محمود الدباس يكتب : عفة الانثى تخرج من اعماقها..

نبض البلد -
ويحضرنا هنا قوله تعالى (فجاءته إحداهما تمشي على استحياء )
تحدث معي عزيز على قلبي متأثرا بكثير من المشاهدات التي يراها في هذا الزمن.. وأن كثيرا منها دخيل على مجتمعنا.. وكان يعتصر ألما إلى ما ستؤول اليه الامور في ظل الانفتاح غير المنضبط..
مع أن من أساسيات ديننا أن ( الحياء شعبة من الايمان)
 الامر الذي جعلني لا اتردد في كتابة هذه الكلمات.. راجيا من الله تعالى تكون في ميزان حسناته وحسناتي وحسنات من ينشرها..

تذكرت انني التقيت بصديق لي اتى من استراليا قبل عام.. وتحدثنا حينها عن اهلنا في بلاد الاغتراب وما يواجهونه من تحديات للعادات والتقاليد وحتى بعض الامور التي تمس الدين..

فقال لي انه وخلال هذه الزيارة.. تمت دعوته لحضور حفل زفاف في احد الفنادق الراقية.. ولم يخفِ امتعاضه مما شاهد من اختلاط زائد عن الموروث الاردني العربي الاصيل وحتى المتمدن منه.. فالسفور فوق الطبيعي.. والتقبيل غير المبرر من قبل الغالبية..

واردف قائلا في مجتمع استراليا وعندنا نحن العرب -مسلمين ومسيحيين- في غالب الاحيان لا نرى هكذا افعال.. حتى ان الاجانب يعرفون اننا محافظون.. وحين نلتقي في اية مناسبة.. تجدهم يلتزمون بعاداتنا وتقاليدنا.. الا اذا ابدى احدنا عدم اكتراثه لاي تصرف.. فيتجرأون حينها..

يقول صديقي.. انه وفي احدى الرحلات.. كان بيننا شاب اردني تزوج من فتاة اردنية استرالية.. وهذه الفتاة غير متحجبة.. الا انها من بيت اصيل ومعروف.. واهلها موجودون في استراليا منذ زمن بعيد .. واذا بزوجته تسقط على الارض وتصاب بكسر في قدمها.. وبدأت قدمها تنزف.. فما كان من زوجاتنا الا أن نهضن.. وضمَّدن جرحها بشكل اولي.. ثم اخذناها انا وهو الى المستشفى.. وهناك وضعها زوجها على الكرسي المتحرك ودخلنا الى الطوارئ برفقة ممرضة..

وما جلب انتباهي.. ان ممرضا يبدو انه مسؤول عن التمريض.. اتى الينا مسرعا.. ورأى حالتها وهي شبه منهارة بسبب وضع قدمها.. فوضع يده على راسها وقال لها.. لا تخافي لا شيء يدعو للقلق.. وبلمح البصر.. ما كان من تلك الزوجة الا وان ازاحت يده عن رأسها بشكل قوي وسريع وعفوي.. وما اثار اعجابي هو ردة فعل ذلك الممرض الذي ابتعد حوالي المتر.. ولم يبقِ جملة من جمل التأسف والاعتذار الا وقالها.. وطلب ممرضة اخرى لتساعد الاولى في الاجراءات لحين حضور المختص..

هذه الحادثة وما قاله صديقي.. تجعلني اتيقن بان العفة هي نابعة من الصميم واللاشعور.. فتكون ردات الافعال تجاه خدشها -بقصد او بغير قصد- فورية عفوية دون ادنى تفكير.. غير آبهة بالمكان والزمان والشخوص والظرف الذي تكون فيه الانثى..

وهنا لا بد لي من ان أعَرِّج على مفهوم الحجاب.. فالحجاب امر رباني.. وانا ممن ينادي به بشكل قوي.. واصبح الحجاب عنوان للفتاة التي قد تتعرض لاي موقف.. فيكون الطرف الاخر حذرا جدا في التعامل مع من ترتدي الحجاب.. وهنا اقصد اكان بقصد المساعدة.. او بقصد غير شريف لا سمح الله.. فكما نقول بالعامية "الواحد اذا بيعد للعشرة حين يود التعامل مع انثى اصيلة غير محجبة.. سيعد للمئة قبل التعامل مع المحجبة"..

كم اسعد واشعر بالغبطة حين اشاهد بعيني.. او اسمع قصصا عن اناث اصيلات تعرضن لحوادث وكان اول تصرف لهن.. رفع يدها متبوعة بجملة "ارجوكم لا تلمسوني.. اريد الاسعاف.. خلي البنات يقربوا مني"..

فانت ايتها الاخت او البنت او الزوجة او الجارة او بنت البلد.. أنت مَن تسمحين بالاقتراب منك.. وانت من تمنعين.. فكل حركة او ايماءة او تصرف لك.. هي بمثابة فتح الباب او اغلاقه بوجه الاخرين..
ابو الليث..