لا تكاد تمر على الأردن أزمة، سواء كانت داخلية، أو اقليمية، إلا وتتزايد وتيرة الحملات المشبوهة بالانتشار على مواقع التواصل الاجتماعي، في محاولة لزعزعة الاستقرار الأردني، الذي، ولله الحمد، لم تؤثر عليه أي محاولات للنيل منيه من دول معروفة لدينا وتسعى إلى بث المعلومات المضللة.
في آخر رصد للمعلومات المضللة والحملات المشبوهة التي استهدفت الأردن ودوره، فإن نسبة الحسابات المهاجمة لرموز وطنية وللدور الأردني في الوصاية على المقدسات تضاعفت 213 %، في حين ارتفع نشاط الحسابات الوهمية بشكل كبير في الايام الأخيرة، بينما زادت الحملات المضللة عن الفترة نفسها من العام الماضي بنسبة 94 %.
هذه النسب والأرقام يجب ان يدرك خطورتها صاحب القرار في المملكة للتعامل معها سواء مواجهتها أو العمل على توعية الناس بحقيقة ما تتعرض له المملكة من هجمات ممنهجة، حيث لا يكتفي فقط برصدها بشكل رسمي وتركها تتزايد بوتيرة متسارعة بين الناس لما تشكله من خطورة على الأمن المجتمعي، حيث تبث المعلومات الهدامة التي من شأنها زعزعة ثقة الناس بوطنهم وسياساته.
كما على الناس أن تقرأ أيضا هذه الارقام بتمعن جيدا، فمن جانب لا بد ان يدركوا ان الدولة التي ينتمون إليها تعاني من تحديات كبيرة في سبيل الحفاظ على استقرارها، ومصالحها، وهذه التحديات عنوانها استهداف المجتمع بمعلومات مغلوطة، وأكاذيب وأوهام تبث على مواقع التواصل الاجتماعي، مستغلين حاجة الناس للمعلومة، وسرعة تصديقهم لها.
كما لا بد وان تشكل هذه الارقام دافع لدى الناس بضرورة التخلص من هوس نقل المعلومات وتصديقها والتعاطي معها دون أن يتحققون من دقتها، ومصدرها، وتحليلها، والبحث عن تفاصيلها، وهذا السلوك هو السلاح الأول في مواجهة هذه الحملات المضللة التي للأسف نشارك في نشرها دون ان ندرك جيدا خطورتها، وأهدافها.
أما السلاح الثاني، وهو طالما أكدنا عليه ويتمثل بضرورة توفير المعلومة للناس عبر وسائل الاعلام، بشكل استباقي في بعض الاحيان، وفي احيان اخرى سرعة توفرها لتوضيح ما ينشر، فالمواطنين على ثقة عالية بمؤسساتهم عندما يتعلق الأمر بمصلحة الدولة، وسياستها الخارجية.
اليوم، فتحت الحرب الاعلامية المتزمنة مع العدوان الصهيوني على قطاع غزة، والتضليل الاعلامي الغربي الباب أمام أهمية الاستفادة من الدروس التي خطتها ابواب هذا الاعلام غير المهني، والموجهة، والذي تتحكم فيه أدوات سياسية جعلته ينقل الصورة من زاوية واحدة، وهم طالما تغنوا بالمهنية والحرية، وحقوق الانسان.
يجب ان نعي تماما ما يحدث وما يتعرض له الاردن من خطورة بالغة تستهدف موقفه المناضل تجاه القضية الفلسطينية ووقوفه صدا منيعا في وجه الاهداف الرامية الى اعادة شكل الشرق الاوسط على حساب الفلسطينيين، ناهيك عن رغبة هؤلاء بالحصول على تبعية المملكة لهم وذلك من خلال اضعاف جبهتها الداخلية وعكس صورة سلبية عنها لدى الرأي العام العربي.
الأردنيون وبعد السنوات الطويلة من التجارب على قدرة كافية للتعامل مع هذه الحملات المضللة، فهم يخطون دائما فصول ملحمة الوحدة الجمعية في الملفات الهامة التي تخص المملكة ومصالحها ودورها، فلا خوف عليهم.