الجاهات عادة جميلة تساعد تفك النشب وتصلح ذات البين وترفع الحرج ، ولكن إخراجها عن هدفها ، وجعلها استعراض للعلاقات والنفوذ ، والسعة والقدرة واستعراض على فئات عريضة من المجتمع لا تستطيع أن تلبي هذا الأمر.
حقيقة لا أدري على من أعتب هنا ولكن الأمر تجاوز حدوده ، وأصبح عبئا حتى على من ظن في البداية أنها مجرد طريقة لإعادة الأمجاد المفقودة ، فالوزير على رأس عمله أو رئيس الوزراء القائم بأعماله ، ليس لديه وقت للقيام بمثل هذه الأمور .
وهنا أذكر قصة رجل الأعمال الذي كان لديه الكثير من المشاغل والأعمال والمهام ، ولكنه بعد التقاعد تفاجأ بحجم الوقت والجهد المتوفر لديه ، فهو سائق للمدام في وقت ، وفي وقت آخر قائم بأمور التسوق ، وبعدها لديه وقت فائض للقيام بالكثير من المهام ، ولكن في الحقيقة لا يوجد هناك الكثير لتقوم به ، وهذا النوع من المناسبات هو طريقة للتواصل مع المجتمع وإبقاء الباب مفتوح بينه وبين الناس ، علّ وعسى أن يتفطنه القوم فيعاد توظيفه .
وكم يحزنني هذا الفكر حقيقة ، فهو لا يتناسب مع قدرات هؤلاء ولا مع إمكانياتهم ، وليست هذه الطريقة التي تورد بها الأبل يا سعد ، فهذا يستطيع أن يؤهل جيلا كاملا ، ويستطيع أن يفتح أبوابا ويكون مستشار لمشاريع هنا وهناك ، وباب يدخل منه من تقطعت به السبل لحل مشكلة مع الحكومة أو مع جهة هنا أو جهة هناك .
وبعد اكثر خطورة هو تزكية من لا يستحق ، او حتى من هو غير معروف ، و أن يتفرغ للشهادة لشخص الله أعلم هل هو من أهل هذه الشهادة أم لا ، وكم من طلب من هؤلاء وشهادة رفعت فئة إلى مصاف الشهداء ، وهم من هم ، وبعد فترة وجيزة ظهرت حقيقتهم ، فكان الطلاق هو الحل ، وكان هؤلاء موضع تندر وسبة من أهل العروسين ، وتقف بعدها مع دعوة من أحدهم ( بحسبي الله ونعم الوكيل فيك وفي شهادتك ) ، هل حقا وصلنا إلى هنا .
هذا إضافة إلى إضافة أعباء على الناس حيث أن جاهة يكون فيها فلان لا بد أن تكون جاهة بكذا كذا وفيها ذلك العدد ، وهذه تكاليف إضافية على العروسين ، الهدف من الجاهة هو الإشهار ، والإشهار اليوم من الممكن أن يتحقق بترويج خبر على مواقع التواصل بعدد من الدنانير ، أما إذا كان الهدف التفاخر الإجتماعي ودرجة هذا أو ذلك ، فهل حقا وصل بنا الأمر أن تكون هذه الفئة وفيها من فيها من العلم والقدر والإحترام ، درجات يصعد عليها من في نفسه شيء أو لديه نقص يسعى لتغطيته .
أرى أن يترفع الكبار ويتصرفوا بأخلاق الكبار ، ولا يسمحوا لهذه الأمراض الإجتماعية بالإنتشار ، وأن يكونوا سدا لمن تسول له نفسه خلق تصرفات وأفعال ترهق كاهل الشباب وتثقل عليهم ، وتعيق حركة الزواج في الحياة ، وتخرج هذه الحركة عن مسارها الصحيح ، وتحملها أعباء ما أنزل الله بها من سلطان .
حتى أصبح العزوف عن الزواج هو الظاهر ، وأصبح الطلاق هو المنتشر ، فزيادة الأعباء تثقل كاهل الشباب وتجعل الحياة بعد الزواج حياة ضنك وشدة ، وتذهب بسعة الصدر وراحة البال وتؤدي إلى ما نراه في هذه الأيام .
وللإسف يتحمل وزر هذه التصرفات الكثير من العقلاء ، فلا هم أخذوا على يد الجاهل ، ولا هم سنوا السنن الحسنة في المجتمع ، بل هم كان من المروجين لمثل هذه التصرفات ، والمشاركين في زيادة إنتشارها .
لذلك ...
..نعم لصوت العقل والحكمة
..نعم لكل تصرف يساهم في تخفيض نفقات الزواج عن الشباب
..ويساعدهم على البدأ في حياة مستقرة هانئة
..نعم لعدم المشاركة في هذه المناسبات إلا من قبل من لهم علاقة مباشرة من قرابة أو صداقة حميمة .
..نعم لبناء الحركة الإيجابية في الحياة .
إبراهيم أبو حويله .