حسين الجغبير يكتب : على الرئيس تنفيذ زيارات سرية

نبض البلد -
حسين الجغبير

نفذ رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان عدة زيارات ميدانية منذ تسلمه رئاسة السلطة التنفيذية، حملت عنوان الاشتباك المباشر للوقوف على احتياجات المؤسسات الخدمية تحديدًا، والاستماع إلى الآراء بشكلٍ مباشر سواء من المسؤولين أو المواطنيين، بهدف جمع الملاحظات في مسعى لحلها، وأيضا بهدف تقييم الأداء لغايات تجويده ما أمكن.
لاقت هذه الزيارات استحسان الغالبية العظمى، ممن يطالبون بضمان ديمومتها، وأن تسفر عن نتائج إيجابية بحيث تكون الحلول لأبرز المشاكل التي يعاني منها الميدان قيد الإنجاز، وهو التحدي الأكبر أمام الرئيس حسان المطالب اليوم بضمان أن تسفر هذه الزيارات عن منجزات وفق الإمكانيات المتوفرة، وأن لا تتحول لاحقا إلى روتين لا فائدة منه.
لوحظ اهتمام الرئيس بتدوين الملاحظات بنفسه، وهذا مبعث طمأنينة، تكتمل عندما يتابع الرئيس أو من يكلفه من الوزراء بمتابعة تلك الملاحظات لتجاوزها لاحقا.
اعتقد أن الرئيس قد يحقق فائدة كبرى من زياراته هذه في حال قيامه ببعض الزيارات الميدانية بصورة سرية، وتحديدا للوزارات الخدماتية، والمؤسسات التي تندرج تحتها، وبالأخص في قطاع الصحة، حيث تعاني العديد من المراكز الصحية من نقص في الأطباء، وترهل إداري، وسوء البنية التحتية، فيما التركيز لا بد أن ينصب أيضا على قطاع التعليم، حيث يجب أن تكون هناك "غارات رئاسية" على العديد من مديريات التربية في عمان، والمحافظات، وزيارة المدارس الحكومية للبنين والبنات، والاستماع لملاحظات المعلمين، والطلبة.
لا يمكن للزيارات العلنية والمرتب لها مسبقا أن تحقق فائدة كما الزيارات السرية والمفاجأة، التي تضع المسؤول أمام الحدث مباشرة دون التحضير له، ومحاولة تجميله، فيشعر هذا المسؤول وغيره أنه معرض لأي زيارة مفاجأة قد تكشف تقصيره وبالتالي سيخضع للحساب، وهو الإجراء الذي على الرئيس اتباعه، والمتمثل في محاسبة المقصر، ومكافأة المجتهد.
اعتدنا أن يستمع رئيس الوزراء من الوزراء مباشرة، وهؤلاء يسمعونه ما يريدون، ولا يتطرقون إلى السلبيات التي تعكس تقصيرهم في العمل، أو تقصير من هم تحت إدارتهم، حيث رؤساء الوزراء يحصلون على ملاحظات قد لا تمثل سوى نسبة بسيطة من الواقع، وهذا أدى إلى غياب المسائلة، واطمئنان المسؤولين عن أن لا أحد يراهم أو يراقبهم، أو يقيم أدائهم.
هذا الأمر يجب أن يتغير، وهو أساس التحديث الإداري الذي أطلقناه للعنان منذ نحو عامين ضمن مشروع التحديث الأردني، وقد انشغلنا عن بعض الجوانب الرئيسية فيه، وهو غياب الرقابة في العمل العام، وحله الوحيد أن ينزل المسؤول وليس رئيس الوزراء وحده إلى الميدان، بصورة معلنة أحيانا، ومفاجأة وسرية أحيانا أخرى، ومع استمرار هذا السلوك سننجز أبرز ما نعاني به بالتحديث الإداري، والخاص بالترهل، والفساد والمحسوبية، مع ضمان تجويد الخدمة المقدمة للمواطن.