نبض البلد -
يارا بادوسي
في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه الأسر في الأردن، يصبح مفهوم الإدخار الشخصي أكثر أهمية من أي وقت مضى.
وعلى الرغم من بساطة فكرة الإدخار إلا أنه يمكن أن تكون عاملا محوريًا في تحقيق الاستقرار المالي أو حتى تخفيف الأعباء المالية المترتبة مستقبلا وتجنب الأزمات المالية غير المتوقعة، فالإدخار بمفهومه العام عملية تخصيص جزء من الدخل الشهري أو السنوي ووضعه في حالة عدم الإنفاق، و الإحتفاظ به لـ متطلبات مستقبلية، وتخصيص المال المدخر لـ لتلبية احتياجات طارئة في المستقبل القريب أو البعيد، أو من أجل تمويل متطلبات واحتياجات لا بد من ظهورها في وقت لاحق ، أو حتى الاستثمار في فرص جديدة.
وفي ظل ارتفاع تكاليف المعيشة والتقلبات الاقتصادية ، يكون الإدخار أداة أساسية لـ الأسر لتجنب الضغوط المالية أو تخفيف أعبائها، ويساعد الأفراد على مواجهة المفاجآت غير المتوقعة والحالات الطارئة.
ما يمكن اتباعه داخل الأسر يمكن تشبيهه بما تقوم به الشركات الكبرى من استراتيجيات للإدارة المالية، فالشركات الكبرى تحرص على تخصيص احتياطات مالية لمواجهة الأزمات المفاجئة أو التحديات غير المتوقعة في السوق، يتمثل هذا في وضع خطط طوارئ مالية تشمل تجميع صندوق احتياطي، يتم تمويله من أرباح الشركة ويظل في متناول اليد للتعامل مع أي صعوبات مالية قد تظهر بشكل مفاجئ، و هذه الاحتياطات تتيح للشركات القدرة على الصمود في وجه الأزمات والاستمرار في عملها دون التأثر الكبير بتقلبات السوق.
بالمثل، يمكن للأسر الأردنية اتباع نهج مشابه من خلال وضع ميزانية شهرية دقيقة، وتحديد نسبة معينة من الدخل للإدخار. مثلما تحرص الشركات على تقليل النفقات غير الضرورية لتعزيز أرباحها، يمكن للأسر مراجعة نفقاتها وتقليل المصاريف غير الأساسية لزيادة مبلغ الادخار ومن أجل تعزيز الانضباط المالي داخل الأسرة الواحدة، يمكن لأفراد الأسرة تطبيق نظام يسمى"الادخار الآلي"، وهو ما يعادل في عالم الشركات الأنظمة المالية الآلية التي تحول جزءًا من الإيرادات إلى حسابات الطوارئ بشكل منتظم دون الحاجة إلى اتخاذ قرارات مستمرة.
كما أن الشركات تعتمد على التخطيط المالي طويل الأجل لتحقيق أهدافها الاستراتيجية، فإن الأسر أيضًا يمكنها وضع أهداف ادخارية واضحة أبسطها الاستعداد لـ "تقاعد" مريح ، هذا التخطيط الطويل الأجل يساعد في توجيه الجهود المالية نحو تحقيق الأهداف المستقبلية بأسلوب منظم ومنضبط.
إضافة إلى ذلك، مثلما تستثمر الشركات الكبرى أموالها الاحتياطية في أدوات استثمارية منخفضة المخاطر لتحقيق عوائد إضافية دون المجازفة برأس المال، يمكن للأسر استثمار مدخراتها لتحقيق عوائد تضمن نمو المدخرات بمرور الوقت.
في النهاية، سواء كنا نتحدث عن شركة كبيرة أو أسرة صغيرة، يبقى التخطيط المالي الجيد والادخار الاستراتيجي هما الأساس لتحقيق الاستقرار المالي ومواجهة التحديات غير المتوقعة، من خلال الاستفادة من المبادئ المالية التي تطبقها الشركات الكبرى، يمكن للأسر الأردنية أن تتبنى ممارسات مالية ذكية تضمن لها حياة مالية مستقرة وآمنة.