عبدالله محمد القاق
معركة الكرامة التي شاركت فيها القوات الاردنية اعادت النصر والنشوة للامة العربية خاصة بعد هزيمة 1967 حيث نال الاردن بهذا الانتصار التقدير العربي والدولي لقدرة جيشه وبسالة ابنائه في الدفاع عن ارض الوطن ، والحاق الهزيمة بالجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر.. هذه المعركة التي تلقى حلالة الملك عبدالله الثاتي وسمو ولي عهده الامين سيلا من برقيات التهنئة على قوة وبسالة الجيش الاردني المصطفوي اعادت ثقة الشعوب بجيوشها وشكلت اول اختراق تاريخي في الصراع ضد العدو الاسرائيلي ، وهذا ما اكده_ لي - الفريق اول المتقاعد علي فهيد القائد الذي ناضل وكافح ببسالة وشرف في هذه المعركة حيث جرح وظن رفاقه انه استشهد -اطال الله في عمره - حيث تحدث عن الجوانب العسكرية لهذه المعركة واهميتها في مواجهة العدو الاسرائيلي موضحا ان المعركة كانت ذات اهمية وابعاد كبيرة في تاريخ الاردن والتي تضمنت تضحيات مخلصة لجيشنا العربي... واعادت للامة كرامتها وثقتها بنفسها باعتبارها اول نصر مؤزر لهذه القوات.. وللعرب عبر الصراع العربي -الاسرائيلي حيث اثبتت معركة الكرامة ان النصر العسكري العربي على اسرائيل ليس مستحيلا وانما هو مؤكد وجعل تلك البطولة وسام عز وفخار على صدور كل الاردنيين.
ولعل اهمية هذه المعركة التي جرت في 21 آذار 1968 انها جاءت بعد هزيمة عام 1967 وقد حاولت القوات الاسرائيلية الاستهانة بقوة الجيش الاردني على اطول خط للحدود بين الاردن وفلسطين فضلا عن انه لم يمض وقت طويل على هزيمة العرب في حرب 1967 ولذلك فان الروح المعنوية -كما تدعي القوات الاسرائيلية - لن تكون بمستوى جيد لتحقيق المقاومة الجدية كما وانه لم يتسن الوقت للجيش الاردني من اعادة تسليح قواته او تعويض خسائره في معركة 1967 غير ان قواتنا الباسلة التي استعدت استعدادا كبيرا وكانت عازمة على رد الاعتبار للقوات العربية اثر هزيمة عام 1967 حققت انتصارات كبيرة في هذه المعركة وطردت القوات الغازية في هذه المعركة الاسطورية والتي كانت مدعاة للاشادة بقواتنا المسلحة حيث قال عنها المارشال جرشيكو رئيس اركان القوات المسلحة السوفياتية الاسبق آنذاك "لقد شكلت معركة الكرامة نقطة تحول في تاريخ العسكرية العربية" ونشرت مجلة نيوزويك الامريكية تقريرا مفصلا عن هذه المعركة مدعما بالصور قائلة: "لقد قاوم الجيش الاردني المعتدين بضراوة وتصميم.. وان نتائج المعركة جعلت الملك الراحلطيب الله ثراه الحسين بطل العالم العربي".. ولعل الاهمية تكمن في قراءة رئيس اركان الجيش الاسرائيلي الأسبق حاييم بارليف عندما قال "ان اسرائيل فقدت في هجومها الاخير على الاردن آليات عسكرية تعادل ثلاثة اضعاف ما فقدته في حرب حزيران" ، واضاف في حديث نشرته صحيفة هآرتس في 31 ـ 3 ـ 1968 ان عملية الكرامة كانت فريدة من نوعها ولم يتعوّد الشعب في "اسرائيل" مثل هذا النوع من العمليات. ان العمليات التي قمنا بها كانت تسفر عن نصر حاسم لقواتنا.. ومن هنا فقد اعتاد شعبنا على رؤية قواته العسكرية وهي تخرج منتصرة من كل معركة... اما معركة الكرامة فقد كانت فريدة من نوعها بسبب كثرة الاصابات بين قواتنا والظواهر الاخرى التي اسفرت عنها المعركة مثل استيلاء القوات الاردنية على عدد من دباباتنا وآلياتنا وهذا هو سبب الدهشة التي اصابت المجتمع الاسرائيلي ازاء عملية الكرامة.
ولعل رعاية جلالة الملك عبدالله الثاني القائد الاعلى للقوات المسلحة احتفال قوات الجيش العربي في الشونة مؤخرا بالمناسبة وبالذكرى لمعركة الكرامة المجيدة دليل واضح وقوي على ان الاردن برجالاته وجيشه العربي المصطفوي هو الاقدر والاقوى بتوفيق ونصر من الله على حماية امنه واستقراره وتقدمه والذي بات بفضل قيادته الحكيمة والملهمة جلالة الملك عبدالله الثاني واخلاص وتفاني شعبه وكفاءة جيشه في الحرب والسلم يمثل نقطة ارتكاز واهمية بالغة لما ينشده الاردن من رغبة جامحة للاستمرار في معارج الكرامة والكبرياء والنصر والتقدم والازدهار.
هذه المعركة الخالدة التي شاركت فيها قوات فلسطينية وشهدت مختلف مناطق ومحافظات الاردن الاحتفالات بالمناسبة الوطنية تحمل في طياتها مضامين ودلائل بالغة تُشعًر الاردنيين بالفخر والانتماء الصادق للامة والوطن والولاء الراسخ الاكيد للقيادة الهاشمية .. مشيدين بدور قواتنا المسلحة واجهزتنا الامنية لما وصلت اليه من كفاءة ودراية وخبرة لحماية الوطن والذود عن حياضه والوقوف بصلابة امام من يحاول المساس بأمنه واستقراره، كما نود ان نشيد بالمقاومة الفلسطينية في غزة التي دافعت عن حياض فلسطين وغزة ة الابية بالرغم من حرب المجاعة والتدمير والابادة الي قامت به اسرائيل بدعم اميركي فاضح باعمالها واعتداءاتها الهمجية والبربرية ضدالشعب الفلسطيني.
حقا لقد كانت معركة الكرامة مثلا للكرامة العربية والانتصار القومي لنشامى الاردن في اشرس معركة حشد لها العدو الاسرائيلي لتحقيق النصر ولاحتلال اراضي اردنية غالية على كل مواطن.. لكنه عاد مدحورا .. وحقق هذا الجيش الباسل النصر المؤزر المبين والذي سيكون عنوانا بارزا في الاستراتيجية العسكرية عربيا ودوليا.
حبذا لو تم ادراج الدروس والعبر من هذه المعركة في المناهج الدراسية بالمعاهد والجامعات الاردنية ليطلع ابناؤنا على تاريخ هذه القوات المشرفة في الدفاع عن حياض الوطن والمواطنين كافة.