريادة الأعمال والابتكار وبرامج دعم الشركات الناشئة تُعد من أبرز المحفزات للنمو. وفقًا للتقرير الوطني لمرصد ريادة الأعمال العالمي 2023/2024، ارتفعت نسبة نشاط ريادة الأعمال في مراحلها المبكرة(TEA) من 9.1% في عام 2020 إلى 15.7% في عام 2024، مما ساهم في تحسين ترتيب المملكة عالميًا من المرتبة 34 عام 2020 إلى المرتبة 15 عام 2024.

 

لتطوير الاقتصاد الرقمي، يجب التركيز على الاستثمار في التعليم والتدريب التقني لتأهيل الكوادر البشرية. كما ينبغي تسهيل الوصول إلى التمويل للشركات الناشئة، وتبسيط الإجراءات القانونية والتنظيمية لدعم الابتكار. التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني أمر أساسي لتعزيز البيئة الرقمية، إلى جانب تحسين البنية التحتية التقنية. في هذا السياق، أطلقت وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة مشروع "الشباب والتكنولوجيا والوظائف" الذي يهدف إلى تحسين فرص الدخل المتأتي من القطاع الرقمي الأردني وتوسيع الخدمات الرقمية الحكومية، حيث سيوفّر المشروع برامج مهنية رقمية لتنمية مهارات 30,000 شاب وشابة.

 

يعتمد نجاح الاقتصاد الرقمي في الأردن على مجموعة من العوامل. من أبرزها الاستثمار في البحث والتطوير لتقديم حلول مبتكرة، وتعزيز الشراكات بين الجامعات والصناعة لربط التعليم بمتطلبات السوق. كما أن توفير بيئة قانونية مرنة وتشجيع المبادرات الريادية سيسهم في نمو القطاع. التركيز على الأمن السيبراني وبناء الثقة الرقمية من خلال حماية البيانات هو عامل حاسم لتحقيق النجاح المستدام.

 

بالخلاصة، ‏في ظل إرادة ملكية قوية وتوجيهات واضحة, يمتلك الأردن إمكانات هائلة لتطوير اقتصاد رقمي مستدام، إذا ما تم التغلب على التحديات واستغلال الفرص المتاحة بشكل استراتيجي.