نبض البلد - بقلم : عبدالله محمد القاق
أمرسمو أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، اول امس الجمعة، بحل البرلمان وتعليق العمل ببعض مواد الدستور لمدة لا تزيد عن 4 سنوات .وقال الأمير، في كلمة بثها تلفزيون الكويت، "أمرنا بحل مجلس الأمة، ووقف بعض مواد الدستور لمدة لا تزيد عن 4 سنوات، يتم خلالها دراسة جميع جوانب المسيرة الديمقراطية".
ووصف الأمير مشعل الخطوة بأنها "قرار صعب لإنقاذ البلد وتأمين مصالحه العليا"، واعتبر أن البلاد واجهت "من المصاعب والعراقيل ما لا يمكن تحمله"، وأضاف "لن أسمح على الإطلاق بأن تستغل الديمقراطية لتحطيم الدورالريادي للكويت". ومن المقررأن اختصاصات مجلس الأمة سيتولاها الأمير ومجلس الوزراء.
وانتخبت الكويت برلمانا جديدا في الرابع من أبريل/نيسان الماضي، ليصبح الرابع منذ ديسمبر/كانون الأول 2020، وبعدها بيومين استقالت حكومة الشيخ محمد صباح السالم الصباح كخطوة إجرائية بعد الانتخابات.
وبعد الانتخابات، اعتذر الشيخ محمد صباح السالم الصباح عن تشكيل الحكومة الجديدة، الأمر الذي أربك المشهد السياسي في ظل عزوف شخصيات أخرى عن تولي المنصب. ثم عين أمير الكويت، الشيخ أحمد عبد الله الأحمد الصباح رئيسا جديدا لمجلس الوزراء في 15 أبريل/نيسان، وطلب منه تشكيل الحكومة الجديدة، لكنه لم يتمكن من تشكيلها.
في الواقع لم يكن خطاب سمو الشيخ مشعل الاحمد الجابر الصباح امير دولة الكويت عاديا بل كان وثيقة وطنية تناول فيه القضاء والمال العام ومحاربة الفساد والمفسدين والعمل على النهوض بالكويت وشعبه الكريم. ان التحديات خطيرة والنيران المشتعلة حولنا يكاد لظاها يصلنا، وان الكويت وأبناءها أحوج ما يكونون اليوم الى التكاتف والتلاحم للنجاة من تلك الأخطار. في هذا الخطاب أكد سموه من خلاله متطلبات الديمقراطية وقواعد النهج الاصلاحي الشامل لتجسيد الخطوات الرامية الى ترسيخ المشاركة الشعبية في بناء الكويت عبر العمل الفاعل لتكريس مكانة الامة كمصدر للسلطات، وانجاح الاهداف الرامية لتحديد الخطوات الكفيلة بتطور الاعمال بغية صناعة القرار وتعزيز دور مجلس الامة كركن اساسي في نظام الحكم المستند الى الدستور.
هذا الخطاب يجسد الرؤية الاميرية الهادفة والحصيفة الواضحة لسموه التي تناولت الهمّ الوطني بسائر تفاصيله محلياً وعربياً.. انطلاقا من منظومة القيم والمبادىء والتطلعات لسموه لتجسيد فلسفة الدولة وتقدمها وتطورها والنهوض بأبنائها.
وهذه الكلمة الشاملة والجامعة هي بمثابة تكريس رغبة سمو الامير بأن الامة مصدر السلطات وتفعيل الثورة البيضاء التي ارادها القائد لاجراء عمليات التغيير والاصلاح بعيدا عن التكتلات الخارجية التي قد تعيق عملية البناء والتنمية..
وهذا التعاون الذي دعا اليه سموه كل الفرقاء سيسهم في دفع المخاطر عن الوطن الكويت ويشكل درعاً حصيناً له في ضوء التنافس المطلوب لخدمة هذه الامة عبر الاصلاحات الحقيقية في مختلف مناحي الحياة، لتكون المرحلة التي ينتظرها المواطنون، هي الامل في بناء الدولة وترسيخ جذورها بخطى ثابتة واجراءات سليمة بعيداً عن المحسوبية او التراضي بالرقابة في مختلف القضايا وعبر كل الصعد..فاذا كانت الديمقراطية في الكويت التي كان لي شرف حضورها وتغطيتها منذ البداية عام 1961 وحتى 1990 هي مسار حياة ينتسب اليها الاستقرار والازدهار والتطور في الكويت وفق الدستور والقوانين الناظمة المرعية والتي شكلت فيها الانتخابات البرلمانية تعزيز هذه المفاهيم، فان خطاب سمو الامير يعتبر بمثابة خريطة طريق لتعزيز هذه المفاهيم في الحرية، وتكريس دولة القانون والمؤسسات التي تشكل نقطة هامة لكل مواطن او برلماني ليعمل ويضطلع بمسؤولياته وواجباته تجاه الوطن وتفعيل التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لما فيه مصلحة الوطن والمواطنين بكل مسؤولية وطنية وقومية!
فخطاب سموه الذي استمعت له باهتمام امس الاول كان واضحاً وجلياً وسيسهم في تجسيد وتكريس الود والتفاهم والحرص المشترك للتصدي ومعالجة القضايا المحلية والحفاظ على المال العام ومحاربة الفساد والمفسدين كافة، وتلبية تطلعات المواطنين نحو تحقيق المزيد مما ينشده الكويتيون من رقي وبناء وازدهار.. خاصة وان هذا الخطاب الجامع يؤكد الرغبة الاصيلة بضرورة التعاون المشترك في خدمة الوطن بحيث يكون المنطلق الحقيقي وهو برنامج متكامل في اطار الثوابت والمرتكزات الدستورية والوطنية ليكون في مستوى التحديات، واستثمار كل الفرص والامكانات الوطنية المتاحة في مواجهتها، ويرتقي بالتخطيط الانمائي لكل المحافظات والمدن وانجاز ما هو مطلوب في اصلاحات وطنية بحيث يسهم بكفاءة وبأسلوب عملي وفعال في دراسة الاولويات الواجب اتخاذها، ويكرس دعم الامن الوطني والانتماء والوفاء لهذا البلد، بحيث يعمل الجميع بأكبر قدر من الفعالية وبروح الفريق الواحد وعلى قاعدة من التضامن والتعاون الايجابي المشترك، خاصة وان عالمنا المعاصر كما قال سموه يشهد تغييرات متسارعة ينبغي ان نواكبها نحو التطور والرقي ونتفاعل معها.. وهذا يتطلب من السلطتين شفافية ومصداقية الافعال وديمقراطية الحوار والجرأة في اتخاذ القرارات التي لا ترهق المواطنين ومرونة الحركة وفعالية الاداء وسرعة الانجاز حتى يتم تنفيذ المهام الموكلة لدى الحكومة لتعزيز الشراكة الوطنية بالتعاون مع المجتمع المدني والقطاع الخاص لمواصلة مسيرة الاصلاح والاولويات الوطنية والقضايا الملحة ذات الصلة بحياة المواطنين ودعم التضامن والعلاقات الخارجية في مختلف المجالات.
ولنا كل الثقة في ان يكون خطاب سموه وفي تشكيل لجنة تنقيح الدستور خطوة فاعلة وجادة وعملية لبناء الشراكة العامة وتحديد المعوقات الاساسية والمتطلبات الرئيسة لتحقيق رؤى سموه الرامية الى العمل المثمر نحو الافضل والاشمل للكويت وفقا للدستورخاصة وان حل مجلس الامة حدث في عامي 1976 وفي 1986، كما يمكن القول عنه بانه خطاب الثقة والتفاؤل والعمل المخلص والجاد لخدمة الوطن والمواطنين في هذه الظروف الراهنة التي شخصها سموه رعاه الله خاصة وان سموه لم يدخر وسعا في تحقيق التضامن العربي ودعم منظومة الخليج العربي والاسهام في تنمية الاقتصادات العربية والاسلامية. واعرب سموه عن استعداده لدعم الاستثمارات في الاردن خلال زيارته الماضية للاردن والتي تشرفت بالتعليق على مضامين المحادثات التي جرت بين سمو الشيخ مشعل الاحمد الصباح وجلالة الملك عبدالله الثاني وتطوير الاستثمارات الكويتية بالاردن بكل قوة واقتدار!