نبض البلد -
عمر الكعابنة
تعتبر المؤشرات الاقتصادية الحالية للأردن بمثابة دليل قوي على التقدم الذي تحقق خلال الفترة الزمنية الأخيرة، ويظهر الأرقام والإحصائيات تحسنًا في مجموعة متنوعة من القطاعات الاقتصادية، مما يشير إلى توجه واعد نحو التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي.
من أبرز المؤشرات الإيجابية هو تحقيق نمو حقيقي بنسبة 2.5% في عام 2022، وفي الربع الأول لعام 2023 تحقق النمو بنسبة 2.8% مقارنة بنسبة 1.9% في عام 2019، وهذا النمو يعكس الجهود الرامية إلى تعزيز البيئة الاستثمارية ودعم القطاع الخاص، والنمو المستهدف للعام الحالي بنسبة 2.7% يشير إلى استمرارية هذا المسار الإيجابي.
تعزز هذه المكاسب أيضًا من خلال زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث تم تحقيق زيادة بنسبة 39% في صافي الاستثمار الأجنبي في الربع الأول من عام 2023 مقارنة بنفس الفترة في عام 2019، وهذا يرجع جزئيًا إلى اعتماد استراتيجية ترويج الاستثمار وتفعيل منصة الخدمة الاستثمارية الشاملة.
القطاع السياحي أيضًا يظهر تحسنًا واضحًا، حيث ارتفع الدخل السياحي إلى 1.2 مليار دينار في الربع الأول من عام 2023 مقارنة بمستوياته في السنوات السابقة، هذا يعكس جاذبية الأردن كوجهة سياحية والجهود المستمرة لتطوير البنية التحتية السياحية.
من الجوانب المهمة للنجاح الاقتصادي هو التركيز على الاستقرار المالي والنقدي. حيث تمكن الأردن من الوصول إلى مستوى مريح من احتياطي العملات الأجنبية، مما يساعد على تحقيق الاستقرار في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، وقد تم احتواء الضغوطات التضخمية بنجاح، حيث تم تحقيق نسبة تضخم مستهدفة تبلغ 3.8% لعام 2023.
تعزز السياسات الحكومية هذا النمو المستدام من خلال اعتماد قوانين اقتصادية تعزز البيئة الاستثمارية وتعزز من تنافسية الاقتصاد الوطني، كما تهدف استراتيجية التصدير (2023-2025) إلى زيادة الصادرات الوطنية بنسبة 5% سنويًا، وذلك من خلال تعزيز الصناعات عالية القيمة ودعم الشركات المحلية.
ويشهد الأردن نجاحًا ملحوظًا في تطوير الخدمات المستقبلية، حيث تعكس الإنجازات الحالية الالتزام الحكومي بتحسين الجودة وتطوير البنية التحتية لخدمات متنوعة، تقود هذه الجهود إلى تعزيز التنمية المستدامة وتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
تطبيق سند يشهد تحسنًا ملحوظًا، حيث ارتفع تقييم التطبيق من 1.8 إلى 4.7، ووصل عدد الحسابات المفعلة إلى 1.5 مليون حساب، ويأتي ذلك في إطار استجابة الحكومة لاحتياجات المجتمع من خلال تطوير وتحسين الخدمات الإلكترونية.
تطوير الهوية الرقمية يمثل مهمة استراتيجية للأردن، حيث يتم تفعيل استخدام بصمة العين في تفعيل الهوية الرقمية، وهذه الخطوة ستسهم في تحسين الأمان والتحكم في الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين.
إحدى الأولويات هي توفير فرص العمل وتشجيع الاستثمار. برامج حافز للتشغيل المؤقت وبرنامج منح نمو الأردن قد أسهما في توفير حوالي 10 آلاف وظيفة دائمة ومؤقتة، كما تعزز تطوير الصناعات عالية القيمة من الاقتصاد من خلال تعزيز التجارة الإلكترونية وتشجيع الاستثمارات الجديدة.
القطاع السياحي في الأردن يحقق نجاحات ملحوظة، حيث شهد زيادة في عدد الزوار والدخل السياحي. جهود الترويج العالمي وتطوير البنية التحتية ساهمت في جذب آلاف الزوار من مختلف أنحاء العالم، وإطلاق العديد من الفعاليات الثقافية والترفيهية ساهم أيضًا في تعزيز السياحة في البلاد.
يعكس التركيز على التعليم والتدريب الابتكار والإبداع، وتطوير المناهج وتحسين جودة التعليم يسهم في تأهيل الطلاب لسوق العمل وتحقيق تنمية مستدامة، تطبيق أنظمة تعليمية مبتكرة مثل منهاج BTEC يعزز من تنوع وتأهيل القوى العاملة.
تعمل الحكومة على توفير الموارد المستدامة، من خلال تحسين التزويد المائي وخفض الفاقد في القطاع المائي، وتطوير مصادر الطاقة المتجددة مثل الغاز الحيوي يساهم في تخفيض التكاليف وتعزيز الاستدامة.
مع كل هذه الجهود، يظهر الأردن واجهة واعدة للمستقبل، وتطوير الخدمات وتعزيز البنية التحتية يدعمان التنمية المستدامة وتحقيق استقرار اقتصادي يعود بالفائدة على المجتمع بأسره، وتحتاج هذه الجهود إلى استمرار التعاون والتفاني من قبل الحكومة والقطاع الخاص لضمان مستقبل واعد ومزدهر للأردن.
تحقيق النجاح الاقتصادي يعتمد أيضًا على الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات والبرامج الهيكلية، والتعاون مع المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وتبقى التحديات موجودة، لكن المؤشرات الحالية تشير إلى أن الأردن على الطريق الصحيح نحو تحقيق استقرار اقتصادي قوي ومستدام.