نبض البلد - حسين الجغبير
شكلت كلمة جلالة الملك في قمة القاهرة للسلام، التي استضافتها أمس جمهورية مصر العربية في إطار الجهود المبذولة لوقف الحرب على غزة، بمشاركة قادة دول ورؤساء وفود عربية ودولية، علامة فارقة في وضع حد فاصل لما يجري اليوم، المستند لتاريخ طويل من السلوك الإسرائيلي المتطرف، وبين ما هو متوقع في المنطقة والعالم إذا ما استمر الصراع على هذا الشكل، دون الوصول إلى حل شامل وعادل على أساس الدولتين.
لقد وجه جلالته رسالة واضحة للعالم الغربي، بتأكيده على أنه اليوم مسؤول مسؤولية قانونية وانسانية لوقف جريمة الحرب التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق المدنيين في قطاع غزة من نحو اسبوعين، والتي راح ضحيتها أكثر من 4 الآف شهيد لغاية هذه اللحظة، معلنا رفضه التام تحت أي ظرف لمشروع التهجير الصهيوني لسكان القطاع، الذي سيفتح المجال أيضا إلى تهجير لسكان الضفة إلى الأردن لاحقا، وما يشكل ذلك من خطورة ليس على المنطقة وإنما العالم أجمع.
لقد وضع جلالته العديد من الأسئلة التي تؤشر على سلوك العالم الغربي، وازدواجيته في التعامل بين الفلسطيين والإسرائيليين، وما لهذا النهج من نتائج خطيرة وبصورة لن يقوى أحد على تحملها.
يقول جلالته " ففي أي مكان آخر، كان العالم ليدين استهداف البنى التحتية للمدنيين، والحرمان المتعمد للسكان من الغذاء، والمياه، والكهرباء، والاحتياجات الأساسية. وبالتأكيد كانت لتتم مساءلة الفاعل فورا. وهكذا كان الحال فعلا في الفترة الأخيرة، في صراع آخر. لكن ليس في غزة، فقد مر أسبوعان منذ فرضت إسرائيل حصارا كاملا على قطاع غزة، ويستمر مع ذلك الصمت الدولي من غالبية البلدان.
ويضيف جلالته "ولكن الرسالة التي يسمعها العالم العربي عالية وواضحة: حياة الفلسطينيين أقل أهمية من حياة الإسرائيليين. حياتنا أقل أهمية من حياة الآخرين. وتطبيق القانون الدولي انتقائي، وحقوق الإنسان لها محددات، فهي تتوقف عند الحدود، وتتوقف باختلاف الأعراق، وتتوقف باختلاف الأديان. هذه رسالة خطيرة جدا، وعواقب اللامبالاة والتقاعس الدوليين المستمرين ستكون كارثية علينا جميعا".
هذه الجمل التي أعلن عنها جلالته وخص بها العالم الغربي في خطابه، لا بد وان ينظر إليها إلى أنها تشخيص حقيقي لما وصلت إليه الأمور، وأن العالم العربي برمته، من شعوب، وقادة، لم يعودوا قادرين على تحمل مثل هذه المعادلة، ونتائجها المتوقعة.
الشعوب العربية اليوم لن تقوى على العيش في درجة أقل من تلك التي يعيشها نظرائهم في الغرب ودولة الاحتلال، وهم قادرين على إيصال صوتهم بأي شكل من الأشكال ليعلم العالم أجمع، أن نظرية التفوق الأزلية لم تعد لها مساحة في حياة العرب، وهم قادرين على أن يقبلوا الطاولة على رأس أميركيا ومن معها، وهو الأمر الذي لم يدركه الغرب حتى هذه اللحظة، وما يزالون يعيشون في عقلية السيد وأن العرب والفلسطيين عبيد سخروا لهم ليمارسوا بحقهم أبشع الممارسات، من ظلم وعبودية.
جلالة الملك قال كلمته بالأمس، وهي بانتظار أن يفهمها العالم الغربي جيدا والعمل بها، حتى لا يأتي يوم لا أحد يحمد عقباه.