محمود الدباس

هل يخدم إعلامنا العربي جيش الاحتلال؟!..

نبض البلد -

بداية فانني لا اقبل ان يكون العرب ممن يعول عليهم جيش الاحتلال بأنهم يمتلكون ذاكرة السمكة.. فيستغلنا كيفما شاء..

من هذا المنطلق سمحت لنفسي ان اطرح هذا الطرح الذي قد لا يروق للكثيرين من ابناء جلدتي.. وخوصا في هذا الوقت الدقيق والعصيب على الامة باسرها..

فقد ربطت كل شيء في الكيان الغاصب بجيشه.. ولأنني اعتقد اعتقادا جازما ان دولة الكيان الغاصب هم كلهم جيش.. وليسوا فئتين حربية ومدنية كما يصورون ويحاولون اقناع شعوب وانظمة العالم.. فكل من اتى الى فلسطين التاريخية من ابناء يهود من الشتات.. هم محتلون للارض.. اكان بلباس عسكري او ببدلات وربطات عنقن انيقة..

قبل اندلاع احداث غزة.. كان العرب مجمعين على ان غالبية الاعلام العالمي المعروف والمؤثر لا يخدم الكيان الصهيوني فحسب.. بل ويعمل تحت إمرته بشكل مباشر او غير مباشر.. وكان العرب لا يثقون بكل ما ينشره هذا الاعلام.. ليقينهم بانه اعلام مُسيس ويدس السم في الدسم للسيطرة على عقولنا.. والتلاعب بافكارنا..

ولان هؤلاء جميعا مقتنعون بان العربي يمتلك ذاكرة السمكة.. وان عاطفته تغلب عقله.. وانه يغير آرائه بمجرد دغدغة لعواطفه بمنشور او مقال.. فينشرون له ما يريد سماعه..
وكما هو معلوم لدى الجميع.. ان العربي اذا اردت تسييره كما تشتهي.. واردت اخذه الى صفك.. وتسلب قلبه ليحبك.. حدثه بما يحب سماعه.. ولا تعارضه فيما هو مقتنع به..

فهذا للاسف يظهر ونلمسه نحن بانفسنا واضحا جليا حتى في علاقاتنا الاجتماعية.. وليس سرا.. فكم من الخلافات دبت بيننا.. وهجران حصل بين الاحبة والاقارب.. جراء توجيه نقد لطرف.. او معارضته في راي او تصرف قام به..

وعودة الى عنوان المقال.. فكلنا اقتنع بان ضربة المقاومة لمنظومة الامن العسكري والامني للكيان في اول يوم من المواجهة.. وبغض النظر عن رأينا في كيفية وهدف تلك العملية.. كانت ضربة مؤلمة.. وهزت صورة ذلك الجيش امام مواطنيه بالدرجة الاولى.. حتى وان كان هؤلاء "المواطنين" المستوطنين مهيأين  مدربين نفسيا على هكذا صدمات..

فكان لا بد من إعادة هيبة ومكانة ذلك الجيش الجبان الى ما كانت عليه..
فهم يُسَخِرون كل أدواتهم الاعلامية لخدمة هذا الهدف.. وعلينا ان نعلم يقينا انهم دائما في حالة حرب.. ولكنهم الان في يواجهون حالة تمس امنهم القومي بشكل مباشر.. ولا مجال لاحد لان يغرد خارج السرب.. مهما كانت ذرائع الكُتاب والاعلاميين الصهاينة.. ومهما استندوا على قوانين وسقوف الحريات.. فلا يغرنا كتاباتهم عن حال جيشهم الذي يصورونه لنا بانه في اسوأ حالاته.. فهم يحاولون جهدهم لاقناعنا بأن الامر قد حسم لصالحنا.. وانهم قد تقهقروا..
فهذا والله مدعاة لان نكون اكثر وعيا.. واكثر يقضة.. ولا ننجر لما يقولون.. حتى لا نغتر بما تحقق.. ونشعر بأن كل شيء انتهى.. والمعركة حسمت.. والعدو اوشك على الاستسلام..

الاخطر من هذا كله.. هو ما يتم نقله من قبل وسائل الإعلام العربي من دمار واشلاء وضحايا..
فنحن ننقل هذه المشاهد بهدف ايضاح حجم المأساة.. والتي في واقع الحال يشاهدها العرب بشكل خاص.. وقد لا تصل الا لفئة بسيطة من شعوب العالم الغربي.. فلن تحدث ذلك الاثر فيهم كما نتوقع..

وانا على ثقة من استغلالها من قبل عدونا الذي لا يأبه بما يشاهد.. ولا تتحرك عاطفته تجاهها.. لا بل على العكس تماما.. فهي تزيد من معنويات جيشه الذي ينتشي ويعشق الدمار والحرق والقتل.. ويتباهى بكمية الدماء التي تسيل على الطرقات.. وتحت المباني المهدمة.. وعلى ممرات واسِرَة المشافي..
وبالتالي تعزز هذه المشاهد من ثقة شعبه بجيشه الغاصب.. والذي يرد بكل حزم وقوة وجبروت على اي محاولة من النيل منه ومن شعبه المستوطن..

وبالمقابل فان ذلك الكيان يمنع بث اي صور لقتلاه  وجرحاه.. او اي مشهد لدمار ممتلكاته.. حتى يبقي مَن هم يتحزمون به على ثقة بان حجم رد المقاومة بسيط وغير مؤثر.. وبين الفينة والاخرى.. ينشرون صورا لدمار بعض الاماكن الفارغة من الناس.. ليبين ان المقاومة ما زالت تقصف.. وانه يجب الاستمرار في تدمير بنيتها التحتية.. والقضاء عليها.. حتى وان كلفه الامر ابادة شعب ومدينة بالكامل..

فيا ليتنا نتنبه لهذا الامر.. الذي يتعامل به عدونا بكل احترافية ماكرة مستغلا سلامة نيتنا.. لكي يصل الى ما يريد..
فببثنا المتواصل لهذه المشاهد.. نكون قد عودنا انفسنا على تلك المشاهد.. وستصبح يوما بعد يوم فاقدة التأثير.. اضافة الى بث الفزع والرعب في النفوس من هذا العدو الجبان.. ولا ننسى بالمقابل فرح ونشوة المحتلين جميعا بهذه المشاهد..

في الختام اقول.. هذه الرسالة.. ليست الا نوع من انواع قرع الجرس للقائمين على الاعلام العربي.. بان عليكم اخذ هذا الامر بالحسبان.. وانتم الادرى بالتاثير الاعلامي وكيفية ادارته.. فان وجدتم ان بمواصلة ما انتم عليه هو الأجدى.. ادعو الله ان يوفقكم.. وان ارتايتم تغيير ما انتم عليه بشكل يصب في مصلحة المقاومة.. فليكن ذلك.. والله دوما خير حافظ.. وهو النصير للحق..
محمود الدباس - ابو الليث..