دعوة إلى اختفاء الآخر، أي عقل هذا!!!

نبض البلد -
بهدوء
عمر كلاب
في اللحظة التي تداركت فيها الحكومة، مطبَّات وعوائق نظام الموارد البشرية المعمول به حتى اللحظة، برز من يدعو إلى مراجعة المراجعات، رغم أن الصادر من الحكومة ووزير الدولة لتطوير القطاع العام، يشي بأن المعالجات مقبولة ومعقولة أيضًا. فلا يُعقل أن تبقى الإجازة بدون راتب للموظف العام مفتوحة على إطلاقها، كما يرغب تيار سياسي، يعمل وفق نظام صندوق الاقتراع المفتوح دومًا. ولا يعقل أن تبقى الوظيفة العامة، تكية لصرف المعاشات والرواتب، دون إنجاز يُذكر، أو وسط تراجع في الخدمة العامة.
الوظيفة العامة هي ممكن للمواطن، سواء كان مستثمرًا أو مراجعًا، وليست مكانًا لاستراحة نسبية للعاملين في القطاع العام. وهذا بالقطع لا ينسحب على كل المؤسسات ولا كل الموظفين، فثمة مؤسسات تعمل فوق طاقتها، مثل مديرية الجنسية في وزارة الداخلية، ودائرة الأحوال المدنية والجوازات، ودائرة الترخيص، والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي. وثمة مؤسسات على الورق لا تقدم المطلوب منها ولو بالحد الأدنى، وللأسف الموظفون يتقاضون نفس راتب نظرائهم الرازخين تحت أثقال العمل، بل الغريب أن الشكوى ومرارتها تأتي من الجالسين على المكاتب دون عمل.
والأغرب أن ثمة من يتبنى قضايا الصوت العالي، من بوابة النكاية ومن بوابة المناكفة، دون حساب المصلحة الوظيفية ومصلحة العمل العام، وكأن الحكومة – أي حكومة – هي خصم واجب إسقاطه، أو تقليل إنجازه، حتى تبقى حالة الشك والريبة بالقرار الحكومي حاضرة، ويبقى الاستثمار الأسود في الواقع العام حاضرًا، رغم أن الآخرين يحسدوننا على واقعنا، ويتغنون بالحالة الأردنية، وهذا مبعث اعتزاز، لكنه يجب ألا يعمينا عن التطوير والتحديث وولوج العالم الجديد بكل قوة وصلابة، دون التفاتة إلى الخلف، أو استجابة لراغب في تأبيد الوضع القائم، لأنه يصب في رصيده التصويتي.
ثمة هجوم سابق، على هيكلة وزارة التربية والتعليم، التي تسعى إلى إعادة إنتاج دورها وفقًا لمتطلبات العصر، لتصبح وزارة التربية وتنمية الموارد البشرية، بحجة غياب التعليم عن الاسم، وثمة استهداف للمناهج الجديدة على نظام التجزئة، فيلتقطون بعض الدروس هنا أو هناك، وينسون المنهج بكليته، ويحاربون بالضرورة أية إنسنة للمناهج، وإدخال الفنون والثقافة والسعادة إليها. ربما تحتاج هذه الجزئية إلى توضيح أكثر من القائمين على المناهج، لكن الرافضين يطلبون قتل الحضور الإنساني بالكامل.
كل مشروع للتطوير فيه بعض الفوائد، وعليه بعض الملاحظات، لكن ما يجري من تهشيم للمشروع بكليته، صورة سلبية لعل يفترض أنه يسعى إلى تداول السلطة من خلال صناديق الاقتراع، والخشية فعلاً من هكذا عقل، لا يقبل الآخر، بل ويطالب باختفائه، لأن اختفاء بعض الكائنات خير من بقائها، حسب تعبيره. فأي عقل هذا الذي يريد اختفاء مخالفيه، ولا ندري إن كان الاختفاء المطلوب، قسريًا أم من خلال كارثة طبيعية أو وباء يستهدف عقولاً بحد ذاتها.
omarkallab@yahoo.com