د. أيوب أبودية
تتساءل هذه المقالة عن أحوال الطيور في العالم اليوم من مسألة الانقراض، وخاصة في ضوءالإحصائيات العالمية بشأن فقدان التنوع البيولوجي، ووفقًا لمنظمة Bird Life International، إذ يمثل تغير المناخ تهديدًا متزايدًا يؤدي إلى تفاقم المشكلات البيئية، مثل فقدان الموائل. فما يقرب من 1500 نوع من الطيور (نحو 13٪ من إجمالي أنواع الطيور) تُعد معرضة للانقراض اليوم هو بسبب تغير المناخ.
فمثلا، تعد ببغاء سبيكس Spix's Macaw التي تقطن في البرازيل أحد الأنواع التي تواجه خطر الانقراض في البرية، بسبب فقدان الموائل الطبيعية أولا، وثانيا بفعل التجارة غير المشروعة في الطيور البرية. وعلى الرغم من جهود المحافظة عليها من قبل السلطات البرازيلية، فلا يوجد اليوم سوى عدد قليل من هذه الببغاوات الجميلة المتبقية في الأسر، فقد انقرضت في البرية.
وهناك طائر ألاوترا جريبي Alaotra Grebe ، وهو نوع من الطيور التي كانت تعيش في بحيرة ألاوترا في مدغشقر، وقد أُعلن عن انقراضه في عام 2010. وسبب انقراضه يعود إلى الصيد الجائر، وتدمير الموائل الطبيعية التي كان يقطنها بسبب الزراعة، فضلا عن غزو الأنواع الغريبة لموائلها مثل الأسماك التي تنافسها على الغذاء، فأدى ذلك إلى انقراضها.
لذلك، يشكل انقراض الطيور تحديًا كبيرًا للتنوع البيولوجي والاستدامة البيئية. وتُظهر الإحصائيات العالمية أن فقدان التنوع البيولوجي يتزايد بوتيرة مقلقة، وخاصة في ظل تعمق ظاهرة الاحترار في العالم، وتُعتبر الطيور من بين الكائنات الأكثر تضررًا بفعل فقدان الموائل الطبيعية. فما تأثير التغير المناخي على الطيور؟
يؤدي تغير المناخ إلى تغيرات كبيرة في البيئات الطبيعية التي تعتمد عليها الطيور. إذ يؤدي ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط الهطول إلى تشويه مواطن الطيور، مما يجعلها غير ملائمة للعيش، فتضطر الطيور إلى الهجرة نحو مناطق جديدة بحثًا عن بيئات أكثر ملاءمة، مما يزيد من خطر تعرضها للانقراض بسبب عدم قدرتها على التكيف بالسرعة اللازمة مع البيئات الجديدة.
وتؤدي التغيرات المناخية إلى تأثيرات سلبية على توافر الموارد الغذائية للطيور، مثل الحشرات والنباتات التي تتغذى عليها. كما تلعب الطيور دورًا حيويًا في السلاسل الغذائية، سواء كفريسة أو كصيادين. إذ إن انقراض الطيور يمكن أن يؤدي إلى اختلال التوازن البيئي، مما يؤثر على الأنواع الأخرى.لذلك تعد الطيور مؤشرات حساسة لصحة النظام البيئي. فتراجع أعدادها يشير إلى تدهور البيئات الطبيعية وزيادة التلوث وتعمق التغيرات المناخية.
وبما أن العديد من الطيور يؤدي دورًا في تلقيح النباتات ونشر بذورها، لذلك فإن انقراض هذه الطيور يؤثر على تجديد النباتات ويقلل من التنوع النباتي والانتاج الغذائي، الأمر الذي يستدعي تعزيز الجهود لحماية الموائل الطبيعية التي تعتمد عليها الطيور. ويشمل ذلك إنشاء محميات طبيعية، وتقليل الأنشطة البشرية المدمرة للبيئة، وتشديد القوانين والرقابة على التجارة غير المشروعة في الطيور والأنواع الأخرى المهددة بالانقراض، وإعداد برامج تربية وإعادة تأهيل للطيور المهددة بالانقراض، ومن ثم يمكن أن نساهم في إعادة إدماجها في بيئاتها الطبيعية، فضلا عن نشر الوعي حول أهمية الطيور ودورها في النظام البيئي، وتعليم المجتمعات المحلية طرق الحفاظ عليها.
وبناء عليه، تواجه الطيور اليوم تهديدات كبيرة بسبب التغير المناخي وفقدان الموائل والتجارة غير المشروعة. لذلك يمثل المحافظة على الطيور تحديًا عالميًا يتطلب تعاونًا دوليًا وجهودًا متكاملة لحماية هذه الكائنات الحيوية. فإن الحفاظ على الطيور ليس فقط مسؤولية بيئية، بل هو ضرورة حتمية لضمان استدامة التنوع البيولوجي وتوازن النظم البيئية التي تعتمد عليها حياتنا اليومية، وبالتالي ضمان استمراريتنا وبقاء الأجيال القادمة من بعدنا.