نبض البلد - بقلم الدكتور رافع شفيق البطاينة ،،،،
أما وقد أسدل الستار على مجلس النواب ، وفضت الدورة العادية الرابعة والأخيرة من عمر المجلس ، وأصدر جلالة الملك إرادته الملكية السامية بإجراء الانتخابات وفق القانون الانتخابي الجديد ، وأصبح حل المجلس قاب قوسين أو أدنى ، والقرار يعود في النهاية إلى صاحب الأمر والصلاحية الدستورية جلالة الملك عبدالله الثاني . ولذلك لا بد من تقييم سريع لأداء مجلس النواب الحالي الذي قاربت ولايته الدستورية من النهاية، فقد جاءت انتخابات هذا المجلس في ظروف جائحة كورونا التي قيدت من حرية وحركة المرشحين والناخببن في التعرف على بعضهم البعض ، وعلى برامجهم وأهدافهم وأفكارهم بحكم حظر التجول الذين كان مطبق آنذاك ، وقد تعرض هذا المجلس إلى هزات داخلية، وواجه مطبات داخلية من سلوك بعض أعضاءه دفعت المجلس إلى فصل إثنين من أعضاءه ولأول مرة في تاريخ المجالس النيابية ، كما علق عضوية بعض أعضاءه لفترة من الزمن، في حين كان مصير أحد الأعضاء إلى التوقيف بالسجن بانتظار محاكمته ، وكل ذلك تطلب قرارات صعبه وجريئة من أعضاء المجلس للمصادقة على قرارات وعقوبات لجان التحقيق الداخلية في المجلس ، لتأخذ هذه العقوبات طريقها للتطبيق وإضفاء الشرعية القانونية عليها.
كما واجه المجلس قوانين أخذت بعدا شعبيا وردود فعل واسعة من الرأي العام الأردني بين مؤيد ومعارض أو رافض لها، فاجتاز المجلس إقرار قوانين منظومة التحديث السياسي المتمثلة بقوانين الانتخاب والأحزاب السياسية والتعديلات الدستورية ، وقانون اللامركزية بنجاح ، ثم تبعها بعد ذلك قوانين العقوبات الجزائية ، وضمان الحصول على المعلومات ، وبعد ذلك القانون الأشد صعوبة ومعارضة من بعض الأطياف السياسية والشعبية ، قانون الجرائم الإلكترونية ، وأخيرا قانون العفو العام الذي مر بسرعة قياسية أدهشت المواطنين ، وأثرت على باقي شعبية وثقة الناس بالمجلس تأثيرا كبيرا ، كما تقلب على رئاسة هذا المجلس ثلاث رؤساء ، بدأت لمدة سنة واحدة للرئيس الأول النائب عبد المنعم العودات ، والرئيس الثاني معالي النائب عبد الكريم الدغمي، وسنتين للرئيس الثالث والأخير وهو سعادة النائب أحمد الصفدي .
وحصلت العديد من حالات التوتر والانفعالات سواء بين النواب أنفسهم من جهة ، أو بين النواب والحكومة من جهة أخرى ، وأبرزها حادثة كرسي الرئيس .
أما من حيث النشاط الإقليمي والدولي للمجلس ، فقد شهدت الدورة الثالثة للمجلس من أنشط السنوات من حيث المشاركات الرسمية للمجلس في المؤتمرات العربية والدولية ، ومن حيث استقبال الوفود العربية والدولية كذلك ، واللقاءات الثنائية التي تمت من قبل رئيس المجلس ، أو أعضاء المكتب الدائم ، علاوة على الوفود الرسمية من أعضاء مجلس النواب ولجانه الداخلية ، وتجلت الدورة الثالثة في ذروة الإنسجام والتفاهم التي سادت بين الرئيس وأعضاء المكتب الدائم وأعضاء المجلس ، فانطلقوا في زيارات نوعية ، كان أبرزها زيارة الرئيس لمجلس الشورى السعودي وبعد ذلك تمت استضافة رئيس مجلس الشورى السعودي مرتين في الأردن ، وزيارة مجلس العموم البريطاني ، والبرلمانات الأوروبية ، وزيارة مجلس النواب العراقي وغيرها العديد من الزيارات واللقاءات والمشاركات ، بالإضافة إلى إجراء تعديل موسع على النظام الداخلي ، وإجراء تحديث وتطوير إداري واسع على التنظيم الإداري للمجلس التي ترأس لجنتها النائب أحمد الخلايلة بهدف رفع سوية أداء المجلس الإداري والفني ،
وعموما يعتبر هذا المجلس ، ألأخير من المجالس النيابية التي تنتخب على أسس عشائرية أو فردية، لأننا سننتقل في الانتخابات القادمة إلى الانتخابات على أسس وتكتلات حزبية ، فهل نشهد في قادم الأيام مجالس أقوى تمثل طروحات وطموحات وتطلعات الشعب الأردني وناخبيه ، مما يرفع من سوية الأداء البرلماني التشريعي والرقابي بما يعزز ويستعيد ثقة الشارع الأردني بمجلس النواب ، وبما يفضي إلى نجاح منظومة التحديث السياسي وتحقيق أهدافها التي رسمها وسعى إليها جلالة الملك عبدالله الثاني ، نحن بالانتظار ، ونتمنى ذلك ، وأن غدا لناظره لقريب ، وللحديث بقية.