الثقة بالغرب: السيناريو الليبي حاضر

نبض البلد -
 حاتم النعيمات

يتحدث المجتمع الدولي عن مساعيه لضبط الأمور والإمساك بزمامها في سوريا ما بعد سقوط نظام بشار الأسد. المسار الذي يتم الحديث عنه هو مسار أستانة وتحت عنوان قرار مجلس الأمن 2254، وهذا مؤشر إيجابي على أن المجتمع الدولي يدرك أهمية تحقيق الاستقرار في سوريا.

الأوروبيون يعلمون جيداً، من خلال تعاملهم مع الجولة الأولى من الأزمة السورية التي اندلعت في عام 2011، أن هناك تبعات خطيرة للانفلات في سوريا. فهذه الدولة تطل على البحر الأبيض المتوسط، وقد عانت أوروبا ما عانت من أزمات اللجوء. وقد عبروا عن ذلك في بيان صادر عن دائرة العمل الخارجي الأوروبي الذي شدد على ضرورة ضبط الأمور في سوريا.

على صعيد آخر، صرّح الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب قائلاً بالحرف "تبقى سوريا في حالة فوضى، وهي ليست صديقة للولايات المتحدة. الولايات المتحدة يجب ألا تتدخل. هذه ليست معركتنا. دع الأمور تأخذ مجراها. لا تتدخلوا.” هذا التصريح لا يمكن الاستهانة به، فهو يعيد إلى الأذهان سيناريوهات خطيرة ندفع ثمنها حتى اليوم، ويعني بالضبط أن اللعبة ستكون على مستوى الدول الإقليمية.

ترامب يتحدث عن ترك الأمور لتأخذ مجراها دون تدخل. بالتالي، نحن أمام إرادتين غربيتين: إرادة أوروبية تسعى لضبط الأمور، وإرادة أمريكية تفضل عدم التدخل. وهذا التناقض يجب أن يؤخذ بعين الجدية لما له مم انعكاسات قد تكون حاضرة على الأرض. هذا التناقض يشير أيضاً إلى أن اللاعب التركي قد يتحكم بالمشهد، ما يستحضر مباشرة النموذج الليبي الحالي.

التشابه بين ليبيا وسوريا يكمن في أن إسقاط النظام في كلا البلدين تم على يد ائتلاف ميليشيات يجمعها الحدث وتفرقها الأيديولوجيا، ائتلاف غير متجانس. كما أن شكل الإدارة ما بعد الإسقاط كان محل خلاف بين الأمريكيين والأوروبيين والنتيجة اليوم واضحة؛ نصف ليبيا تحت النفوذ التركي، والنصف الآخر تحت إدارة الجنرال خليفة حفتر بدعم مصري.

تقسيم سوريا لن يكون في مصلحة الأردن. وللأسف يبدو أن هذا التقسيم حاصل حالياً بالمناسبة؛ فمناطق سيطرة الأكراد لن تكون تحت حكم غرفة العمليات العسكرية، لأن هذه الغرفة تتبع تركيا التي تصنف الجماعات الكردية كجماعات إرهابية.

لذا، لا يجب أن نضع الثقة الكاملة في الغرب لإدارة الملف السوري. الأصل أن تكون الكلمة العليا للدول المتأثرة بالمشهد، وعلى رأسها الأردن. الثقة العمياء بتجارب الغرب في المنطقة ولّدت مآسيَ وإرهاباً وأزمات لجوء لا تزال آثارها قائمة، يد أردنية طويلة لاستباق الأمور تماماً كما فعلت مصر في ليبيا.