أرامل والمطلقات.. مطالِبات بالتمكين بمجتمع لا يرحم

نبض البلد -
ارامل ومطلقات يتحدثن ل"الانباط" عن تجاربهن الصعبة وتأثيراتها النفسية

الأنباط - فرح موسى

يُعتبر الطلاق والترمل من أكثر التجارب الصعبة التي يمكن أن تمر بها المرأة، حيث يترتب عليهما تأثيرات نفسية عميقة قد تؤثر على سياق حياتهن بشكلٍ كبير.

ع أ، إمرأة مطلقة، (٢٤) سنة، لديها شهادة جامعية تخصص إدارة معلوماتية، تعمل بائعة عطور، تقول: إنها مطلقة منذ ثلاثة أعوام، وكان السبب تدخلات الأهل بينها وبين زوجها، ووقوع مشاكل عائلية تفاقمت بين العائلتين، وكانت هي الخاسر الأكبر بينهما.
تضيف: أجبروني أهلي على رفع دعوى: شقاق ونزاع، كانت نهايتها الطلاق، ويوم النطق بالحكم بالنسبة لي لا ينسى، خسرت زوجي وبيتي وحياتي، وحتى مهري ضاع، بين رسوم وأتعاب للمحامين، وما تبقى منه كان فتات "لا يُسمن ولا يُغني من جوع"، كان لأهلي النصيب الأكبر فيه، ولن أسامح كل من كان سببًا في خراب بيتي، عانيت من تعبٍ نفسيّ واكتئاب أربعة أشهر، وها أنا أعمل بائعة عطور حتى أستطيع أن أعيش.
ر. م، (٢٥) سنة، مطلقة منذ عام، تزوجت قبل أربع سنوات، وكان هناك مشاكل زوجية شبه يومية، "حاولت أن أتحمل، لكن لكل إنسان قدرة على التحمل"، وإنَّ الله تعالى كما أحل الزواج أحل الطلاق، اتفقت أنا وزوجي على الطلاق لكن بشرط ألّا يؤثر على ابننا وحصل الطلاق، وها أنا أكمل دراستي وأُتابع تربية ابني مع صعوبة في ذلك، لكن هذه قدرتي و"لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها".
س. علي مطلقة (٣٠) سنة، قالت: أنها تتمنى أن يعود الزمن كي لا يكون قرارها طلب الطلاق، فقد أصبح السبب الذي طلبت فيه الطلاق بنظرها الآن تافه ولكن "الحمد لله على كل حال"، وتابعت: إنها كانت تجد من حولها الدعم لموضوع الطلاق خلال بدايات مشكلتها مع زوجها، وعندما حصل وجدت أن الجميع أصبح ينشغل، ويتحجج بمسؤولياته، وأصبحت ضائعة في أروقة المحاكم، كي اطالب بنفقة الأولاد، وتقول: علمت أن زوجي السابق كان يتكبد العناء الكبير كي يؤمن مصاريف البيت والأولاد، وأنا الآن أصبحت عاجزة عن تأمين نصف ما كان قبل الطلاق، وتابعت "تعبت وعجزت".
أم سفيان (٤٥) سنة، أرملة منذ عامين، تقول أنها كانت متزوجة منذ (٢٥) عامًا تقريبًا، واضافت: كل يوم تستذكر زوجها في كل شيء في المنزل، لقد كانت صدمة عندما حصل لزوجها حادث سير، وأُخبِرت بوفاته، خرج للذهاب وقضاء بعض الحاجيات.
وتوضح: الذي كان يحملنا ويحمل احتياجاتنا على أكتافه لم يعد إلّا محمولاً على الأكتاف.
تتابع، أنها تنهار كلما تذكرت ذلك، وب سؤالها كيف أصبحت حياتها بعد هذه الحادثة؟ قالت: في البداية كنت أُعاني من الصدمة لكن بعد فترة استسلمت للواقع، وكي أكون سندًا للأولاد وتأمين مصاريف البيت، انجبرت للعمل ببيع المنسوجات، لأن الراتب الذي أتقاضاه من التنمية الاجتماعية لا يُغطي تكاليف الحياة التي نعيشها من أجرة منزل وكهرباء وماء.
س. ت، (29) عامًا، مطلقة وأم لطفلة، ورغم أنها خريجة جامعية وحاصلة على دورات في تخصصها، إلّا أنها لا تجد عملاً، ولا تستطيع الحصول على معونة مالية من التنمية الاجتماعية بحجة العمر.
وتتساءل "ماذا أفعل لكي أعيش حياة كريمة"؟
بينما س. ش تقول: أنا أرملة، وعمري (50) عامًا، لا احصل على معونة، لأنَّ عندي ابن أكبر من (18) سنة، اعيش على المساعدات لأن ابني عاق على حسب قولها، وتقول، ماذا أفعل في حالتي هذه؟

الدكتور عاطف محمد أبو معالي، دراسات تاريخية من جامعة جدارا، قال إن المتابع والمهتم لدور وزارة التنمية الاجتماعية، عنايتها بالأسر المحتاجة مهما تعددت وتنوعت من أرامل، وفقراء، ومحتاجين، وذوي احتياجات خاصة، وكبار السن، حيث تقدم الدعم المادي والنفسي والاجتماعي.

ويقول إن الأرامل و المطلقات هنَّ جزء من منظومة المحتاجين التي تسعى الوزارة للاهتمام بهن، وتقديم الدعم بكافة أشكاله من مشاريع إنتاجية لتمكينهن، وتأمين السكن المناسب والعلاج، وتقديم المساعدات الطارئة، مما يساهم في الدعم النفسي لهن، وتحصل الأرامل على الإعفاء من رسوم المسقفات، ودفع الرسوم لاستكمال الدورات التدريبية والمهنية.
وأضاف، تعمل الوزارة أيضًا على التشبيك مع مؤسسات ومنظمات دولية إنسانية، لتقديم الدعم النفسي لكافة شرائح هذه الأسر، و في حال وجود أشخاص بحاجة إلى الإيواء من كبار السن، توفر لهم مراكز لإيوائهم، أما إذا كانت الأسرة تضم من ذوي الاحتياجات الخاصة، فتعمل على تأمين تذاكر السفر لهم عند الحاجة.
وتحرص الوزارة على تقديم الدعم النفسي للمعنفات، بالتعاون مع أقسام حماية الأسرة، ومع المنظمات الإنسانية المتعددة الموجودة في الأردن، مثل: (المساعدة الإسلامية في بريطانيا)، وجمعيات (CRP)، (وميرسي كورب)، (وأوكسفام)، و (اللجنة الكاثوليكية العالمية للهجرة)، (ولجنة الإنقاذ الدولي (IRC)، (ومؤسسة العمل ضد الجوع)، (وبعثة الأمم المتحدة للإغاثة والتنمية)، (وسبارك)، (والدولية لمساعدة كبار السن)، (والإغاثة الدولية).
وتهدف هذه الجهود إلى تخفيف المعاناة، والضغوط النفسية من خلال تقديم الدورات التعليمية، والدعم النفسي، والعناية بالأطفال، والترويح النفسي عنهم، وتسعى لتحقيق التوازن النفسي والاجتماعي لهذه الأسر المحتاجة بمختلف فئاتها بما يسهم في تحسين جودة حياتهم وضمان استقرارهم، ونأمل من توفر أقسام مختصة بالدعم النفسي ضمن اختصاصها.
بدوره قال المرشد النفسي محمد عيد الدهون: إن للطلاق و الترمل تأثير نفسي كبير ونظرة مجتمع، وعبء في زيادة المسؤوليات، وهذه الأمور تؤثر على المطلقات، حيث قد يشعرنَ بالحزنِ والوحدة والقلق والخوف من المستقبل، وهذا التغيير في الحياة قد يؤدي إلى زيادة مستويات التوتر والضغط النفسي، مما ينعكس سلبًا على الصحة النفسية بشكل عام، وهناك نساء قد يجدن صعوبة في التكيف مع الحياة الجديدة، بينما قد تستفيد أُخريات من الدعم الاجتماعي، أو الانخراط في أنشطة جديدة تسارع في استعادة التوازن لدى المرأة.
وأضاف، يمكن أن يؤثر الطلاق على صورة الذات لدى المرأة، حيث قد يشعرن بفقدان الهوية، أو القيمة الشخصية، و هذا التغير يمكن أن يؤدي إلى مشاعر الإحباط، والقلق بشأن المستقبل، خاصة إذا كان هناك أطفال وفي سن المراهقة، مما يزيد العبء ليس ماديًا فقط إنما نفسيًا في كيفية إدارة الأسرة، دون وجود أب، لتمارس الأم وقتها دور الأب والأم معًا، ومن المهم أن تتلقى النساء الدعم النفسي والاجتماعي المناسب لمساعدتهن على تجاوز هذه المرحلة الانتقالية، سواء من خلال الاستشارات النفسية، أو التواصل مع الأصدقاء والعائلة.
وقال: يمكن أن تؤدي مشاعر الحزن والقلق الناتجة عن وفاة الزوج إلى تأثيرات سلبية على الصحة الجسدية والنفسية، وذلك بسبب الأرق، ومشاعر الحزن، والشعور بالفقد والصدمة، ما يؤدي إلى مشاكل صحية، ربما تكون مزمنة ولهذا من المهم تطوير استراتيجيات نفسية وصحية جسدية، مثل قراءة القرآن والتذكير بالأمور الدينية وتناول وجبات من الطعام الصحي و ممارسة الرياضة والتأمل، أو الانخراط في أنشطة تساعد على تحسين المزاج وأخذ الدعم من الأصدقاء والعائلة لما له من دور حاسم في مرحلة التعافي، حيث يمكن لشعور الانتماء والأمان أن يساعد في تجاوز هذه المرحلة الصعبة.