الأخ زعرور..السلاح صُنع للمعارك لا للأفراح

نبض البلد -

الأنباط – خاص
عندما بدأت الصين في حوالي القرن التاسع بصناعة أول بندقية نارية كانت من خلال خلط الملح والفحم والكبريت مع بعضها البعض ووضعها في قطعة خيزران، وإشعالها عبر فتيل ليتم نفث لهيبها باتجاه العدو.
ذلك العدو الذي كان يقابل الجيوش الصينية ،حينذاك، لم يكن يدرك أن هنالك آداة مخترعة تنفث اللهيب في وجه مقاتليها، حتى علمت تلك الدول بوجود خليط كيميائي داخل ذلك السلاح الجديد، فنجحت بنقله عبر حدود آسيا إلى أوروبا باتجاه الدول المهتمة بتطوير أسلحتها في المعارك والحروب.
وبعد أن علمت يقينًا بمحتويات ذلك الخليط في حوالي القرن الثالث عشر، بدأت بتطوير بندقية نارية من خلال مزج كمية 75% من الملح و15% من الفحم و10% من الكبريت لتكون قدرة الدفع أقوى وأشد فتكًا.
وفعلا، نجحت تلك النسب من الخليط في خلق قوة دفع قادرة على قذف اللهيب والشظايا نحو الأعداء خلال المعارك والحروب التي كانت تسود تلك الفترة، وذلك لفرض هيمنتها وسيطرتها على مجريات تلك المعارك.
وانتقلت هذه الفكرة إلى إيطاليا في حوالي عام 1320 حيث استطاعت تطوير مدافع نارية تستخدم في حروبها ،آنذاك، وبحلول القرن 19 أصبحت الأسلحة النارية أكثر تطوّرا وفتكًا، لينتهي بذلك دور الصين وأوروبا في تطوير أهداف وتقنيات تلك الأسلحة، ويبدأ دور (زعرور) بنقل هذه التقنية العسكرية من ساحة المعارك إلى ساحات الأفراح وأعياد الميلاد وحتى ( طهور الأطفال الرُضّع).
وزعرور هو مزيج لغوي بين مصطلح "أزعر" و"مغرور"، حيث أن من يستعمل الأسلحة بعيدًا عن ساحة المعركة والذود عن الأوطان، والصيد المرخّص،وغيرها من الأسباب المُبرّرة لحملها هو بمثابة "أزعر"، ومن يُطلق العيارات النارية في الأفراح والمناسبات الاجتماعية هو مغرور، لأنه يريد بذلك إيصال رسالة مُبطّنة للآخرين أنّني أمتلك سلاحًا ناريًا، وهم لا يمتلكونه.
ونجح زعرور بنقل تقنية استعمال السلاح الناري، حيث كان الأوروبيون والصينيون يوجّهون فوّهة السلاح الناري بشكل أفقي لقتل العدو في ساحة المعركة، إلا أنه استطاع توجيه فوهتها عاموديًا إلى السماء لقتل الطمأنينة والسلام في ساحة الفرح.
وكان الأوروبيون والصينيون أيضا يهتفون خلال إطلاق تلك الرصاصات في ساحة المعركة " المجد لنا"، و"نموت نموت وتحيا بلادنا"، بينما يهتف (زعرور) في ساحة الفرح: " نموت نموت ويموت الجميع".
(زعرور) يُحارب الأمن والسلام والأطفال والسعداء، فإن لم يقتلهم بسلاحه فإنه سيُخيفهم، وإن لم يستطع قلب فرحهم حزنًا، فإنه سيسهم بارتجاف أجسادهم خوفا وجزعًا، فمهتمه الرئيسية في المناسبة الاجتماعية تقتصر على تحقيق هذه الأهداف دون سواها، لأنه لو وجّهنا سؤالًا استنكاريًا إلى أي حاضر في تلك المناسبات حول الفائدة التي يجنيها من هذا الوابل من الرصاصات ، فإنه سيُخبرك ،دون أدنى شك، أنه لا يجني سوى الخوف، والشعور بالموت.
الأخ زعرور؛ لنتفق سوية أنّك تُنفق عشرات الدنانير مقابل سعر تلك الرصاصات التي تُطلقها في المناسبات الاجتماعية بلا فائدة، وأنك ذو بنية جسدية تساعدك على حمل السلاح بيد واحدة، وبمعرفة تامّة منك أنه يمكن سقوطه من يدك في أي لحظة، وسيفتك بمن حولك، دون حول لهم ولا قوّة، وحينها...
إن لم يسجنك القانون خلف القضبان، فإن الندم سيسجنك خلف الأحزان