يارا بادوسي تكتب : قوننة التمويل الأجنبي للمؤسسات الربحية ... ضروة لـ تعزيز الشفافية الاقتصادية

نبض البلد -

يارا بادوسي

في إطار قانون التخطيط والتعاون الدولي لعام 2023، الذي يسعى إلى تنظيم التمويل الأجنبي للجمعيات والشركات "غير الربحية” بهدف تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، تبرز أهمية توسيع نطاق القانون لـ يشمل المؤسسات الربحية أيضًا.

هذا الشمول من شأنه أن يهدف إلى تعزيز العدالة في التشريعات وضمان تحقيق أهداف التنمية الوطنيَّة بشكل متكامل، خاصة أن المؤسسات الربحيَّة تُمثل جزءًا رئيسيًا من الاقتصادِ الوطني وتلعب دورًا حيويًا في تحفيز النمو الاقتصادي.

قانون التخطيط والتعاون الدولي للمؤسسات غير الربحيَّة ينظم عمل الجمعيات والشركات غير الربحيَّة وطريقة تلقيها للتمويل الأجنبي، حيث يُلزمها بالحصول على موافقة من مجلس الوزراء لأي تمويل أجنبي، ماليًا كان، أو فنيًا، أو عينيًا و الهدف من هذه الضوابط هو ضمان أن تكون هذه التمويلات متماشية مع الأولويات الوطنية، وحماية الاقتصاد من التدخلات الأجنبية.

أمَّا بالنسبة لما يحصل في المؤسسات الربحيَّة باستطاعتها تلقي تمويلات خارجية دون اشتراطات أو قيود ، ما يفتح الباب أمام تساؤلات عديدة حول التأثيرات المحتملة لهذا الاستثناء.

فإنَّ غياب التنظيم للتمويل الأجنبي الموجه للمؤسسات الربحية قد يسبب عدة مشكلات اقتصادية، فقد تستخدم هذه التمويلات في مشاريع لا تتماشى مع الأولويات الاقتصادية الوطنية ، ما يؤدي إلى تشوهات أو عدم توازن في القطاعات الاقتصادية المختلفة، أو قد تعزز هذه الأموال نفوذ جهات أجنبية على مؤسسات محلية، ما يؤثر على الاستقلالية الاقتصادية.

على صعيدٍ آخر، قد يؤدي هذا إلى الإضرار بالمنافسة العادلة بين المؤسسات، فبعض الشركات المحلية قد تحصل على تمويلات أجنبية تمنحها ميزة تنافسية على منافسيها، ما يُحدث خلل بقواعد السوق ويضعف بعض الشركات التي تعتمد على مواردها المحلية فقط .

وفكرة إخضاع المؤسسات الربحية لنفس القواعد التي تنظم تمويل المؤسسات غير الربحية يُعد خطوة ضرورية لـ تعزيز الشفافية والعدالة في التشريعات، ومن غير المنطقي أن تبقى المؤسسات الربحيَّة التي تشكل محركًا أساسيًا للاقتصاد الوطني خارج إطار الرقابة والتنظيم فيما يخص التمويل الأجنبي.

كما أن شمول المؤسسات الربحية بالرقابة يساعد على حماية الاقتصاد من التأثيرات السلبية للتمويلات الأجنبية، ويضمن استخدام الأموال بما يخدم المصلحة العامة، وهنا ينبغي كما يشترط موافقة الحكومة على أي تمويل خارجي للجمعيات، يجب أن يطبق هذا الشرط على الشركات الربحية لـ ضمان توجيه التمويل نحو مشاريع تخدم التنمية الاقتصادية الوطنية.

ولا شك أن قانون التخطيط والتعاون الدولي لعام 2023 خطوة سابقة إيجابية نحو تعزيز إدارة التمويل الأجنبي، لكنها تبقى غير مكتملة دون شمول المؤسسات الربحية، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية ، وفي الوضع الراهن باتَ من الضروري أن تخضعَ كل الجهات التي تتلقى تمويلاً أجنبيًا للرقابةِ الحكوميَّة، لضمان أن تكون هذه التمويلات وسيلة لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وليست أداةً لتحقيق أجنداتٍ خارجية.