"صوفيا الروبوت: المتحدث الرئيسي في قمة المعرفة"

نبض البلد -

صالح سليم الحموري
مع التطور السريع في مجال الذكاء الاصطناعي، يتساءل العديد من المفكرين والخبراء عما إذا كانت الروبوتات ستصل يومًا إلى مستوى ينافس قدرات الإنسان. هذا التساؤل يتعاظم مع اقترابنا من مرحلة "التفرد التكنولوجي"، وهي النقطة التي يصبح فيها الذكاء الاصطناعي قادرًا على تجاوز الذكاء البشري، والتطور بوتيرة قد تعيد تشكيل البشرية بأسرها.


قمة المعرفة التاسعة في دبي، التي ستُعقد في الأسبوع القادم، تسلط الضوء على هذا الموضوع من خلال محاضرة رئيسية بعنوان "الذكاء البشري أم الاصطناعي: أيهما يرسم مستقبل التكنولوجيا؟". المفارقة الكبرى هي أن المحاضرة ستُقدمها "صوفيا"، الروبوت الشبيه بالإنسان الأكثر تقدمًا، والذي يجسد التطورات المذهلة في الذكاء الاصطناعي. منذ إطلاقها عام 2016 من قبل شركة "هانسون روبوتيكس"، أصبحت صوفيا رمزًا لهذا التقدم، وحازت على لقب أول مواطن روبوتي في العالم بعد حصولها على جواز سفر سعودي. تجربتي الشخصية مع صوفيا في دبي والسعودية أكدت لي أن الابتكار التكنولوجي يتجاوز حدود التوقعات.

لكن هل يمكن للروبوتات أن تنافس الإنسان على نحو يتجاوز مجرد تقديم المحاضرات وحل المشكلات؟ لفهم هذا الطرح، يجب أن ننظر إلى قدرات الذكاء الاصطناعي الحالية وتوجهاته المستقبلية، حيث يمتاز الذكاء الاصطناعي بقدرته الهائلة على معالجة البيانات بسرعة ودقة تفوق الإنسان، وهو ما يجعله فعالاً في مجالات عديدة مثل التحليل البياني، تعلم الآلة، وتعزيز الابتكار. ومع ذلك، تظل هناك حدود للإبداع والتفكير النقدي والقدرة على التفاعل العاطفي، وهي جوانب لا يزال الإنسان يتفوق فيها.

والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه هو: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتفوق على البشر؟ في السنوات الأخيرة، أصبحت الروبوتات، مثل "صوفيا"، قادرة على محاكاة تفاعلات البشر بشكل متزايد، مما يثير تساؤلات جدية حول مكانة الإنسان في عالم تتسارع فيه قدرات الذكاء الاصطناعي. خلال قمة المعرفة، ستتناول العديد من المواضيع المهمة، مثل "مهارات المستقبل واقتصاد الذكاء الاصطناعي"، حيث سيناقش الخبراء كيفية تكيّف البشر مع هذا التطور السريع، وما هي المهارات التي يحتاجونها للبقاء في صدارة المستقبل.

ورغم التفاؤل بمستقبل الذكاء الاصطناعي، فإن هناك تحديات ومخاطر يجب التعامل معها بحذر. على سبيل المثال، قد تؤدي مرحلة التفرد إلى خلق أنظمة ذكية تتخذ قرارات معقدة دون الحاجة إلى التدخل البشري، وهو ما قد يثير مخاوف تتعلق بالأمان والتحكم. في الوقت نفسه، يظل الابتكار البشري وقدرته على التأقلم من أبرز نقاط القوة التي يجب تعزيزها في مواجهة هذا التطور.

إذاً، الإجابة على سؤال: "هل ستنافس الروبوتات الإنسان؟" تعتمد على كيفية تعاملنا مع هذا التطور. لا شك أن الذكاء الاصطناعي سيواصل تطوره، وربما يصل إلى مرحلة يستطيع فيها أن يتفوق على الإنسان في العديد من المجالات التقنية. ولكن، تظل الإنسانية، بمعرفتها وإبداعها وقدرتها على التأمل والتفاعل العاطفي، عاملاً فريدًا قد يصعب استبداله. يجب أن نستغل الذكاء الاصطناعي لتعزيز قدراتنا وليس منافستنا، من خلال تطوير شراكة فعالة بين الإنسان والآلة.

ختامًا، تقدم قمة المعرفة فرصة استثنائية لتبادل الأفكار حول هذا الموضوع، ولعلها تكون بداية لتعاون عالمي يضع الإنسان والذكاء الاصطناعي جنبًا إلى جنب، لصياغة مستقبل أفضل ومستدام.

*صالح سليم الحموري
خبير التدريب والتطوير
كلية محمد بن راشد للادارة الحكومية