ما دور الشباب بمواجهة التغير المناخي؟

نبض البلد -

رهف أبو ميالة: الشباب مفتاح الابتكار من خلال الريادة الخضراء

حسام الجباري: إعادة التدوير والإبداع البيئي شريان الحياة للبيئة الأردنية

وزارة الشباب: تعزيز المشاركة الشبابية في صنع القرار البيئي

وزارة البيئة: دعم الابتكار الشبابي لتحقيق تحول بيئي شامل

الأنباط - ميناس بني ياسين

تغيّرات مناخية كبيرة وخطيرة تجتاح العالم منذ سنوات، تأثيرات هذا التغير لا تقتصر على ارتفاع درجة حرارة الأرض فحسب، بل تطال الهطولات المطرية وهو التحدي الأكبر محليًا في ظل تربع الأردن على قائمة الدول الأفقر مائيًا حول العالم.

التغيرات المناخية تتطلب استجابة عاجلة وفعّالة، من خلال تبني حلول مبتكرة وقابلة للتطبيق على الأرض، وهو ما يجعل دور الشباب في هذا الأمر أكثر أهمية من أي وقت مضى، فقد أظهر الشباب الأردني طاقات إبداعية رائعة في تطوير مبادرات ريادية تهدف إلى التخفيف من آثار التغير المناخي وحماية البيئة، سواء عبر مشاريع ريادة أعمال في مجالات الطاقة المتجددة، أو الزراعة الذكية، أو إعادة تدوير النفايات.

وتبرز الحاجة الماسة إلى تعزيز مشاركة الشباب في اتخاذ القرارات البيئية والمناخية، حيث يمتلكون القدرة على تقديم حلول مبتكرة تتماشى مع الاحتياجات المحلية والتحديات العالمية، بحسب خبراء.

وأكد الخبراء أن إشراك الشباب في محافل صنع القرار البيئي يساهم في تعزيز فعالية الاستراتيجيات البيئية والمناخية، ويضمن أن تكون الأصوات التي تمثل الجيل المقبل مسموعة في مواجهة التحديات البيئية الكبرى التي تهدد مستقبلهم ومستقبل الأجيال القادمة.

مشروع الريادة الأخضر

وفي هذا السياق، أكدت الشابة رهف أبو ميالة أن فكرة البدء في مشروع ابتكاري بيئي جاءت من إيمانها بالانخراط الشبابي الضروري للحد من آثار التغير المناخي والإيمان بقدرات الشباب بحل القضايا المحلية والعربية والدولية، موضحة أن مشروعها الريادي الأخضر ساهم في إتاحة الفرصة للشباب في بناء حلول مبتكرة.

وأشارت إلى أن التحديات التي واجهتها تمثلت في الموارد المالية وضعفها ومحدوديتها والحاجة الملحة للدعم المعنوي والمادي ودعم الجهات المعنية الكبيرة وتبني الحلول الشبابية، لا سيما وأن دور الشباب أساسي خاصة وأن الأردن مجتمع شبابي وهو العنصر الفعال فيها، لذا فإن المساحة الكافية يجب أن تعطى للشباب الأردني.

وبينت أبو ميالة أن دور الحكومات والقطاع الخاص دور تكميلي ضروري لإعطاء نتاج قوي، ما يعني أنه واجب على الحكومة المساهمة في وجود الشباب في المحافل العالمية وأماكن صنع القرار وتوفير الدعم المالي من القطاع الخاص.

وأوضحت أن الشباب الأردني يعاني من صراع جراء الإمكانيات المحدودة والدعم المحدود مقارنة بالفكر الشبابي والابتكار وهذا ما يحتاجه الشباب الأردني في هذا الوقت الصعب خاصة بوجود المشاكل البيئية والمناخية والاقتصادية والتي تلح على الحكومات بأن يكون الشاب على طاولات القرار لإيصال الأصوات التي يمثلها.

ووجهت أبو ميالة في حديثها رسالة للشباب المبتكر في مجال البيئة والتغير المناخي بأن يجدوا أفكارًا وحلولاً جديدة لحل مشاكل البيئة لا سيما وأن الشباب يمثل المنبر للتغيير في المجتمع وأن يحاول بشتى الطرق الوصول وطرح الأفكار والمساعدة والسعي؛ حتى تكون مشكلة الدعم المالي هي العائق الوحيد والأخير والذي لربما تجد من يستطيع حلها.

وفيما يتعلق بمساحة الشباب للمشاركة في اتخاذ القرارات البيئية عبرت عن رأيها بأن وجود الشباب ليس كبيرًا، ولكن تدل المعطيات أن الأردن يسير في الاتجاه الصحيح فيما يتعلق بالمسألة، وأكدت أن معظم الشباب يتمنى أن يكون موجودًا بشكلٍ أكبر على الطاولات النقاشية.

مبادرة إعادة تدوير الورق والبلاستيك

من جانبه، أكد الشاب حسام الجباري أنه يعمل في مشروعه على الرسم بالرمل في علب الزجاج التي يجمعها من عدة مناطق في العقبة وبعد فترة وجيزة من العمل في هذا المشروع تأكد بأنه عليه توسيع المشروع أكثر، فقرر العمل على مشروع أكبر يبدأ من تجميع كتب المدارس وصنع العلب والكراتين بالورق وصنع مختلف الأشكال والأغراض من ورق المجلات وقطع البلاستيك والأغطية.

وتابع أنه يملك الكثير من الأفكار الابتكارية التي تتمحور حول إعادة التدوير من مخلفات الكتب والبلاستيك واستخدام الرمل مع مجموعة من الشباب، مؤكدًا أنه لم يكن هناك الكثير من التحديات التي وقفت في طريقه وعمل جاهدًا أن يكون عمله دائمًا من ابتكاره وسعيه، وأن الجهد الكبير الذي لربما يأخذ كثيرًا من وقته هو الشرح والتوضيح للناس حتى يبيع منتجاته.

وأكد أنه يشغل معه عشرة أشخاص، كل في اختصاصه ويسهل لهم بيع منتجاتهم في محله حيث أن هناك أشخاصًا يعملون في الرسم اليدوي والتطريز وصنع الحقائب ويبيعون مصنوعاتهم في دكانه من باب المساعدة والدعم والمساهمة في تغيير البيئة.

التغير المناخي في أجندة وزارة الشباب

وعلى ضفة الوزارات، أكدت وزارة الشباب أن البيئة لها مساحة كبيرة في العمل الشبابي في الوزارة، ومنذ سنوات والوزارة تنفذ برامج عديدة ضمن استراتيجية الوزارة والاستراتيجية الوطنية للشباب، تهدف إلى رفع وعي الشباب بقضايا المناخ والبيئة المحلية والعالمية، وتعزيز مشاركتهم في التخفيف من الآثار المترتبة على التغير المناخي.

وأكدت أن قضايا البيئة والمناخ أحد أولويات وأهداف التنمية المستدامة للوزارة، إضافة إلى أن الوزارة ركزت اهتمامها خلال الأعوام الماضية على مواضيع عديدة تتمثل في الشباب والبيئة، الاقتصاد الأخضر، مؤتمر الشباب المحلي للتغير المناخي، إطلاق برنامج صون للعمل المناخي، البيئة مجال من مجالات التقدم في جائزة الحسين للعمل التطوعي، البيئة في حواضن الابتكار، والمعسكرات المتعلقة بالجانب البيئي.

وقالت الوزارة: "نفذنا ملتقيات ريادية تعنى بالشباب والبيئة والشباب والاقتصاد الأخضر والشباب والتغير المناخي، وأقمنا مؤتمر الشباب المحلي للتغير المناخي والذي رافقه إطلاق برنامج صون للعمل المناخي، وحرصنا على أن تكون البيئة إحدى مجالات العمل التطوعي المعتمدة في جائزة الحسين بن عبدالله الثاني للعمل التطوعي، إضافة إلى أنه لدينا مبادرات ومشاريع شبابية ريادية في حواضن الابتكار والأعمال تعنى في مجال البيئة، إلى جانب المعسكرات البيئية التي ننفذها في مراكزنا الشبابية على مدار العام، وحرصنا على مشاركة شبابنا في مختلف الملتقيات والمؤتمرات الدولية والعالمية".

وأشارت الوزارة في ردها لـ"الأنباط" إلى أن قضية اليوم "التغير المناخي" عالمية وجميعنا كحكومات ومنظمات دولية ومؤسسات مجتمع مدني وشباب ومجتمع علينا أدوار لمواجهة آثار التغير المناخي، والتغير المناخي الذي يواجه الأردن والعالم اليوم أحد أبرز تحديات العصر، لما له من آثار سلبية على كافة القطاعات التنموية لا سيما على الأمنين المائي والغذائي.

وبينت أن هناك دور رئيسي للشباب إلى جانب أدوارنا في الحكومة وفي المنظمات الدولية مؤسسات المجتمع المدني، والدور الرئيسي للشباب يأتي باعتبار أن مواجهة هذه الظاهرة العالمية تتطلب حلولاً ابتكارية ورؤية مستقبلية يقود بها الشباب الدور المحوري.

وأوضحت أن خلق الوعي البيئي والمشاركة في صنع القرار، والمشاركة في العمل التطوعي / المشاركة في صنع السياسات الوطنية الخاصة في مواجهة آثار التغير المناخي، الابتكار وريادة الأعمال البيئية، وتثقيف الأقران بحيث يمكن للشباب نقل المعرفة والوعي حول التغير المناخي إلى أقرانهم والتشجيع على المشاركة في الجهود المشتركة.

وزارة البيئة: الشباب كقوة أساسية في تقديم الحلول

من جهتها، قالت وزارة البيئة لـ"الأنباط" أنه في ظل التحديات البيئية العالمية المتزايدة، يبرز الشباب كقوة أساسية في تقديم الحلول المبتكرة التي تساعد على مواجهة التغير المناخي والتكيف مع آثاره، حيث يعتبر الشباب الأردني نموذجًا يحتذى به في هذا المجال، فكما أكد جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرون الذي عقد في دبي" إننا نمضي قدمًا بجهود نخبة من رواد الأعمال الشباب والمهندسين الأردنيين المؤهلين لإيجاد حلول في مجالات الزراعة الذكية للتعامل مع أثر التغير المناخي، والحفاظ على المياه، والمشاريع الريادية في الطاقة النظيفة، وغيرها الكثير"، هؤلاء الشباب أظهروا إبداعًا في تطوير أفكار ومشاريع تساهم في تعزيز الاستدامة وتحقيق الأهداف المناخي، وخلق فرص خضراء من خلال العديد من الشركات الناشئة والمبادرات التي قاموا بإطلاقها في السنوات السابقة، بإلإضافة إلى إشراك الشباب في المؤتمرات المحلية والعالمية للتغير المناخي وذلك لانخراطهم في تكنولوجيا جديدة ونقلها إلى الأردن، بالإضافة إلى عمل العديد من الشباب في المؤسسات في القطاعين العام والخاص والتي تعنى بالعمل المناخي والبيئي ليتم إدماجهم وجعلهم قادة في المستقبل بهذا المجال.

وتابعت الوزارة أنه لطالما كان الابتكار مفتاحًا لحل المشكلات البيئية المعقدة وفي الأردن، يتجلى ذلك من خلال المشاريع الريادية التي يقودها الشباب، مثل تقنيات الزراعة الذكية التي تسهم في الحفاظ على الموارد المائية، والطاقة المتجددة التي تقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري. تعكس هذه الجهود رغبة الشباب في بناء مستقبل أكثر استدامة وعدالة بيئية، ومما يدعم ذلك كانت وزارة البيئة داعمًا لمشاركة الشباب في المؤتمرات والاجتماعات الدولية، وتوجيهم لرفع أدائهم وقدراتهم داخل المجالات الصحيحة لذلك.

وأكدت أن الشباب الأردني يمتلك القدرة على تحقيق تحول جذري في كيفية مواجهة التحديات المناخية، وتؤمن الوزارة بدور الشباب في تعزيز الابتكار وقيادة عجلة العمل المناخي والوصول به لمستويات مميزة، وأن الأردن بات منصة للمبادرات التي يقودها شباب مبدعون، لا سيما في مجالات الزراعة الحديثة والذكية، الطاقة النظيفة وتقنيات التخفيف من الانبعاثات الكربونية، فمن الأمثلة على ذلك تم تنظيم واستضافة مؤتمر الشباب الإقليمي الخاص بالتغير المناخي (RCOY Amman) ومؤتمر الشباب المحلي الخاص بالتغير المناخي (LCOY Jordan) ودعم وتوجيه مشاركة الشباب وإشراكهم في العمل المناخي والمجتمعات الدولية، وإشراك الشباب في المفاوضات العالمية مثل برنامج المفاوضين الشباب حول المناخ (CYNP)وذلك بحيث يتمكن الشباب من اكتساب المهارات والمعرفة التي تؤهلهم لقيادة العمل المناخي العالمي.

وأوضحت الوزارة أنه وبالرغم من التحديات التي تواجه الشباب الأردني في العمل المناخي، تمكن الشباب من تحويل هذه التحديات إلى فرص عبر إطلاق مبادرات خلاقة، مثل هاكاثونات الابتكار البيئي وبرامج ريادة الأعمال التي تهدف إلى تقديم حلول فعالة ومستدامة، وهذا ما أكد عليه سمو ولي العهد في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرون الذي عقد في مدينة باكو، أننا قطعنا في الأردن شوطًا كبيرًا في مجال الطاقة النظيفة، والحفاظ على المياه، والزراعة الذكية مناخيًا، إلا أن هذه الجهود ليست كافية، نحن بحاجة إلى حشد المجتمعات من أجل العمل المناخي وتأمين مستقبل أفضل لشبابنا والأجيال القادمة."

وأشارت إلى أن مواجهة التحديات البيئية تتطلب تعاونًا مشتركًا بين جميع الجهات، من القطاعين العام والخاص، إلى منظمات المجتمع المدني، لتوفير بيئة داعمة للشباب المبدع. ويعد الأردن نموذجًا للتعاون الفاعل، حيث تعمل الجهات الحكومية بالتنسيق مع الجامعات والمنظمات الدولية لتعزيز تمكين الشباب ومشاركتهم في صياغة السياسات المناخية.

وبينت أن الشباب هم القوة الدافعة نحو التغيير الإيجابي والاستدامة، ويمتلكون القدرة على ابتكار حلول جديدة وإبداعية للتحديات البيئية، مما يجعلهم شركاء أساسيين في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، هذه الكلمات تعكس الإيمان بدور الشباب في بناء مستقبل يتسم بالوعي البيئي والعدالة المناخية. وأوضحت أن الوقت الآن هو الأنسب للشباب لتقديم إسهاماتهم ومواصلة العمل على تعزيز مكانة الأردن كرائد إقليمي في مواجهة التغير المناخي من خلال الابتكار والعمل الجاد.