نبض البلد - ومع مرور ساعات يوم السابع من اكتوبر ، وبعد اطلاع العالم على هول ما حدث في ذلك اليوم ، فقد اختلفت ردود الفعل ، واختلفت معها التحليلات . وكان للصورة التي قدمها طرفي احداث ذلك اليوم تأثير كبير على تحليل احداثه . فمن جانب حماس فقد اظهر الكثيرون دهشتهم من قدرتها على القيام بهذه العملية ، والتي تطلبت الكثير من الاعداد والتدريب والسرية المطلقة . كما تطلبت ان يكون لديها القدرة الاستخبارية والتكنولوجية بشكل يقوق تلك التي ما لدى دولة إسرائيل ومن ورائها بكثير . ولذا فقد ذهب البعض في تحليله الى التشكيك في ذلك كله ، و القول ان حماس قد تم استدراجها لتقوم بما قامت به من قبل قوى دولية واقليمية . لإعطاء إسرائيل فرصة تنفيذ ما تريد تنفيذه في قطاع غزة . وهو ما حصل ويحصل الآن . خاصة مع تواجد كل اجهزة الرصد من خلال الاقمار الصناعية واجهزة التصوير والرصد الارضية والجوية ، بالاضافة للجواسيس والعملاء المنتشرين في كل انحاء قطاع غزة .
اما من الجانب الإسرائيلي فقد اظهر الكثيرون دهشتهم من هشاشة الوضع الامني الإسرائيلي ، والذي كان معروفاً انه واحداً من اقوى الاجهزة العسكرية والاستخباراتية في العالم . والى درجة ظهور إسرائيل بانها ليست الا كيس ورقي منفوخ لا يحتاج الا لمجرد ديوس لتفريغه . وان بضع مئات من المسلحين باسلحة فردية كتبوا في ذلك اليوم السطر الاول في نهاية دولة إسرائيل . في حين ذهب آخرون للقول ان هناك خفايا واسرار قد لاتظهر للعلن الى الابد ، وان إسرائيل تحملت كل احداث هذا اليوم ، بل ساهمت في تضخيمها من اجل تحقيق اهداف رسمتها لمستقبل المنطقة . ومن مؤشرات ذلك ما ورد في مقالتي السابقة بأن إسرائيل كان لديها معلومات عن ان حماس من الممكن ان تقوم بعملية اختراق الجدار الحاجز والوصول الى بعض مستوطنات غزة ، وكانت الاولى في عام 2018 وخلال مسيرات العودة السلمية . وكانت الثانية ما بين عامي 2021 و 2022 حيث اشار التحقيق الاستقصائي ، الى احتمال وجود خطة لدى حماس اسمها اسوار اريحا ، تقوم فيها حماس باجتياح واسع لغلاف غزة من مستوطنة زكيم وحتى كرم ابو سالم . وان القيادات العسكرية الإسرائيلية طرحت فكرة القيام بعملية هجوم استباقي على قطاع غزة يطلق عليها اسم اليوم الحادي عشر لعملية حارس الاسوار ، يتم فيها القضاء على قيادات حماس ، ومنهم السنوار والضيف ، الا ان القيادة السياسية لم توافق على ذلك .
وانا وان كنت لا اتحيز الى اي وجهة نظر ، الا انني لا استبعد احداها ، واعتبر ان ما قامت به الطائرات والدبابات الإسرائيلية في السابع من اكتوبر من قصف لمستوطنات قطاع غزة بحجة القضاء على عناصر حماس فيها ، ومقتل المئات من المستوطنين الاسرائليين خلال هذا القصف ، هو لزيادة اثارة الرأي العام العالمي على ما فعلته حماس في ذلك اليوم ، ولجعله يتقبل ما ستقوم به إسرائيل بعد ذلك . ومن ذلك ما تم نشره عن عمليات قتل الاطفال الرضع وحرقهم ، واغتصاب النساء وبقر بطون الحوامل منهن ، وهنا يظهر دور منظمة( الهسبارا )
واتي يرأسها عضو الكنيست اليميني المتطرف زئيف إلكين . والتي تعتبر احدى جبهات الحرب الإسرائيلية مثلها مثل الجيش والموساد والشاباك . ومعني الكلمة (الشرح والتوضيح ) . والتي تتواجد مكاتبها في مكتب راسة الوزراء و وزارة الاعلام والخارجية وشؤون المغتربين والوكالة اليهودية ، وتدار هذه المكاتب باشراف المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي . وهي التي تقف وراء المظاهرات المؤيدة لإسرائيل في العالم ، وسلاحها المال والنساء وشركات الدعاية والترويج وشبكات التواصل الاجتماعي و اللوبيات اليهودية وشبكات التلفزة. . والتي تهدف الى شرح وتبرير عمليات الجيش الإسرائيلي ، وتصويرها بطريقة ايجابية ، وبهدف كسب المجتمع الدولي ، ومجلس الامن الى جوار إسرائيل . واظهار انها هي ضحية الارهاب الفلسطيني ، وانها معرضة لخطر الابادة ، في حين انها هي التي تقوم بحرب الابادة والتطهير العرقي بحق الفلسطينيين . وهي غالبا ما تغير خططها واساليبها حسب الظروف ، فهي بعد ان روجت بأن حماس وداعش و جهان لعملة واحدة ، و اصبح ذكر كلمة حماس يرتبط بداعش ، وقولهم انها تمثل تهديداً للعالم ، وانها بعد ان تنتهي من القضاء على إسرائيل فسوف يأتي دور الدول الغربية ، وعندما لم تنجح بتسويق هذا الربط لتبرير تصرفاتها العنيفة في قطاع غزة ، لجأت الى التذكير بجرائم الحرب التي تم ارتكابها في العراق وافغانستان ، لتبرير الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في غزة ، ودفع العالم للقبول بها باعتبارها دفاعاً عن النفس ، وعن العالم المتحضر . وهي التي روجت مبررات مهاجمة المستشفيات ودور العبادة والمدارس والجامعات وغيرها باعتبرها مقرات قيادة حماس وعناصرها . كما انها هي التي روجت لادعاءات بقتل الاطفال واغتصاب النساء .واعمال التخريب والتدمير في المستوطنات ، ونشرت فيديوهات تصور هذه الافعال ، في حين انها كانت في معظمها من انتاجها وتصويرها واخراجها .
و فور وقوع عملية طوفان الاقصى وفي يومها الاول اخذ بنيامين نتنياهو / رئيس وزراء إسرائيل يتوعد حماس على ما قامت به ، وقال انها سوف تدفع ثمناً باهظًا مقابل ذلك ، واننا في حالة حرب معها ، وانه اصدر تعليماته بتطهير المناطق التي لا يزال عناصر حماس يتواجدون فيها ، وان رده سيكون باطلاق النار على العدو ، و تدفيعه ثمن ما قام به ، وان حماس هي من طلبت الحرب وسنواجه هذه الحرب ، وانه يتوقع دعم دولي لضمان التحرك بهامش حرية كبير ، متوعداً بان يتحول كل مكان تعمل منه حماس الى خراب ، وان ما سيفعله جيشه بهم سوف تردد صداه الاجيال القادمةً . وقال نحن ابناء النور ، وهم ابناء الظلام ، وان النور سوف يتغلب على الظلام . وقال سوف نحقق نبوءة اشعيا والعماليق ، في اشارة لما تعرض له شعب العماليق ( وهم من العرب البدو ) على يد اليهود . حيث قتلوا كل من في المدينية من رجل وامرأة ، من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير ، واحرقوا المدينة في النار . واشارته هذه مستمدة من سفر صموئيل الاول ، الاصحاح الخامس عشر ، حيث يطلب اشعيا من الملك شاول ان لا يشفق على احد في مهاجمته عماليق . وهذه الاشارة بنت عليها دولة جنوب افريقيا دعواها على إسرائيل في محكمة العدل الدولية . كما قال ان رد إسرائيل على هجوم حماس سيغير خارطة الشرق الاوسط ، وسيتم ضرب حماس بلا هوادة ، وان اي مكان تعمل فيه سوف يتحول الى خراب
ومن جانبه اعلن وزير دفاع إسرائيل الحصار الشامل على قطاع غزة قائلاً ( لا كهرباء ولا طعام ولا مياه ولا غاز ولا وقود ، سوف يفلق كل شيئ ، نحن نواجه متوحشين ويجب ان نتصرف معهم على ضوء ذلك على ضوء على ضوء ذلك ) . هذا النص الذي وصفته منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية بأنه مقزز .
وفي اليوم الثالث من عملية طوفان الاقصى اعلنت إسرائيل استعادة سيطرتها على جميع الاماكن التي اقتحمتها حماس ، و اعلنت عن انطلاق عملية السيوف الحديدية ضد قطاع غزة .
يتبع
مروان العمد