نبض البلد - الرئيس الكازاخستاني : "كازاخستان العادلة: القانون والنظام، النمو الاقتصادي، التفاؤل الشعبي
وجه الرئيس الكازاخستاني قاسم توقايف خطابا للشعب الكازاخي بعنوان " كازاخستان العادلة : القانون والنظام ؛ النمو الاقتصادي ؛ التفاؤل الشعبي "
قال خلاله " خلال الجلسة الأخيرة تم إنجاز الكثير من الأعمال، حيث جرى اعتماد 102 قانون، بما في ذلك قوانين الرقابة العامة، ومكافحة الاتجار بالبشر، والعلوم والسياسة التكنولوجية، والطاقة الحرارية وغيرها.
وقد أولي اهتمام كبير بالقضايا الاجتماعية، وخاصة حماية الاطفال، حيث تمت الموافقة على قانون ينص على دفع مبالغ مالية للأطفال من الصندوق الوطني، كما تم فرض المسؤولية الإدارية في حالة إشراك الأطفال القُصّر في ألعاب القمار، وتغليظ العقوبة على كافة أشكال العنف ضد الأطفال القصر، أيضا دخل حيز التنفيذ قانون ضمان سلامة الأطفال والوقاية ومنع الجرائم ضد النساء والأطفال.
ولا يخفى على أحد أن الكثير من المواطنين قد حصلوا على العديد من القروض، وهذه مشكلة حادة للغاية، وتشكل بلا مبالغة خطرا على مجتمعنا، ولذلك إصدار عدد من القوانين الخاصة في هذا الصدد.
بشكل عام تم اتخاذ العديد من الخطوات المنهجية التي تهدف إلى النهوض برفاهية المواطنين، ولقد شاركتم انفسكم بشكل مباشر في هذا العمل من خلال التواصل الدائم والمباشر مع المواطنين. كل هذا يسهم بلا شك إسهاما كبيرا في تحقيق نظرية "الدولة المصغية".
وأنا إذ أعرب عن امتناني لكم على هذا العمل المثمر، ولكن لا يمكننا الاكتفاء بما تم انجازه، فما زال هناك الكثير من العمل بانتظارنا"
واضاف "إن شعب كازاخستان يعيش اليوم في واقع سياسي جديد تماما، وعلى مدى السنوات الخمس الماضية تم تنفيذ إصلاحات واسعة النطاق، وشهد النظام السياسي تحولا جذريا، كما يشهد الوعي العام تغيرات أساسية أيضا، ويتزايد مستوى الثقافة القانونية لدى المواطنين، حيث تتشكل نماذج جديدة من السلوك في المجتمع، وتترسخ فيه قيم جديدة. كذلك بدأ تجديد الحياة السياسية والاجتماعية وتحديث عقلية الأمة ومخزونها الثقافي. باختصار يجري بناء كازاخستان العادلة، والأهم من ذلك، أن كل هذا يتوافق تمامًا مع تطلعات الشعب. ولذلك، فإننا سنواصل اتباع مسارنا الاستراتيجي بثبات ولن نحيد عن المسار الذي حددناه لأنفسنا. واليوم سنناقش خططنا بالتفصيل ونحدد الأهداف التي نرمي إليه" .
وقال "في ظل احتدام المواجهة الجيوسياسية تلتزم كازاخستان أشد الالتزام بموقف مسار السلام والتطور.
لقد حددنا اتجاها جديدا للتنمية، مما يعطي زخما جديدا لتنويع مصادر الاقتصاد، فتباطأ معدل التضخم، حيث انخفض بمقدار 2.5 ضعفا مقارنة بأعلى مستوى له في العام الماضي، كما تجاوزت الاحتياطيات الدولية للبلاد حد الـ 100 مليار دولار،كما تنمو الصناعات التحويلية بوتيرة أسرع من قطاع التعدين، ومن المهم الحيلولة دون تراجع هذه الصناعات عن المعدلات التي حققتها، كما يتعين إطلاق دورة استثمارية جديدة من خلال الاستغلال الفعال للاحتياطي الذي تم تحقيقه.
ويتعين على الحكومة وحكام المقاطعات أن يولوا اهتماما خاصا بمسألة تغيير هيكل الاقتصاد والتفكير في آليات جديدة تهدف إلى ضمان التقدم المستدام للبلاد. والهدف الرئيسي على هذا الصعيد هو زيادة دخل المواطن، وهو أمر قابل للتحقيق تماما إذا ما أحسنا تنظيم للعمل.
ويجب أن يكون النمو الاقتصادي مصحوبا بتقليص التفاوت في المستوى الاجتماعي وتعزيز الطبقة المتوسطة، فهذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها تعزيز إمكانات بلادنا. ولكي يحدث هذا، يجب أن يكون المعيار الرئيسي في أي عمل هو الكفاءة، فكل قرار وكل مشروع يجب أن يُقيَّم من منظور منفعته للدولة"
واضاف بالقول " والآن دعونا ننتقل إلى المحاور المحددة من العمل في الفترة القادمة.
أولا: لا بد من معالجة الاختلالات بين السياستين النقدية والمالية.
يجب علينا أن نقر بأن الإقراض للقطاع الفعلي لا يزال دون المستوى، كما لم يتم حل مسألة التمويل الكافي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، الأمر الذي ينعكس سلبا على النشاط التجاري في البلاد والاستدامة والنمو المطرد للاقتصاد. ولذلك سيتعين على الحكومة والبنك المركزي أن يتعاونا معا في إيجاد الحل الأمثل لهذه المشكلة، كما يجب تشجيع البنوك على استثمار المزيد من الأموال في الاقتصاد.
ويصنف الخبراء الدوليون البنوك الكازاخستانية على أنها واحدة من أكثر البنوك ربحية بين الدول الغنية بالموارد، لذلك فالحديث هنا يدور أيضا عن فرض الضرائب بنسبة عادلة على هذا القطاع، حيث يجب أن تتناسب الضرائب التي تدفعها البنوك مع الأرباح التي يحصل عليها مساهموها. وهو نهج يبدو منطقيا للغاية في ظل العون التي تقدمه الدولة للبنوك. ومن المهم أيضا خلق بيئة رقابية مستقرة لتداول الأصول الرقمية الاستخدام الآمن للابتكارات في القطاع المصرفي.
نحن بحاجة إلى قانون جديد للبنوك يلبي التحديات الحالية المتمثلة في تحفيز النشاط الاقتصادي ومواصلة التطوير الديناميكي لقطاع التكنولوجيا المالية. فالقانون الحالي قد مر عليه ما يقرب من 30 عاما، وقد صدر في ظروف مختلفة تماما.
ولا بد من القول بصراحة إن الخطأ الأكبر في حسابات عمل الحكومتين السابقة والحالية كان الفشل في تلبية جانب الإيرادات من موازنة الجمهورية. ومن غير المقبول أن تستمر هذه المشكلة وتواصل عرقلة عجلة التنية في البلاد. لذا يجب على الحكومة بالتعاون مع البنك المركزي اتخاذ تدابير فاعلة تهدف إلى الاستخدام الفعال لأموال الميزانية والحد من الإنفاق والرقابة الصارمة عليه.
إن العيش في حدود إمكانياتنا هو الوصفة الوحيدة الممكنة لتحقيق استقرار الأموال العامة، ولذلك ينبغي تجنب الإسراف في الإنفاق على المسائل التي لا تعد في واقع الأمر ذات أولوية أو أهمية استراتيجية.
كذلك يتعين استعادة النظام في بنود الموازنة العامة، وقد كان قرار ترك عائدات الضرائب من المشروعات الصغيرة والمتوسطة لدى الأقاليم المحلية صحيحا وجاء في الوقت المناسب، حيث أعطى زخما كبيرا لتطوير ريادة الأعمال وزاد من استقلالية حكام الأقاليم. ومع ذلك فإن بعض قادة الإقاليم، بعد أن حصلوا على مصدر إضافي للدخل، بدأوا في استخدامه بشكل غير فعال للإنفاق على المشروعات والمهام الثانوية، دون فائدة فعلية تعود على الدولة. ولإيجاد موارد لتغطية عجز الموازنة ينبغي على الحكومة تطوير آليات رشيدة لسد هذذا العجز.
وسأتوقف بشكل خاص عند دور الصندوق الوطني، حيث ينبغي أن تخدم أموال الصندوق في المقام الأول مصالح الدولة وأن تستخدم لتحقيق الأهداف الاستراتيجية، وليس لخدمة المؤسسات المالية الأجنبية. فالصندوق الوطني هو الأداة الأكثر أهمية لضمان استقرار الاقتصاد الشامل على المدى الطويل، لذا فإن إدارته الفعالة يعد أمرا ضروريا.
ومن الواضح أن الموارد المالية العامة وحدها لا تكفي لضمان ديناميكية النمو الاقتصادي، لذا فمن الضرورة بمكان تهيئة الظروف لزيادة النشاط التجاري من خلال جذب الاستثمارات الخاصة إلى قطاعات الاقتصاد. لذلك لا بد أولا وقبل كل شيء من سياسة ضريبية تتسم بالاستقرار وتشجع التنمية النوعية والسلوك التجاري المسؤول.
ومن المفترض أن يعمل قانون الضرائب الجديد على إعادة تشغيل النظام القائم، حيث ينبغي أن يهدف القانون إلى بناء إدارة ضريبية جديدة نوعيا تقوم على الثقة في دافعي الضرائب. لذا يعد من الأهمية الكبر بمكان تبسيط القانون وجعل أحكامها مفهومة لجميع المواطنين ذوي النشاط الاقتصادي من أجل تجنب إمكانية التفسيرات المختلفة للمعايير.
كذلك من الضروري تحسين الأنظمة الضريبية دون تقويض الظروف القائمة حاليا والمواتية لرجال الأعمال. ومن الأمثلة على ذلك إدخال ضريبة التجزئة، فقد اقتنع قطاع الأعمال بهذا المعيار، وبدأ في الخروج من الظل، وتقلصت ظاهرة التجزئة. لكن رجال الأعمال الذين يتعاملون في المقام الأول مع الجمهور يجب أن يندرجوا تحت هذا النظام.
إن إطلاق العنان لإمكانات الخدمات الاستهلاكية والتجارة تحديدا يمكن أن يسفر عن التأثير السريع اللازم من حيث النمو الاقتصادي وزيادة عائدات الضرائب وفرص العمل.
ولإنجاح الإصلاح المالي لا بد من رقمنة الإدارة بالكامل، ولتقليص مخاطر الفساد وضمان الشفافية ينبغي تسريع التحول الرقمي في لعمليات الضريبية. ويفضل تكييف السياسة الضريبية بأكملها مع الظروف المالية المتغيرة، بما في ذلك إعادة النظر في معدلات الضرائب.
كذلك أصبح الأمر يتطلب تحديد معدلات متباينة لضريبة الدخل.
كما ينبغي أيضا التخلي عن النهج العقابي في إدارة الضرائب، وأعتقد أن من الممكن زيادة حد المديونية الضريبية، حيث سيتم إرسال الإشعارات دون تطبيق مبدأ التحصيل الإجباري. وفي حالة تجاوز حد الدين الضريبي فلا يجب فرض القيود إلا على حجم الدين، بمعني أنه لن يتم حظر الحساب المصرفي بالكامل. وفي حالة المديونية الضريبية الكبيرة يجب أن يتم السداد على أقساط دون رهونات. يجب علينا أن نسعى جاهدين للقضاء تماما على عمليات التدقيق الضريبي حسب المخطط له، وهو الأمر الذي يتطلب تحسين منظومة إدارة المخاطر.
لقد أصبحت زيادة كفاءة التسهيلات الضريبية أمرا مهما، حيث يتعين عمل المحاسبات الضريبية على كافة أشكال التسهيلات، مع الحفاظ على التسهيلات التي تساعد على التحفيز الفعلي للأعمال. على سبيل المثال، يمكن منح امتيازات للمستثمرين بهدف تطوير الإنتاج. والمقصود هنا الإعفاء لمرة واحدة لبناء الأصول وشراءها وتحديثها وإعادة تأهيلها. كذلك من المهم توفير فوائد لمصدري المنتجات ذات القيمة المضافة العالية، حيث ينبغي أن يحصلوا على دعم يفوق دعم أي نشاط آخر.
وفي إطار النظر في مشروع قانون الضرائب الجديد أصدر تكلفات بإجراء مناقشة مستفيضة في الحكومة والبرلمان، فلا بد من إيجاد حلول معقدة ولكنها لازمة. والتسرع في هذا الأمر غير مقبول، لذلك أرى من الممكن تأجيل اعتماد القانون الجديد إلى العام المقبل من أجل إعداد هذا القانون على مستوى عال من الجودة.
ومن أسباب تفاقم الوضع المالي أيضاً استمرار ارتفاع حصة اقتصاد الظل، والذي يتطلب الأمر الحد منه بشكل كبير، وذلك باتخاذ مجموعة من التدابير المدروسة. على وجه الخصوص ينبغي استكمال جميع الأعمال المتعلقة بالنقاط الجمركية الحدودية في أقرب وقت، وكذلك منع "التدفق" غير القانوني للدخل من عمليات التجارة الخارجية إلى بنود أنشطة أخرى.
ثانيا: ضرورة مواصلة العمل على تحسين مناخ الاستثمار وظروف العمل.
في ظل المنافسة الدولية الشديدة على الاستثمارات لا بد من اتخاذ قرارات لجذب رأس المال بنظام "هنا والآن". لذلك تم منح جهاز الاستثمار التابع للحكومة صلاحيات كبرى، مما ساعد على سرعة تنفيذ المشروعات في المجالات ذات الأولوية مثل معالجة المعادن وكيماويات النفط والغاز والفحم والسياحة والطاقة وبناء الآلات.
ويتعين تعزيز العمل في هذا الاتجاه للحيلولة دون انخفاض تدفق الاستثمارات المباشرة في الاقتصاد. وأود أن أشير إلى أنه لا يتم إشراك كافة حكام الأقاليم والوزراء كما ينبغي في عملية جذب المستثمرين، ولذا فالحكومة مطالبة بإجراء تعديلات في هذا المجال.
كذلك يتطلب الأمر الاهتمام بتحسين إعداد مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص بمشاركة المؤسسات المالية الدولية. لذا أكلف الحكومة بتحديد قائمة للمشرواعات الضخمة "تسليم مفتاح"، التي يمكن تمويلها من قبل المؤسسات المالية الدولية من خلال آلية الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وفي مايو من هذا العام وقَّعت مرسوما "بشأن التدابير الرامية إلى تحرير الاقتصاد"، ويتعين تنفيذ بنود هذا المرسون بحذافيرها.
ولا تزال حصة المشاركة المباشرة للدولة في الاقتصاد تمثل نسبة عالية، وهو ما يخل بالمساواة في تهيئة ظروف السوق ويعرقل مشروعات القطاع الخاص.
وعلينا أن نعترف بأننا لم نصل بعد إلى صياغة السياسة المثلى في إدارة الشركات المملوكة للدولة، لذا ينبغي إرساء القاعدة القانونية اللازمة لتنظيم أهداف ووظائف وأشكال وطرق التمويل وغيرها من الجوانب المتعلقة بنشاط هذه الشركات. بالإضافة إلى ذلك، من الضروري ضمان الاستقرار واتباع نهج منظم في مسائل المعاملات المالية بين الشركات القابضة والحكومة.
وكنت قد وجهت في خطابي عام 2022 بإدخال التنظيم "من الصفر". وخلال المرحلة الأولى من الإصلاح تم بالفعل إلغاء ما يزيد على 10 آلاف من المتطلبات الزائدة عن الحاجة وغير المهمة والتي تحد من النشاط التجاري. وقد انضم مكتب المدعي العام إلى أعمال دعم المشروعات الاستثمارية الضخمة، وتم تهيئة ظروف ميسرة للمستثمرين مثل "الخط الأخضر"، كما تم إلغاء تجريم الجرائم الاقتصادية. ومع ذلك لا تزال الشكاوى ترد من رجال الأعمال بشأن الرقابة المفرطة والأنشطة الرقابية من قبل أجهزة الدولة. لذا ينبغي على الحكومة والنيابة العامة القضاء على الظواهر السلبية التي تؤثر على مناخ الاستثمار، كما لا بد من توضيح تعاون الدولة مع أصحاب رؤوس الأموال في إطار العمل على استرداد الأصول.
وفي العام الماضي، في لقاء مع رجال الأعمال، أعربت عن موقفي الثابت بشأن هذه المسألة. واتفقنا على أن الشرط الأساسي للعفو عن رأس المال هو الاستثمار في اقتصاد كازاخستان، فالأهم هو أن يعملوا لصالح البلاد. هذه النقطة تحتاج إلى معالجة تشريعية.
يمكن منح رجال الأعمال المدرجين في السجل ذي الصلة فرصة لإبرام اتفاقية دون الاعتراف بعدم قانونية الأصول المنقولة، وهذه خطوة كبيرة لصالح كبار رجال الأعمال. لكن يجب على رجال الأعمال أنفسهم أن يتجاوبوا مع الحكومة ومكتب المدعي العام فيما يتعلق بتوجيه الأموال إلى ميزانية الجمهورية، وينبغي أن يكون هذا بحسن نية دون المساومة على كل مليم. في الوقت ذاته يتعين على هؤلاء الأفراد، بصفتهم من مواطني الدولة، أن يضخوا استثمارات كبيرة في بناء المدارس والمستشفيات والملاعب والمتاحف وغيرها من المنشآت الاجتماعية والثقافية، وقد تبقى أسماء هؤلاء الأفراد محفورة في "القائمة الذهبية" لأهل الخير. وإذا تم رفض العملية أو المماطلة فيها فإن الكلام مع رجال الأعمال سيكون مختلف. وفي الوقت نفسه ينبغي ترتيب كافة البيانات الخاصة بالأصول المعادة إلى الدولة والهدف من استخدامها.
وقد تم تكليف الحكومة بمهمة أخرى وهي زيادة حصة المشروعات متوسطة الحجم في الاقتصاد إلى 15٪ بحلول عام 2029، وهذه النسبة تمثل اليوم نحو7٪. وفي بداية العام أصدرت تعليماتي باتخاذ قرارات محددة تهدف إلى دعم المشروعات المتوسطة. وكان المقصود وضع حزم من الإجراءات، غير أن هذا لم يحدث حتى الآن.
من حق كل كيان من كيانات الأعمال أن يعرف وجهته التي يتوجه إليها وأن يعلم أنواع الدعم المتاحة وكيف يمكنه الحصول عليها. عندها ستبدي المشروعات الصغيرة اهتمام أكبر بالانتقال إلى الفئة المتوسطة. لدينا الآن أكثر من 100 إجراء من إجراءات الدعم قد يرتبك فيها حتى أقوى المختصين. ولذلك، يجب أن يتم تدقيقها للتأكد من فعاليتها ووضع قائمة موحدة من الامتيازات والتسهيلات تكون مفهومة لقطاع الأعمال.
وفي إطار تطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة يمكن استخدام أدوات التكنولوجيا المالية، وهناك عروض مناسبة بشأن هذه المسألة.
ومن المهام بالغة الأهمية هي جذب الاستثمارات في قطاع الصناعات الزراعية. وعلى الرغم من تبعات الفيضانات فقد أكمل المزارعون حملة البذر في الوقت المناسب، وأنا أعرب لهم عن عميق امتناني.
وفي هذا العام تمت مضاعفة تمويل أعمال البذر في فصل الربيع. لكن بشكل عام فإن 70% من تمويل مجمع الصناعات الزراعية تقدمه الدولة، لكن يتعين أيضا جذب الأموال من البنوك التجارية إلى هذا القطاع. وقد تم العمل على دعم المؤسسات المالية الحكومية لمنح القروض للمزارعين بسعر فائدة منخفض. ويجب تعميم هذه التجربة على البنوك، مما سيعمل على سرعة تزويد المزارعين بما يلزم من رأس المال العامل اللازم، والحد من مخاطر الفساد، وتبسيط إجراءات الحصول على القروض.
أما المهمة الأكثر أهمية فتتمثل في التحول التدريجي من الدعم المباشر للقطاع الزراعي إلى توفير القروض بأسعار مقبولة، حيث يجب استخدام جميع الأموال المخصصة بشكل فعال. ومع ذلك، فإن البيانات غير الموثوقة، أو بعبارة أخرى، التزييف، لا تسمح لنا بتقييم الوضع الفعلي في قطاع الزراعة.
وقد تم بالفعل من قبل لجنة خاصة رصد 2 مليون رأس من الماشية وأكثر من 3 ملايين رأس من الأغنام والماعز، كما تم رصد إحصائيات مماثلة في قطاع إنتاج المحاصيل، وهي في الواقع الإحصائيات التي تم على أساسها تخصيص الإعانات الحكومية. ويجب وقف مثل هذه الممارسات الإجرامية وتقديم المتورطين فيها إلى العدالة.
وتعتبر الأراضي عنصرا أساسيا في جذب الاستثمارات في هذا القطاع، وقد رصدت لجنة حيازة الأراضي أكثر من ألفي قرار غير قانوني اتخذته الهيئات التنفيذية المحلية لتتخصيص الأراضي الزراعية دون عطاءات. ولا ينبغي أن يكون هناك أي غموض هنا، فإذا تم الاستيلاء على الأراضي بالمخالفة للقانون ولم يتم الانتفاع بها، فيجب إعادة هذه الأراضي إلى الدولة، ووفق إجراءات مبسطة. ولكن إذا عمل المنتفع بالأراضي بضمير حي ووظف استثماراته بها فلا يمكن تدمير الإنتاج الحالي. وفي الوقت نفسه ينبغي أيضا أن يؤخذ في الاعتبار العمل على تطوير القرى وضمان التوظيف الدائم لأهل الريف.
فلا يخفى على أحد أن العديد من المنتفعين بالأراضي يعيشون على بعد آلاف الكيلومترات من الأرض التي تدر عليهم الربح ولا يهتمون بحياة أهل القرى. نحن لسنا بحاجة إلى هذا النوع من ملاك الأراضي، لذا يجب على الحكومة ومكتب المدعي العام التعامل معهم.
كذلك يقع على عاتق الدولة مهمة تحفيز التوظيف القانوني الفعال للمواطنين، خاصة في المناطق الريفية، بحيث يشاركون بشكل مباشر في بناء مستقبلهم.
وفي العام الماضي تم إطلاق مشروع "أويل أماناتي” والذي أظهر نتائج جيدة بشكل عام. والآن ينبغي، في إطار هذا المشروع، النظر في مسألة إستحداث أداة جديدة وهي "القرض السلعي"، كما ينبغي في الوقت نفسه إنشاء بنية تحتية لتصنيع وتسويق المنتجات التي ينتجها أهل الريف.
كذلك يجب إنشاء مراكز في كل منطقة لتدريب المواطنين على زراعة المحاصيل المختلفة. وقد تبنى حزب "أمانات" مبادرة لإطلاق مشروع من هذا النوع بمنطقة ميركين في مقاطعة جامبيل، ويتعين على الحكومة والمحليات التفكير في توسيع نطاق هذا النوع من المشروعات في مناطق أخرى.
بشكل عام فإن مهمة الحكومة وجميع أجهزة الدولة هي فتح المجال أمام رجال الأعمال المحليين والمستثمرين الأجانب. وينبغي اعتبار عرقلة أنشطتهم المشروعة جريمة خطيرة للغاية مع كل ما يترتب على ذلك من عواقب. لقد تحدثت بالفعل عن هذا. ويجب على رجال الأعمال والمستثمرين بدورهم إثبات نزاهتهم والامتثال للقانون وعدم التهرب من الضرائب.
ثالثا: ضرورة بذل جهود منهجية للكشف الكامل عن الإمكانات الصناعية للبلاد.
قامت الحكومة بوضع قائمة تضم 17 من المشروعات الكبرى، والأولوية هنا لتطوير مراحل التصنيع، حيث يجب تحقيق أقصى استفادة من المواد الخام والمكونات المحلية، وإنشاء عمليات إنتاج تتماس مع الشركات العملاقة.
وقد قمت مؤخرا بزيارة إلى منطقة كاراغندة حيث زرت مجمع معادن "قارميت". تبين هناك أن مع وصول مستثمر محلي استقر الوضع في المصنع بشكل ملحوظ، وبدأ تحديث المجمع، الأمر الذي ينبغي أن يؤدي إلى زيادة كبيرة في الإنتاج. وفي إطار تنويع محاور الاقتصاد تم في ساران البدء في إنتاج إطارات السيارات والأجهزة المنزلية، ما أتاح استبعاد هذه المدينة من فئة المدن ذات الصناعة الواحدة. وهي تجربة يجب تطبيقها في المدن الأخرى ذات الصناعة الواحدة من أجل بث حياة جديدة فيها. بشكل عام، يجب العمل بنشاط على تطوير نقاط نمو جديدة في الأقاليم.
كما تعلمون، تم هذا العام إنشاء مدينة ألاطاو بمرسوم خاص، والتي يجب أن تصبح مكانا للتطور المتقدم، وجذب الابتكارات والمواهب. ويجب على الحكومة خلق بيئة جاذبة للاستثمار والعيش والعمل في هذه المدينة.
كذلك تم تحقيق نتائج إيجابية في صناعة السيارات، وينبغي الحفاظ على الوتيرة التي تم التوصل إليها من خلال النهوض المطرد بمستوى توطين الصناعات، حيث ينبغي أن يعود الدعم الذي تقدمه الدولة لصناعة السيارات في نهاية المطاف في شكل قطاع صناعي متكامل.
كذلك تكتسب مسألة مواصلة تطوير صناعة البتروكيماويات أهمية أيضا، فقد بدأنا في تنفيذ إنتاج واسع النطاق للبولي بروبيلين والبولي إيثيلين، وهناك مشاريع واعدة أخرى قيد التطوير لإنتاج البيوتاديين واليوريا وحمض التريفثاليك.
وتم الانتهاء في وقت قياسي من تحديث أجزاء من خط أنابيب الغاز "آسيا الوسطى – المركز" بطول يزيد عن 800 كيلومتر. ويتطلب الأمر زيادة القدرة الاستيعابية وتنويع طرق نقل الغاز. وتظل إحدى المهام ذات للحكومة هي توفير الغاز للمواطنين ولقطاعات الاقتصاد.
وفي العام الماضي بدأنا في استغلال عدد من حقول الغاز، ومن المخطط أيضا تطوير مكامن غاز جديدة بإجمالي حجم إنتاج مليار متر مكعب سنويا. لكن قبل التشغيل الكامل لهذه المشروعات ينبغي ترشيد توزيع إمدادات الغاز في السوق المحلية، واتخاذ نهج متوازن لتحويل محطات الطاقة الحرارية والمستهلكين المنزليين من الفحم إلى الغاز.
وأكلف الحكومة بالتعجيل بإنشاء محطات لمعالجة الغاز في جاناوزين وكاشاغان وكاراتشاغاناك الأمرالذي يعد من الأولويات. ويتطلب النجاح في تطوير هذا القطاع تقديم حوافز فعالة وسريعة بهدف ضمان العائد على الاستثمار، بما في ذلك تحديد تعريفات مناسبة وأسعار للجملة. فتوفير مثل هذه الظروف يعد مهما للغاية لجذب استثمارات جديدة في مجال التنقيب الجيولوجي، وإلا فمن غير الممكن تزويد الاقتصاد بالكميات اللازمة من الغاز.
رابعا: ضرورة حل مشاكل البنية التحتية ذات الأولوية
يتعلق هذا في المقام الأول بقطاع الطاقة والمرافق العامة، فالشروط القياسية للإقراض لبناء مرافق الجيل الجديد لا يمكن وصفها بالمقبولة، ولذا يتعين على الحكومة التفكير في كيفية توفير الإقراض طويل الأجل بأسعار معقولة من المؤسسات المالية.
ستحتاج الدولة إلى التخطيط بوضوح لسياستها التعريفية على المدى الطويل. وهذا شرط لا غنى عنه لجذب "الأموال طويلة الأجل" إلى هذا القطاع. في الوقت ذاته لا يمكن السماح بزيادة غير معقولة في التعريفات على المستهلكين.
ومن المقرر بحلول نهاية العام الموافقة على مشروع وطني لتحديث قطاعي الطاقة والمرافق العامة. فلا تزال مسألة خلق ثقافة توفير موارد المرافق حادة وملحة. لذا ينبغي اعتبارا من العام المقبل إدخال معايير واضحة لاستهلاكها وفق مبدأ «تستهلك أكثر تدفع أكثر». وفي الوقت نفسه، لا ينبغي ترك المستهلكين وجها لوجه في التعامل مع المحتكرين من القطاع الخاص، إذ ينبغي إدخال مفهوم الخدمات ذات الأهمية الاجتماعية في التشريعات وتنظيمها بالقياس إلى عمليات تقديم الخدمات العامة.
ونظراً لتزايد النقص العالمي في الطاقة فإننا في حاجة ماسة إلى مصادر طاقة موثوقة وصديقة للبيئة. لذلك، لا بد – في رأيي – أن ولي اهتماما كبيرا بتطوير الطاقة النووية، فهذا النوع من توليد الطاقة قادر على أن يلبي إلى حد كبير احتياجات اقتصادنا التي تتزايد بوتيرة متسارعة. ففي الوقت الراهن هناك ماقرب من 200 محطة للطاقة النووية تعمل في 30 دولة متقدمة ونامية.
فنحن ينبغي علينا أن نفكر في المستقبل، مع الأخذ في الاعتبار المصالح الوطنية طويلة المدى وخصوصيات بلدنا. لذلك لطالما أكدت دوما على ضرورة اتخاذ قرار مدروس بشأن مسألة إنشاء محطة للطاقة النووية، ومناقشة الخطط الاستراتيجية على نطاق واسع داخل الدوائر المجتمعية.
فكل خطوة مهمة في حياة البلاد يجب أن تتم بدعم من الشعب، لذا ينبغي أن تكون هذه هي الحال فيما يتصل بالاستفتاء بشأن إنشاء محطات الطاقة النووية. وكنت قد تحدثت عن إجراء هذا الاستفتاء في العام الماضي، أي أن هذا الموضوع مدرج على جدول الأعمال المجتمعي منذ عام.، وأعتقد أن هذه فترة كافية للمواطنين لاتخاذ قرار مستنير، وأنا أؤيد اقتراح الحكومة في هذا الصدد، حيث سيتم إجراء استفتاء عام بالبلاد حول بناء محطة للطاقة النووية في السادس من أكتوبر من هذا العام، واليوم سأوقع مرسوما بهذا الشأن.
والاستفتاء المزمع سيكون بمثابة مظهر آخر من مظاهر الحوار الوطني الواسع ومثالا جليا لتطبيق مفهوم «الدولة المصغية». إننا في واقع الأمر نقوم من خلال هذه الخطوات نقوم بتشكيل ثقافة اجتماعية وسياسية جديدة، ونضع معايير جديدة لاتخاذ القرارات الحكومية الرئيسية.
كذلك يعد تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجستية من الأولويات الاستراتيجية، فموقع كازاخستان في قلب أوراسيا هو ميزة تنافسية هائلة لدينا. ولذلك فإن الاستثمارات التي نقوم بتوظيفها في البنية التحتية للنقل ستؤتي ثمارها لا محالة.
ويتعين علينا أن نترك لأجيالنا القادمة طرقا برية وسككا حديدية عالية الجودة، ومحاور جوية فعالة، ومحطات للسكك الحديدية، وموانئ بحرية. وفي هذا الاتجاه لا بد من حل مجموعة من القضايا.
يجب أن يكون إصلاح قطاع السكك الحديدية مصحوبا بإعادة النظر في منظومة التعريفات فهذه حقيقة واضحة وضوح الشمس، حيث ستساعد التعريفات الجديدة في الحفاظ على الحالة المناسبة لشبكة السكك الحديدية وتوسيع قدرتها الاستيعابية. وتقوم شركة "كازاخستان تيمير جولي" (سكك حديد كازاخستان) بتنفيذ ثلاثة مشروعات كبرى للبنية التحتية لمد السكك الحديدية بطول إجمالي يزيد عن ألف كيلومتر. ومن المفترض أن يتم الانتهاء من هذه المشروعات في الوقت المحدد وعلى مستوى عال من الجودة.
ومن القضايا الملحة أيضا هي حالة الطرق البرية في بلادنا، وكنت قد تحدثت بالفعل عن هذا الموضوع من قبل. وفي هذا العام يجري إصلاح وبناء ما يقرب من 12 ألف كيلومتر من الطرق في جميع أنحاء البلاد، وهو رقم غير مسبوق بالنسبة لكازاخستان. وقد تم الانتهاء من إعادة بناء طريق أستانا - ألماطي، وأكتوبيه - أطيراو - أستراخان، وتالديكورغان – أوست كامينوغورسك.
كما تولى أهمية كبرى ببرنامج الإصلاح المتوسط، الذي يغطي بالفعل 2.5 ألف كيلومتر من الطرق التي تربط بين المقاطعات والمراكز. فهذه الطرق تحديدا تتمتع بإقبال كبير من قبل المواطنين. ولذلك أطلب منكم توسيع نطاق هذا البرنامج لتغطية ما لا يقل عن 10 آلاف كيلومتر من الطرق في جميع أنحاء البلاد. وبطبيعة الحال تكتسب الجودة أولوية خاصة، لذا يتعين تطبيق الأساليب المبتكرة والحلول المتقدمة على نطاق أوسع. ومن أجل تعزيز الرقابة العامة ينبغي إطلاق منصة رقمية موحدة تعكس جميع المعلومات المتعلقة ببناء وإصلاح الطرق، بما في ذلك الطرق الداخلية.
إن كازاخستان ملزمة بتعزيز ما حققته من نتائج في مجال الرقمنة، إذ ينبغي تنشيط تقنيات الذكاء الاصطناعي على منصة الحكومة الإلكترونية، حيث يجب أن تصبح كازاخستان دولة يستخدم فيها الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع ويتم تطوير التقنيات الرقمية بها. وهذه المهمة تعد من أولويات الحكومة، كما أطلب من أعضاء البرلمان المشاركة في هذا العمل.
ويتعين في العام المقبل تدشين المركز الوطني للذكاء الاصطناعي في أستانا، والذي سيكون مفتوحا لأطفال المدارس والطلاب والباحثين ورجال الأعمال.
أيضا من الضرورة بمكان مواصلة العمل لتحسين القاعدة التشريعية لتنظيم عمل الأصول الرقمية والتعدين، ومواصلة تطوير بورصات العملات المشفرة. لدينا رجال أعمال يستهلكون كميات كبيرة من الكهرباء على حساب الاقتصاد، لكنهم لا يدفعون الضرائب بالقدر المناسب. هؤلاء هم الذين يجب أن نتصرف معهم.
وفي عام 2025، سيتم أيضًا الانتهاء من مشروع مد خط اتصالات الألياف الضوئية عبر بحر قزوين. وهذا أمر مهم للغاية بالنسبة لبلدنا من حيث إنشاء بنية تحتية رقمية متصلة بالممرات الدولية وتدفقات البيانات عبر الحدود. بشكل عام نحن بحاجة إلى مواصلة التطوير النشط لشبكات الاتصالات ومراكز البيانات، وإدخال معايير الأمن السيبراني العالمية، وتحسين كفاءات المتخصصين لدينا.
أيضا من أهم المسائل هو تطوير المحاور الجوية، حيث يبلغ حجم الشحنات الجوية في كازاخستان نحو 150 ألف طن، وفي السنوات الأربع المقبلة، يمكن مضاعفة هذا الرقم، لذلك يتعين تهيئة كافة الظروف لتعزيز قدرات المطارات الوطنية في نقل البضائع.
كما ينبغي أن يحوز تطوير المسارات الجوية الداخلية على اهتمام كبير، خاصة فيما يتعلق بمسألة البنية التحتية في المواقع السياحية الكبرى.
وقد تم بالفعل تحديث مدارج الإقلاع والهبوط بمناطق منتجعات بلخاش وألاكول. ويتبقى مستقبلا الكشف عن إمكانات مناطق المنتجعات في كاتون كاراغاي وزايسان وكنديرلي. ففي مناطق المنتجعات لا بد من بناء محطات جوية ومطارات مع ربطها بالبنية التحتية من الطرق عالية الجودة. كما ينبغي اقتناء الطائرات الصغيرة على نفقة صندوق التنمية الصناعية.
وأود أن أشير بشكل خاص إلى أنه عند تنفيذ المشروعات السياحية يجب عدم الإخلال بالتوازن البيئي وتجنب الإضرار بالطبيعة.
بعده، لا بد من إلقاء نظرة موضوعية على أنظمة الري وقطاع المياه بشكل عام.
لقد أثبتت فيضانات الربيع غير المسبوقة، والتي أصبحت اختبارا صعبا للبلاد بأكملها، وحدة شعبنا، حيث قدم المتطوعون والمواطنون من ذوي الضمائر الحية من جميع مناطق كازاخستان المساعدة للضحايا. كما استجابت الشركات الكبرى أيضا لندائي بعدم التنحي جانبا. وبفضل الإجراءات الحاسمة التي اتخذتها الدولة وتضامن الشعب، تمكنا من الخروج بأمان من هذا الوضع الصعب للغاية.
وفي الوقت ذاته على السلطات المركزية والمحلية أن تستخلص الدروس مما حدث، ففي الوضع الراهن يجب أن نكون مستعدين لأية تحديات، لذلك علينا أن نتعلم كيفية تخزين احتياطيات المياه من خلال جمع مياه الفيضانات لتلبية احتياجات المزارعين، كما يلزم إصلاح وتحديث المحطات الهيدرولوجية وتنظيم العمل على توفير المياه بكل الطرق الممكنة. ويتعلق هذا في المقام الأول بالزراعة، حيث ينبغي استخدام تقنيات توفير المياه على نطاق أوسع.
يمكن أن تصبح أنظمة الري والتخزين والاستخدام، إذا تم التعامل معها بشكل صحيح، مجالا جاذبا للاستثمارات. ولذلك هناك ضرورة لتنظيم سياسة التعريفة وتوفير أدوات دعم فعالة للمستثمرين، والحكومة ملزمة بأن تشرع في حل هذه المسألة الهامة.
خامسا: ضرورة مواصلة النهوض بمستوى الكوادر البشرية في البلاد
يعد تزويد الاقتصاد الوطني بالكوادر المؤهلة هو أكثر القضايا أهمية. أولا وقبل كل شيء يتعين علينا التغلب على النقص الحاد في الكوادر المتخصصة من خبراء المياه والإنشاءات ومهندسي الطاقة وغيرهم الكثير. كما يدور الحديث هنا أيضا عن تدريب المتخصصين لمهن المستقبل، ووهو الاتجاه الذي بدأ فيه العمل بالفعل.
تعمل الحكومة على تدويل التعليم العالي، حيث تم جذب 23 من الجامعات الأجنبية الشهيرة لممارسة نشاطها بالبلاد، وينبغي توفير كل ما يمكن من مساعدة لهم، بما في ذلك من خلال التوسع التدريجي في الاحتياجات الحكومية لإعداد الكوادر. وينطبق الأمر نفسه على الجامعات الوطنية، التي تلبي برامجها التعليمية المتطلبات الحديثة. ومن المفترض أن يسمح حجم المنح المخصصة بتنظيم جودة العملية التعليمية، فلا يمكن توزيع أموال الدولة على الجامعات كافة.
كذلك يتعين تعزيز العلاقة بين أفضل الجامعات والقطاعات الفعلية للاقتصاد، فلا بد من توافق سياسة الابتكار مع الأولويات العلمية والتكنولوجية للبلاد، مما سيعطي زخما للابتكارات القطاعية المتخصصة ويكشف النقاب عن إمكانات العلوم التطبيقية في الجامعات.
أيضا لا ينبغي تحويل المهمات العلمية في الخارج إلى نوع من العمل الوظيفي و"السياحة الأكاديمية". كما يجب أيضا إعداد الكوادر المؤهلة ليس في الجامعات فحسب، وإنما أيضا في مؤسسات التعليم الفني والمهني. ويتعين على الحكومة أن تأخذ بعين الاعتبار إمكانية قبول خريجي الجامعات المتفوقين للعمل في الجهات الحكومية ذات الاختصاص.
لقد أصبح إصلاح التعليم المهني أمرا بالغ الأهمية من وجهة نظر ضمان النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات.
وأنا أعلن عام 2025 عاما للمهن العمالية. وخلال هذه الفترة يتعين إصلاح منظومة التعليم الفني والمهني، كما سيساعد عام المهن العمالية في تعزيز فكرة حب العمل والمهنية بين طبقات المجتمع.
يجب أن ينال الأفراد الذين حققوا نجاحا من خلال العمل الصادق والجاد الاحترام الدائم والتكريم المستحق، وهو ما يتوافق تماما ومبدأنا القائل: "مواطن مسؤول – عمل صادق – نجاح مستحق". يجب أن تكون قيم العمل الجاد والمهنية في مجتمعنا دائما في المرتبة الأولى، فبفضل الخبراء المتخصصين في مهنتهم تتشكل نوعية جديدة من أمتنا. ولذلك سنواصل اتخاذ تدابير متسقة لتحسين وضع رجال العمل.
لا يوجد شيء يسمى عملا سيئا، فأي عمل يُحترَم. الشيء الأساسي هو أن كل مواطن يؤدي واجباته بضمير، مع شعور عميق بالمسؤولية. هذه هي الطريقة الوحيدة التي ستصل بها بلادنا إلى أعلى المستويات على طريق التقدم.
ليس من قبيل الهباء ذلك المثل الشعبي الكازاخي القائل بأن "العمل هو مفتاح الثروة"، لذا يجب أن يكون هناك فهم في مجتمعنا بأن العمل الصادق والمسؤول سيكون بلا شك موضع تقدير. ويتم خدمة هذا الهدف، من بين أمور أخرى، من خلال منح الألقاب الفخرية للمواطنين. وكانت هذه الجوائز قد خُصصت من قبل لتكريم المعلمين والأطباء ورجال الثقافة. وهذه مبادرة جيدة للغاية، وينبغي تطبيق نفس النهج على نطاق أوسع.
ويتطلب بناء اقتصاد ذي قدرات تنافسية وضمان تقدم مطرد للبلاد النهوض بمكانة المهن العمالية والمتخصصين في مختلف المجالات. ولذلك فإن منظومة جوائز الدولة ستشتمل على الألقاب الفخرية للمهندسين والجيولوجيين العاملين في مجال حقول النفط والغاز والعاملين في قطاعات النقل والزراعة والمياه، وكذلك العلماء وأصحاب الاختراعات، لأن الاعتراف بمجهوداتهم على مستوى الدولة سيمثل حافزا جيدا لجميع المهنيين وسيزيد من مكانة رجال العمل.
ويلعب التعليم الثانوي دورا كبيرا في تعزيز إمكانات الموارد البشرية في البلاد. وبناء على توجيهاتي يجري الآن تنفيذ المشروع القومي "المدرسة المريحة". ومن المخطط تشغيل 217 مدرسة حديثة قبل نهاية عام 2025. وهذه القضية مهمة للغاية وتخضع لرقابة صندوق "سامروك-كازينا". ويتعين على الحكومة وحكام الأقاليم أن يشاركوا بنشاط في هذا العمل، وأعتقد أن النواب لن ينأوا بجانبهم أيضا. ويتعين على الحكومة وضع نظام إدارة منفصل للمدارس المريحة.
وفي الوقت نفسه هناك ما يقرب من 1300 مدرسة في جميع أنحاء البلاد بحاجة إلى إصلاحات شاملة. ويتعين على الحكومة، بالتعاون مع المحليات، تحديد مصادر التمويل، بما في ذلك من أموال الرعاة، وإعادة بناء هذه المدارس في غضون ثلاث سنوات.
وتخصص الدولة مبالغ ضخمة للمدفوعات المضمونة، بما في ذلك مدفوعات تمويل المدارس الخاصة. على سبيل المثال، في هذا العام وحده، تم تخصيص 134 مليار تنغيه من الموازنة العامة للدولة للمدارس الخاصة، حيث يدرس أكثر من 250 ألف تلميذ. يجب أن يكون أولياء الأمور على دراية بالمساعدات الحكومية المحددة للمدارس الخاصة. ولهذا الغرض يجب بيان المبالغ المخصصة قانونا لكل طفل، وهو ما سيعطي المجتمع صورة حقيقية عن الأموال المخصصة للبرامج الاجتماعية.
وفي الوقت ذاته يتعين اتخاذ التدابير لدعم العاملين بالمدارس ومواصلة رفع كفاءة المعلمين وتحسين وضعهم الاجتماعي.
إن المعلمين هم الطليعة الفكرية للبلاد، التي تضع حجر الأساس لتقدم الأمة على المدى الطويل. فمن الممكن أن يكون لدينا أفضل البرامج والمدارس الحديثة وأنظمة الإدارة المتقدمة، ولكن لا يمكننا تحقيق أي شيء دون معلمين جيدين. ولذلكيجب ان نولي اهتماما خاصا بقبول الشباب المتحمسين وذوي القدرات في الجامعات التربوية. وقد ظهر بالفعل اتجاه إيجابي في هذا الشأن، ونحن الآن بحاجة إلى تعزيزه.
أيضا إعداد الأطفال للمدرسة له أهمية كبيرة. ويتحمل الآباء، إلى جانب الدولة، المسؤولية المشتركة عن التعليم قبل المدرسي وتدريب الطفل. لذلك يجب ربط نصيب الفرد من تمويل التعليم قبل المدرسي بالدخل الحقيقي لكل أسرة. وبالتالي فإن المزيد من تحسين منظومة التعليم سيساعد الأسر الفقيرة فعلا، وسيزيد من شفافية الدعم الحكومي، كما سيساعد بشكل عام في تعزيز الإمكانات البشرية للبلاد.
سادسا: ضرورة تنفيذ تدابير شاملة لتعزيز صحة الشعب وإعادة تشغيل منظومة الدعم الاجتماعي للمواطنين
قد ساهم إدخال التأمين الصحي الاجتماعي الإلزامي في تدفق الكثير من الموارد الإضافية إلى الرعاية الصحية واستفاد منه الطب الخاص.
في هذا العام تم تخصيص ما يقرب من 3.3 تريليون تنغيه من أموال الموازنة لمنظومة الرعاية الصحية. ومع ذلك فإن العائد من هذه الاستثمارات لا يزال مسار تساؤل، فقد أدت الاختلالات بين التزامات جميع المشتركين في نظام التأمين الصحي إلى ظهور موجة من التزوير، ففي الكثير من الأحيان يُعرَض على المرضى الحصول على الخدمات التي تكفلها الدولة مقابل رسوم أو انتظار تقديمها لعدة أشهر. وهذه التصرفات غير مقبولة.
لذا يتعين وضع حزمة موحدة من الرعاية الطبية الحكومية الأساسية، متوازنة من حيث موارد والتزامات الموازنة العامة للدولة، وأي شيء يزيد عن هذا الحد يجب سداده من خلال منظومة التأمين. ولا يمكن النجاح في تنفيذ مثل هذه التغيرات الكبرى بدون التحول الرقمي.
فبدلا من عشرات البرامج المنفصلة وقواعد البيانات المعمول بها الآن ينبغي وضع نظام معلومات طبية موحد بالدولة تضمن الرقابة الشاملة وموضوعية البيانات لجميع مؤسسات الرعاية الصحية التي تتلقى طلبات حكومية، بغض النظر عن ملكيتها. ويتعين على الحكومة التعجيل بمعالجة هذه القضية الملحة وتقديم تقرير لي وللهيئة البرلمانية عما تم من انجازات في هذا الشأن.
أيضا يتطلب تطوير الرعاية الصحية بالبلاد تفعيل جذب الموارد من خلال آلية الشراكة بين القطاعين العام والخاص. ومن المؤسف أن أفضل التجارب الأجنبية في مجال الشراكة بين القطاعين العام والخاص لم تنعكس بشكل كامل بعد في تشريعاتنا، الأمر الذي يؤدي إلى مشاريع غير فعّالة وزيادة الأعباء على موازنة الدولة، لذا يتوجب إعادة النظر في الأساليب المتبعة، كما يتعين تقديم تعريفات مناسبة مقابل الاستثمارات. كذللك ينبغي على الحكومة صياغة معايير وقواعد منفصلة للشراكات بين القطاعين العام والخاص في قطاعي الرعاية الصحية والتعليم.
ولا تزال مشكلة نقص الكوادر الطبية المؤهلة قائمة، ولحل هذه المشكلة يجب تحسين جودة التعليم الطبي بشكل كبير، بما في ذلك عن طريق تقديم كميات مختلفةة من المنح وتوزيعها حسب مستوى العملية التعليمية.
كما تعلمون فإنني أولي اهتماما متزايدا بتطوير الرياضات الجماعية، فبدون ذلك لن نتمكن من تربية الشباب الأصحاء وتعزيز صحة الأمة بأكملها. ومؤخرا في لقاء مع المشاركين في الألعاب الأولمبية قمت ببلورة المهام والأولويات الرئيسية في مجال الرياضة، وأعتقد أننا بحاجة لتحديث التشريعات في هذا المجال.
فالتعديلات في هذا الشأن كفيل بإعطاء دفعة قوية لتطوير الرياضات الجماهيرية وريضة الأطفال، كما ستضع الأساس لإعداد كوكبة جديدة من الأبطال. وأعتقد أن على نواب البرلمان أن يولوا اهتماما خاصا بمشروع القانون المهم هذا.
وتعمل الدولة باستمرار على زيادة الإنفاق الاجتماعي، مع الأخذ في الاعتبار الحاجة إلى دعم الفئات الضعيفة من المواطنين. فالآن يذهب أكثر من نصف ميزانية الدولة إلى المجال الاجتماعي. ولدعم الأسر ذوي الأطفال تم زيادة فترة دفع إعانة رعاية الطفل من سنة إلى سنة ونصف.
منذ بداية هذا العام تم استحداث مدفوعات خاصة للأفراد العاملين في ظروف عمل خطرة، كما تم تدشين مشروع واسع النطاق تحت مسمى "الصندوق الوطني للأطفال"، والذي تم من خلاله توزيع أكثر من 300 مليار تنغيه من دخل الصندوق على حسابات 7 ملايين طفل. ومع ذلك يجب الاعتراف بأن تدابير الدعم يتم توفيرها الآن دون مراعاة الدخل الحقيقي للمواطنين، فغالبا ما يصل الدعم إلى الأسر الثرية التي لا تحتاج بالمرة إلى مثل هذه المعونة. لذا لا بد من تحسين أدوات دعم المواطنين مع مراعاة هذا الجانب. وأكلف الحكومة بإدخال آلية "المحفظة الاجتماعية" اعتبارا من بداية العام المقبل.
فينبغي أن يتركز دعم الدولة على مستحقيه الفعليين من المواطنين. بعبارة أخرى، يجب أن يتم تقديم المعونة الاجتماعية على أساس مبادئ العدالة والمكاشفة والفعالية.
سابعا: من أوائل المهام الرئيسية تحسين الوضع البيئي وغرس ثقافة الحفاظ على البيئة المحيطة.
من واجبنا أن نوفر لمواطني بلادنا الحماية من تأثير العوامل البيئية السلبية، فعلى الشركات أن تتعامل مع قضية حماية الطبيعة بمسؤولية كبيرة، كما يجب على الحكومة وغرفة "أتاميكين" اتخاذ تدابير ملموسة، حيث يتعين الاستمرار في إدخال أحدث التقنيات على نطاق واسع في هذا المجال، وكذلك إنشاء نظام حديث لرصد الانبعاثات.
وستظل قضايا الحفاظ على الثروة النباتية والحيوانية الفريدة في كازاخستان في بؤرة اهتمامنا، حيث ستتخذ الدولة كافة التدابير اللازمة لحماية الغابات والسهوب من الحرائق.
وعلى الرغم من التنوع الطبيعي الهائل الذي تتمتع به كازاخستان، فإن مساحة الغابات لا تتعدى 5% من أراضي البلاد. ويعد نشر الغابات أمرا ذا أهمية كبرى للحفاظ على التوازن البيئي ومواصلة التقدم الاجتماعي والاقتصادي المستدام للبلاد. وأنا منذ الأيام الأولى من رئاستي أوليت هذه المسألة اهتماما خاصا.
لقد حققت البلاد معدلات جيدة من التشجير، والتي لا يمكن إبطاؤها. وتحتوي محمية غابات "سيميي أورماني" على مجمع لبذور الغابات يعد الوحيد من نوعه في وسط آسيا لتربية النباتات الزراعية التي تلبي المعايير الدولية المتقدمة. وهو المشروع الذي يتعين توسيع نطاقه ليشمل مناطق الغابات الأخرى في الجمهورية.
يجب بالفعل أن تذيع فكرة زيادة مناطق الغابات بين فئات الشعب، لذلك يتطلب الأمر تنظيم أنشطة توعوية جادة بين المواطنين حول هذا الموضوع.
كما تعلمون، فإن الحملة البيئية الوطنية "تازا كازاخستان" يجري تنظيمها في البلاد منذ الربيع، وهذه المبادرة المبتكرة جمعت حولها صفوفا المواطنين، على مدار عدة أشهر شارك في هذا العمل ما يقرب من 3 ملايين مواطن، قاموا بتنظيف مئات الآلاف من المنازل، وجمعوا أكثر من مليون طن من القمامة. وبفضل هذه المبادرات تترسخ ثقافة جديدة وأخلاقيات اجتماعية جديدة في البلاد. يمكننا القول أن هذه هي الوطنية الفعلية والاعتناء بالوطن، فمن خلال هذه الأنشطة تتشكل نوعية جديدة لأمتنا.
وهذا ليس نشاطا مؤقتا، فهذا المشروع الهام يجب أن يستمر طوال العام، لأنه، بصريح العبارة، لا يزال بعض المواطنين غير المسؤولين يلوثون الطبيعة والشوارع. وهؤلاء يجب محاسبتهم بموجب القانون على مثل هذه الأفعال.
بعبارة أخرى، فإن الاهتمام بنظافة الببيئة المحيطة يجب أن يصبح قاعدة يومية للجميع، فأمتنا تتميز بالكثير من الصفات الحميدة. على سبيل المثال، نحن معروفون في الخارج بأننا شعب مضياف وودود. ويجب أن تصبح الرغبة في النظافة والنظام سمة أساسية من سمات شخصيتنا الوطنية.
يعتبر حكام الأقاليم هم المسؤولون بشكل مباشر عن جودة تنفيذ حملة "تازا كازاخستان" في مقاطعاتهم، إذ يجب عليهم أن يشرحوا للمواطنين الأهمية الكبرى لهذه المبادرة وينظموا العمل بشكل صحيح. ولا ينبغي لمسئولي الأقاليم المناطق أن يقتصر عملهم على المشاكل الاقتصادية وحسب، بل يتعين عليهم أيضا الاهتمام دوما بقضايا الحياة الاجتماعية والثقافية والروحية. ومن الضروري أن يعمل كل مسؤول بنفسه ويبني حوارا قائما على الثقة مع المواطنين. عندها سيدعم المواطنون مساعيه ويساهمون في أمور تفيد البلاد، وهو ما يعد مؤشرا على مكانة المسئول بين رعاياه.
ثامنا: ضرورة الارتقاء الجذري بكفاءة الإدارة العامة
لقد مر خمس سنوات ويزيد قليلاً منذ أن طرحت مفهوم "الدولة المصغية"، وخلال هذه الفترة تمكنا من تغيير ثقافة التفاعل بين المجتمع مؤسسات السلطة، حيث ظهر عدد كاف من الآليات الفعالة للتعبير عن الآراء ومنصات الحوار المختلفة،كما أصبح التواصل المباشر بين المسؤولين بالدولة والمواطنين هو القاعدة. ويمكننا القول أن هذا المفهوم قد شكل نموذجا جديدا لسلوك موظفي الخدمة المدنية، نموذجا استباقيا ومنفتحا، وبالتالي أكثر مسؤولية وفعالية. ومع ذلك فلكي نضمن مواصلة تطوير الحوار بين الدولة والمجتمع، يتعين علينا جميعا التحلي بالضمير والموضوعية والتصرف حصريا في إطار القانون، وأن نكون مسؤولين عن أقوالنا وأفعالنا.
فنحن نرى كيف يتم أحيانًا اقتناص زمام المبادرة الأهلية من قبل شعبويين غير مسؤولين ومتشدقين، ليس لديهم معرفة عميقة بالقضايا التي تتم مناقشتها في المجتمع. وهذا لا علاقة له بالديمقراطية.
ومن الأمور المهمة للغاية أن بدأنا في تشكيل نظام موحد لفحص الشكاوى والمقترحات، مما يسمح لنا بتحديد احتياجات وتطلعات المواطنين بشكل أكثر دقة. ولكي تحسن أجهزة الدولة من عملها، عليها أن تولي المزيد من الاهتمام بتحليل الشكاوى والمطالب.
كان أحد مطالب المواطنين التي استجابت لها الدولة في السنوات الأخيرة هو إدخال نظام الانتخاب المباشر لرؤساء المحليات.
وبناء عليه تم منذ عام 2021 انتخاب نحو 2500 من حكام القرى، أي ما يعادل 90٪ من إجمالي عدد رؤساء المناطق الريفية. أما في بقية القرى فستجرى الانتخابات بعد انتهاء ولاية حكامها. ويبلغ متوسط عمر الحكام المنتخبين حديثا 46 عاماً، منهم 60% لم يسبق لهم العمل في الخدمة العامة، ومن بينهم رجال أعمال وأعضاء بالأحزاب المختلفة. باختصار، تم تجديد الجزء الأعظم من حكام المحليات بنظام الانتخابات العامة.
وفي الخريف الماضي، ولأول مرة، بدأنا في إجراء انتخابات لحكام المقاطعات والمدن ذات الأهمية الإقليمية، حيث تم في كافة المقاطعات انتخاب 45 حاكما وفق القواعد الجديدة. وبعد دراسة شاملة لنتائج الانتخابات وتحليل عمل الحكام المنتخبين، تم اتخاذ قرار من حيث المبدأ بشأن الانتقال النهائي إلى النظام الجديد ابتداء من العام المقبل. بناء عليه مستقبلا لن يتم انتخاب حكام المقاطعات والمدن ذات الأهمية الإقليمية إلا من خلال الانتخابات المباشرة، والتي سيتم إجراؤها مع انتهاء صلاحيات (أي فترات التناوب) للحكام الحاليين، وهو ما يعد خطوة هامة أخرى في تحول النظام السياسي. فالإصلاح السياسي ليس حملة لمرة واحدة، ولطالما هذا مطلوب لتنمية الدولة، فسيتم الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات.
أيضا مشكلة زيادة كفاءات موظفي الخدمة المدنية لا تزال مدرجة في أجندتنا.
فجميع التعيينات يجب أن يراعى فيها المقومات المهنية والأخلاقية للمرشحين، وكذلك أدائهم في المناصب السابقة. ولم يتم إلغاء مبادئ الجدارة، لكن هناك تغيرات إيجابية في هذا الشأن. وقد تم تحويل كافة الجهات الحكومية إلى شبكة معلومات الموظفين الموحدة.
والآن يتعين على وكالة شؤون الخدمة المدنية والحكومة العمل على ميكنة شئون الموظفين بالمؤسسات الممولة من ميزانية الدولة.
تاسعا: ضرورة ترسيخ أيدولوجية القانون والنظام في المجتمع بكافة أشكالها
إن التغلغل واسع النطاق للتكنولوجيا الرقمية في الحياة اليومية للبشر يصحبه ارتفاع في عدد أشكال الاحتيال المختلفة، ونحن نرى هذا الآن بالفعل. لذلك ففي الظروف الراهنة أكتسبت معرفة أساسيات الاقتصاد والتمويل وامتلاك المهارات الرقمية الأساسية أهمية خاصة. وفي هذا الصدد أود أن أشير إلى مشروع "كاريزسيس قوغام" الذي طرحه حزب "أمانات" لتحسين الثقافة المالية لدى المواطنين. وقد غطى المشروع العام الماضي 65 ألف شخص، وسيتم توسيعه بشكل كبير هذا العام.
ويتعين على الحكومة، بالتعاون مع هيئات الرقابة المالية، وضع برامج تعليمية للمدارس والجامعات حول أساسيات الثقافة المالية والنظافة الرقمية، الأمر الذي من شأنه أن يعزز مناعة الكازاخستانيين ضد مختلف أنواع مخططات الاحتيال، كما يتعين على كافة الأجهزة المختصة اتخاذ تدابير حاسمة لمكافحة الاحتيال والجرائم ذات الصلة التي تمس المواطنين الملتزمين.
ويجري حاليا إعداد مشروع قانون جديد "بشأن الوقاية من الجرائم"، وهو القانون الذي سيتطلب تنفيذه توحيد جهود أجهزة الدولة والمجتمع. ووقتها فقط يمكن تغيير الوضع وضمان سيادة القانون وسلامة المواطنين.
في كل المجتمعات، بما في ذلك مجتمعنا، هناك مطالب لفئات أساسية مثل العدالة والأمن. وتلبية هذه الاحتياجات الأساسية بالكامل يعد مؤشرا موثوقا على فعالية الدولة.
ومن خلال الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات الكبرى قمنا بتوسيع حرية التعبير بصورة ملحوظة، وأتحنا الفرصة للمواطنين للمشاركة في صنع القرار الحكومي.
إن التحولات الاجتماعية والاقتصادية العميقة والتدابير الشاملة في مجال حماية حقوق الإنسان تهدف في المقام الأول إلى بناء مجتمع عادل كأساس للتقدم الشامل لبلدنا. ولذلك سنواصل الإصلاحات والعمل المنهجي في هذا الاتجاه.
في ذات الوقت تظل أولويتنا الاستراتيجية هي ضمان سلامة المواطنين، التي تعد قيمة أساسية لكل فرد والمجتمع ككل.
وفي السنوات الأخيرة، أحرزنا بالفعل تقدما كبيرا في خلق بيئة آمنة، فلم تعد الجرائم والخروج على القانون تنتشر في الشوارع والأماكن العامة، بينما في العديد من البلدان، بما في ذلك بعض البلدان المتقدمة، يتفشى وباء حقيقي من الجريمة والفوضى. ومع ذلك يجب ألا نقف عند حد ما حققناه في هذا الشأن.
إن إحدى مهامي الرئيسية هي جعل كازاخستان أرضا للحياة المريحة والآمنة. وعلى أجهزة إنفاذ القانون وأجهزة الدولة المعنية أن تتولى مهمة توفير الأمن الشامل للمواطنين.
فيتعين على وزارة الداخلية اتخاذ إجراءات صارمة ضد كافة أنواع الجرائم، بدءا من أعمال الشغب البسيطة والتخريب وحتى الهجرة غير الشرعية والجرائم الجنائية الخطيرة. ففي دولة القانون لا مكان للإجرام، لذلك يجب وضع حد لأعمال اللصوصية، كما ينطبق الشيء نفسه على الأنشطة التخريبية التي يقوم بها المتطرفون، بما في ذلك الراديكاليون الدينيون. وينبغي على أجهزة إنفاذ القانون إظهار احترافيتها وحزمها والتزامها.
وهناك موضوع يثير قلقًا بالغًا للمجتمع بأكمله وهو حوادث الطرق، فمنذ بداية العام تجاوز عدد الوفيات جراء الحوادث المرورية 1300 شخص، بينما بلغ عدد المصابين أكثر من 16 ألفاً. في الواقع الناس يلقون حتفهم على الطرق كل يوم، وفي بعض الأحيان تموت عائلات بأكملها.
ويمكن ضمان السلامة على الطرق من خلال تحسين البنية التحتية للنقل البري وإدخال المنظومات الذكية. وهذا لا يتعلق بالطرق الداخلية، وإنما أيضا بالطرق السريعة، إذ يجب على الهيئة المختصة التأكد من الرقابة المناسبة على الحالة الفنية للمركبات.
لا يخفى على أحد أن مستوى تدريب السائقين أنفسهم قد انخفض، فهم يحصلون على تراخيص دون تدريب مناسب في المدارس. وأنا في انتظار إجراءات أكثر حسما من قبل الحكومة والمحليات ووزارة الداخلية، كما ينبغي أن تكون هذه المشكلة محط اهتمام النواب.
أيضا من الأهمية بمكان الالتزام بالقانون والنظام في الجيش، حيث يذهب الشباب لأداء واجبهم تجاه الوطن. ولكي يتمكن الجنود من أداء واجباتهم كما ينبغي، يجب أولا ضمان الانضباط الحديدي في القوات المسلحة وغيرها من المؤسسات السيادية.
لقد عهد الآباء إلى الدولة بأبنائهم، لذا فإن قيادة الجيش وأجهزة حفظ الأمن تتحمل مسؤولية كبرى عن صحتهم وسلامتهم.
ومن بين المهام الكبرى تبرز أيضا مهمة مكافحة المخدرات، وهي مسألة تتعلق في الأساس بالحفاظ على جينات للأمة.
وقد اتخذنا بالفعل التدابير التشريعية اللازمة، ومع ذلك، لم يتم رؤية أي نتائج ملموسة بعد. ولا يمكن القول إن أجهزة الدولة ، بما في ذلك أجهزة الأمن تعمل بكفاءة، فمشكلة المخدرات تتفاقم.
إن علينا أن نبني مجتمعا يقوم على القانون والنظام والمعرفة والواقعية، فمفتاح نجاح الأمة يكمن في ثقافة المواطنين وتضامنهم وابتكاراتهم، وخاصة الشباب. ولكي نصبح دولة متحضرة علينا التخلص من أنماط السلوك الهدامة.
لقد تحدثت عن هذا في اجتماع للكورولتاي الوطني، مشيرا إلى خمسة آفات اجتماعية تهدد مستقبل بلدنا. وخلال تلك الفترة تم إنجاز بعض الأعمال، حيث تم اضدار قوانين من شأنها الحد من أعمال البلطجة وإدمان القمار، وتم حظر ما يسمى بالفيب أو التدخين الالكتروني. والخطوات المتخذة بدأت تؤتي ثمارها بالفعل، فمكافحة الرذائل الاجتماعية تتطلب منا تضافر جهود المجتمع بأكمله.
إن السمات المميزة لشخصيتنا الوطنية كانت دائما هي الانفتاح والتسامح، وهي الصفات التي تكمن وراء الوحدة والوئام، اللذان يمثلان القيم الأساسية لشعبنا.
ففي كازاخستان لا يوجد ولا يمكن أن يوجد أي شكل من أشكال اضطهاد على أي أساس، سواء كان لغويا أو طائفيا أو عرقيا أو اجتماعيا. بالطبع تحدث حالات استفزاز فردية، لكنها ترتبط بعدم مسؤولية بعض المواطنين وجهلهم، ومثل هذه الحوادث يتم وسيتم إحباطها من قبل أجهزةحفظ الأمن وفقًا للقانون.
في الوقت نفسه، ليس سرا أن الأفراد المتورطين المعروفين لدينا، بما في ذلك أولئك الذين يعملون من الخارج، يحاولون التلاعب بالرأي العام وشن هجمات لا أساس لها ضد بلدنا. إن كل هذه المحاولات الممولة تمويلا جيدا لزرع الفتنة في كازاخستان محكوم عليها بالفشل، لأننا لم ولن يكون عندنا أي "رهاب" سواء على المستوى الاجتماعي أو السياسي، وسنواصل بناء مجتمع متناغم وعادل ومستقر.
نحن أمة تقدمية، وبالتالي يجب أن ننظر أبعد وأوسع، وأن نكون فوق كل أنواع الاستفزازات، ونعطي أمثلة فعلية للحكمة، ونعتمد على قوة القانون.
لقد سبق أن قلت: لا يمكن أن ننظر إلى الوراء باستمرار ونبحث عن المسؤولين عن الحوادث، سواء كانوا منظومة أو شخصيات سياسية فردية. لا بد من معرفة ودراسة تاريخنا، لكن لا نبحث فيه عن أسباب اليأس والاستياء، فهناك دروس مفيدة يمكن أن نستخلصها من أحداث الماضي، مهما كانت مأساوية. وعلينا أن ننظر إلى الأمام بتفاؤل، ونفكر في التقدم والتطور الذي تشهده بلادنا.
لذلك أكرر: يجب أن يسود القانون والنظام في مجتمعنا، وهذا شرط أساسي لضمان السلامة العامة والفردية. إن هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها خلق كازاخستان عادلة ونظيفة وآمنة. ولكي نبلغ هذا الهدف الاستراتيجي علينا تهيئة الظروف الخارجية المواتية للتنمية السلمية والمستدامة للبلاد. وهذه هي مهمة الدبلوماسية، التي يجب أن تكون على درجة عالية من الاحترافية في ظل الواقع الجيوسياسي الأصعب الذي يواجهه العالم حاليا.
فكازاخستان تتبع عن كثب سياسة خارجية مسالمة ومتوازنة، وتظل المهام الرئيسية لدبلوماسيتنا هي تعزيز سيادة الدولة واستقلالها، وحماية حقوق المواطنين في الخارج، وتعزيز المصالح الوطنية، وجذب الاستثمارات في الاقتصاد.
كما تبدي كازاخستان بوضوح التزامها بالتعاون الواسع النطاق المتعدد الأطراف، بما يتفق تماما مع ميثاق الأمم المتحدة، كما تلعب دورا نشطا في حل قضايا الأمن والاستقرار الدوليين، إذ ندعم جهود الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى لمكافحة الإرهاب والتطرف والهجرة غير الشرعية وتغير المناخ وغيرها من التهديدات، كما ندعم جهود الأمم المتحدة لحفظ السلام، ومبادرات نزع السلاح، وندعو إلى حل النزاعات المسلحة بالوسائل الدبلوماسية.
وقد عُقدت في أستانا برئاسة كازاخستان فعاليات دولية مهمة، منها مؤتمرات قمة رؤساء دول مؤتمر التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا، ورابطة الدول المستقلة، ومنظمة شنغهاي للتعاون، ومنظمة الدول التركية. ونحن ممتنون لحلفائنا وشركائنا لدعمهم لهذه الأنشطة.
أيها المواطنون الأعزاء!
إنكم تشهدون ما يحدث في العالم اليوم من تحولات جسيمة، وفي ظل التحديات الاقتصادية والسياسية والمناخية والعديد من التحديات الأخرى على المستوى العالمي والإقليمي يتعين علينا أن نضطلع في آن واحد بعدد كبير من المهام الراهنة والاستراتيجية. وبطبيعة الحال لا توجد موارد تكفي كل شيء، ولا أحد يعد بنتائج فورية. لقد تراكمت العديد من المشاكل في البلاد على مر السنين. ونحن لا نخفي شيئا، وإنما نقول كل شيء بصراحة. وبغض النظر عن مدى صعوبة الأمر، فإننا نحل جميع المشكلات بشكل هادف ومنهجي. وبانتظارنا الكثير من العمل في المستقبل.
إن ضمان التقدم الاجتماعي والاقتصادي المستدام، والكشف من كل الجوانب عن الإمكانات الإبداعية للمواطنين، والنهوض الفعلي برفاهية الشعب هي المهام الرئيسية للدولة.
إن الفكرة الشاملة التي ينبغي أن يسترشد بها أعضاء الحكومة ورؤساء المحليات والنواب والمجتمع بأكمله هي الوطنية، إذ يجب أن ترتكز كل مهمة من مهامنا على التطلعات الابتكارية، كما يجب علينا في كل عمل نعمله أن نساهم في تنمية البلاد. فمن خلال ترشيدنا في استخدام الموارد، والعمل الجاد ودفع الضرائب، وشراء السلع المحلية، والاستثمار في مشروعات مختلفة، يمكننا تعزيز إمكانات دولتنا، ما يعني أننا نفيد وطننا وعائلاتنا.
كذلك علينا أن نعمل على حل المشاكل التي تواجهنا بطريقة عملية ومتسقة، دون الخضوع للتشاؤم والاحباط. فهذا أمر يتوقف عليه ليس فقط رفاهية الشعب، وإنما أيضا المصير التاريخي للبلاد في هذا الفترة العصيبة.
إن لدينا رؤية واضحة للآفاق طويلة المدى لتنمية دولتنا، ولكي نحقق أهدافنا السامية علينا أن نحافظ على وحدتنا وإبداء الدعم والاحترام المتبادلين.
فبفضل الوحدة استطاع شعبنا دوما التغلب على مختلف التحديات بجدارة، وسوف يستمر الأمر كذلك. فدعونا نعمل معا من أجل أن نجعل من وطننا الأم دولة عادلة ومتطورة، حيث يمكن للجميع أن يجدوا ذاتهم ويحققوا أحلامهم.
إن لدينا مهمة عليا مشتركة وهي بناء كازاخستان العادلة للأجيال القادمة، دولة تكافؤ الفرص للجميع. وبصفتي رئيسا للدولة سأبذل قصارى جهدي من أجل تحقيق هذا المسعى. وأنا على ثقة أنكم ستعملون بلا كلل من أجل الهدف المشترك.
مع التمنيات بالازدهار لوطننا الكريم كازاخستان!
مع التمنيات بالسلامة لشعبنا!