طالبَ مشاركونَ بضرورةِ اتّباعِ نهجٍ شموليٍّ يرتكزُ إلى تشاركيّةٍ فعّالةٍ بينَ الحكوماتِ والجامعات، والمنظّماتِ الثّقافيّة، والقطاعِ الخاصّ؛ لمعالجةِ التّحدّياتِ الّتي تواجهُها كليّاتُ الآدابِ في الجامعاتِ الأردنيّةِ الرّسميّةِ والخاصّة؛ وهذا يسهمُ في تقويةِ أدائها، وتعزيزِ دورِها في المشهدِ العلميِّ والثّقافيّ.
وأكّدوا أثناءَ افتتاحِ أعمالِ الملتقى الأوّلِ لعمداءِ كليّاتِ الآدابِ في الجامعاتِ الأردنيّةِ الرّسميّةِ والخاصّةِ اليوم، أهميّةَ تفعيلِ التّعاونِ بينَ كليّاتِ الآدابِ في الجامعاتِ الأردنيّة، وتبادلِ الخبراتِ الّتي تزخرُ بها؛ للوصولِ إلى مرحلةٍ من الفاعليّةِ المتّصلةِ بالعمليّةِ الأكاديميّةِ والتّعليميّة، والبحثِ العلميّ، بما يواكبُ متطلّباتِ الحياةِ الأكاديميّةِ والمستقبل.
وحثَّ عمداءُ كليّاتِ الآدابِ أثناءَ الملتقى الّذي استضافتْهُ كليّةُ الآدابِ في الجامعةِ الأردنيّةِ اليوم، على الاستفادةِ من التكنولوجيا، وتعزيزِ استخدامِ المُحرِّكاتِ البحثيّةِ والمعرفيّة، والدّوراتِ التّفاعليّةِ بينَ الباحثينَ في المجالاتِ الأدبيّةِ والإنسانيّة؛ لتحسينِ الوضعِ البحثيِّ في العلومِ الإنسانيّةِ والاجتماعيّة.
والملتقى الّذي جاء انعقادُه برعايةِ رئيسِ الجامعةِ الأردنيّة، الدكتور نذير عبيدات، وافتتَحَه مندوبًا عنه نائبُ الرّئيسِ للكليّاتِ الإنسانيّة، الدكتورة ناهد عميش، بمشاركةِ عددٍ من عمداءِ كليّاتِ الآدابِ في الجامعاتِ الأردنيّة؛ الرّسميّة، والخاصّة؛ يهدفِ إلى تَدارُسِ القضايا الأكاديميّةِ والبحثيّةِ الّتي تخصُّ كليّاتِ الآدابِ في الجامعاتِ الأردنيّة، والوقوفِ على أبرزِ التّحدّياتِ الّتي تعيقُ تقدُّمَها، وتبادلِ التّجارِبِ والخبرات، والأفكارِ والتّصوّرات؛ للارتقاءِ بجهودِها وتمكينِها منْ أداءِ رسالتِها العظيمة، وتحقيقِ أهدافِها وتطلّعاتِها.
وفي الجلسةِ الافتتاحيّةِ الّتي جاءت بحضورِ عددٍ من أعضاءِ الهيئتَيْن؛ التّدريسيّة، والإداريّة، والطّلبة، قالَ عميدُ كليّةِ الآدابِ في الجامعةِ الأردنيّة، الدكتور محمد القضاة: "نجتمعُ اليوم في هذا الملتقى؛ لمناقشةِ القضايا الأكاديميّةِ والبحثيّةِ الّتي تخصُّ كليّاتِ الآداب، ويأتي ذلك من عنايةِ رئيسِ الجامعةِ الأردنيّةِ بتطويرِ الكليّات، ومن بينها كليّةُ الآدابِ الّتي تحظى باهتمامٍ خاصّ؛ لما لها من دورٍ محوريٍّ في بناءِ الوعيِ الثّقافيّ، وتنميةِ المهاراتِ الإنسانيّة"، مشيرًا إلى انعقادِه بمناسبةِ الذّكرى الثّانيةِ والسّتّين لبَدْءِ التّدريسِ في كليّةِ الآدابِ في الجامعةِ الأردنيّة الّتي أسهمت في إنشاءِ كليّاتِ الآدابِ كلِّها، ونشرِ رسائلِ الوعي، وحملت رايةَ النّهضةِ الفكريّة".
وأضاف أنَّ كليّاتِ الآدابِ في جامعاتِنا الأردنيّةِ المُحَرِّكُ الأساسيُّ لترسيخِ القيمِ الإنسانيّةِ والثّقافيّةِ الّتي تقومُ عليها مجتمعاتُنا؛ ففي قاعاتِها تتشكّلُ العقول، وتُصقَلُ المواهب، وتُغرَسُ القيمُ الّتي يحتاجُها الوطنُ لبناءِ الغدِ الأفضل، والمطلوبُ منّا الحفاظُ على هذا الدّورِ وتعزيزُه بما يواكبُ متطلّباتِ الحياةِ الأكاديميّةِ والمستقبل.
وأوضحَ أنّنا نعيشُ في عصرٍ تتسارعُ فيه التّغيّرات، وتتعاظمُ فيه التّحدّيات؛ وهذا يزيدُ على الأكاديميّينَ مسؤوليّةَ الحفاظِ على الأصالةِ مع الانفتاحِ على العالمِ بمفاهيمِه وثقافاتِه، منوّهًا إلى أنّه ورغمَ الجهودِ الكبيرةِ المبذولة، إلّا أنّ كليّاتِ الآدابِ تواجهُ تحدّياتٍ كثيرةً تُعيقُ سعيَها الدّؤوبَ إلى تحقيقِ مبتغاها.
ولفتَ القضاة إلى أنّ معظمَ الأبحاثِ في كليّاتِ الآدابِ تُكتَبُ باللّغةِ العربيّة، وهو ما قد يَحُدُّ من انتشارِها عالميًّا، ويمنعُ التّعاونَ البحثيَّ بينَ كليّاتِ الآدابِ في الجامعاتِ الأردنيّة، والعالميّة؛ وهذا يحرمُ الأساتذةَ من تبادلِ الخبرات، والاستفادةِ منَ التّنوّعِ الفكريِّ والثّقافيّ، ويمنعُهم من نشرِ أبحاثِهم في مجلّاتٍ عريقةٍ ذاتِ معاملاتِ تأثيرٍ كبيرة، ومقروئيّةٍ مرتفعة.
في حين عرضَ عميدُ كليّةِ الآدابِ في جامعةِ اليرموك، الدكتور محمد العناقرة، في كلمتِه لتجربةِ الجمعيّةِ العلميّةِ لكليّاتِ الآدابِ في الجامعاتِ الأعضاءِ في اتّحادِ الجامعاتِ العربيّةِ الّتي جاء تأسيسُها حرصًا من الاتّحادِ على تحقيقِ العملِ العربيِّ المشترك، ضمنَ أطرٍ أكاديميّةٍ علميّة؛ بهدفِ تسهيلِ عمليّةِ التواصل، وتبادلِ الآراءِ وتنسيقِ الجهود؛ لتحقيقِ عملٍ مشتركٍ بينَ الكلّيّاتِ المشاركةِ لرسمِ ملامحِ الطريقِ الذي تنتهجُهُ لإعدادِ الإنسانِ العربيِّ القادرِ على تحمّلِ مسؤوليّاتِهِ في خدمةِ الأمّة، وتحقيقِ تطلّعاتِها، فضلًا عن طموحِها لرفعِ مستوى التّعليم، وتشجيعِ البحثِ العلميّ، عنْ طريقِ تبادلِ الخبرات، وعقدِ الندوات، والعملِ على ربطِ البحوثِ التطبيقيّةِ ببرامجِ التنمية، وتكوينِ شبكةِ معلوماتٍ في مجالاتِ اختصاصِ الجمعيّة.
وأوضحَ أنّ الجمعيّةَ الّتي جرى اعتمادُ جامعةِ اليرموكِ مقرًّا لأمانتِها العامّة، وتسميةُ عميدِ كلّيّةِ الآدابِ فيها أمينًا عامًّا لها، وتصدرُ عنها مجلّةٌ باسمِ "مجلّة اتّحادِ الجامعاتِ العربيّةِ للآداب"، تسعى عبرَ اجتماعاتِها إلى تحقيقِ عددٍ منَ الأهدافِ هي؛ مناقشةُ الأمورِ الخاصّةِ بالجمعيّةِ والمجلّةِ العلميّةِ التي تصدرُ عنها، واقتراحُ حلولٍ للصّعوباتِ الّتي تواجهُها، وتنشيطُ التّبادلِ العلميِّ والثّقافيِّ بينَ كلّيّاتِ الآدابِ في الجامعاتِ الأعضاءِ في اتّحادِ الجامعاتِ العربيّة، واقتراحُ خططِ عملٍ لتطويرِ كلّيّاتِ الآدابِ في الوطنِ العربيّ.
وأعربَ العناقرة عن سعادتِه بلقاءِ كوكبةٍ خيّرةٍ من عمداءِ كلّيّاتِ الآدابِ في الجامعاتِ الأردنيةِ الرّسميّةِ والخاصّةِ في الملتقى؛ لعرضِ التّجاربِ والخبرات، وتبادلِ الأفكارِ والتّصوّرات؛ للارتقاءِ بجهودِ كليّاتِ الآداب؛ وهذا يسهمُ في تمكينِها من أداءِ رسالتِها، داعيًا العمداءَ الحضورَ إلى الانضمامِ إلى الجمعيّة، والمشاركةِ في فعاليّاتِها، وأنشطتِها، واجتماعاتِها.
وبدورِها؛ أشارَت عميدةُ كليّةِ الآدابِ في جامعةِ عمّانَ الأهليّة، وممثّلةُ عمداءِ كليّاتِ الآدابِ في الجامعاتِ الخاصّة، الدكتورة حنان ابراهيم إلى أنّ الملتقى يستدعي النّظرَ جدّيًّا في الموقعِ الحاليِّ الّذي تحتلُّه كليّاتُ الآدابِ في سلّمِ الأولويّاتِ الأكاديميّةِ في الجامعاتِ الخاصّةِ والحكوميّةِ من جهة، ووضعِ البحوثِ الّتي تُنشَرُ في العلومِ الاجتماعيّةِ والإنسانيّاتِ من جهةٍ أخرى.
وقالت إنّ هناك تحدّياتٍ عدّة تواجهُها كليّاتُ الآدابِ في الجامعاتِ الخاصّة، ولا تواجهُها مثيلاتُها في الجامعاتِ الحكوميّة، من حيثُ تجرِبتُها الأكاديميّةُ والإداريّة، وأن هناك فروقاتِ يمكنُ أن تشكّلَ ميزةً تنافسيّةً للجامعاتِ الخاصّة إذا أُديرَت بشكلٍ إستراتيجيّ، مستعرضةً عددًا من الأمثلة، أبرزُها موضوعُ التّمويلِ الّذي تعتمدُ عليه الجامعاتُ الخاصّةُ بشكلٍ أساسيٍّ من الرّسومِ الدّراسيّة، وجانبٍ من الاستثماراتِ الدّاخليّة لها؛ وهذا يتيحُ لها مرونةً أكثرَ في استحداثِ البرامجِ المطلوبةِ عالميًّا ومحليًّا، واستثمارِ المرافقِ والتّقنياتِ الحديثة؛ للاستجابةِ إلى متطلّباتِ السّوق، في حين يجري تمويلُ الجامعاتِ الرّسميّةِ من قبلِ الحكومة؛ وهذا يجعلُها توفّرُ التّعليمَ بتكاليفَ أقلّ، وإن كانت تُعاني من قيودٍ ماليّة.
وأوضحَت إبراهيم أنّ من أهمِّ نقاطِ القوّةِ في الجامعاتِ الحكوميّةِ استقطابَها الطّلبةَ الأعلى في درجاتِهم العلميّة؛ وهذا يساهمُ في أن يكونَ المُخرَجُ التّعليميُّ لطلبتِها أفضلَ من المُخرَجِ التّعليميِّ للطّلبةِ في الجامعاتِ الخاصّة، وعزتِ السّببَ في ذلك إلى انخفاضِ الرّسومِ الجامعيّةِ في الجامعاتِ الحكوميّة، ولما تتمتّعُ به من سمعةٍ أكاديميّةٍ متميّزة؛ نظرًا لقِدَمِها وتجرِبتِها التّراكميّةِ مقارنةً بالجامعاتِ الخاصّة.
وتابعت ابراهيم في كلمتِها عرضَ الفروقاتِ القائمةِ بين الجامعاتِ الرّسميّةِ والجامعاتِ الخاصّة، وما شكّلتهُ من ميزةٍ أسهمَت في تعزيزِ مكانةِ إحداها عن الأخرى، وتفوّقِها عليها، ومنها ما يتّصلُ بالجودةِ الأكاديميّة، والتّنوّعِ الطّلّابيّ، والمرونةِ والابتكار، والميزانيّة، والمناهجِ والخططِ الدّراسيّة، ونقصِ التّخصّصاتِ الحديثة، وفرصِ التّوظيف، وضعفِ الرّبطِ بسوقِ العمل، وغيرِها من الفروقات.
وركّزت إبراهيم في مداخلتِها على التّحدّياتِ الّتي تواجهُ كليّاتِ الآدابِ فيما يتّصلُ بالبحثِ العلميّ، من تمويل، وضعفِ بعضِ الباحثينَ في المنهجيّةِ البحثيّة، وقّلةِ أعدادِ المجلّاتِ العربيّةِ المصنّفةِ عالميًّا، لا سيّما أنّ الأبحاثَ في اللّغةِ العربيّةِ تُنشَرُ في مجلّاتٍ لا تتمتّعُ بسمعةٍ عالميّةٍ جيّدة، مؤكّدةً ضرورةَ إطلاقِ أكثر من مجلّةٍ عربيّةٍ تندرجُ تحت تصنيفاتٍ عالميّةٍ تُعنى بمجالاتِ العلومِ الإنسانيّةِ والاجتماعيّة، تقومُ بتحديدِ مواضيعَ مواكبةٍ لما يستجِدُّ على السّاحةِ العالميّة.
واشتملَ الملتقى الّذي أدارَ حفلَ افتتاحِه الدكتور عمر الفجاوي على جلسةٍ سلّطتِ الضّوءَ على أبرزِ التّحدّياتِ الّتي تواجِهُ كليّاتِ الآدابِ فيما يتّصلُ بحقلِ البحثِ العلميّ، أدارَها عميدُ كليّةِ الآدابِ في جامعةِ الطفيلة التّقنيّة، الدكتور حسن الزيدانيين، وشاركَ فيها كلٌّ من عميدِ كليّةِ الآدابِ في جامعةِ الإسراءِ الخاصّة، الدكتور محمد بني يونس، وعميدِ كليّةِ الآدابِ في جامعةِ فيلادلفيا الخاصّة، الدكتور غسّان عبد الخالق، وعميدةِ كليّةِ الآدابِ في جامعةِ العلومِ التّطبيقيّةِ الخاصّة، الدكتورة هديل الساعد.