عرس الحسين.. محاكاة ل الموروث الشعبي وترسيخ ل تقاليد الأردنيين

نبض البلد -
 زينة البربور
من الشمال الى الجنوب.. من الشرق إلى الغرب مرورا بالوسط.. من كل صوب على امتداد أرض الوطن تعالت الزغاريد والاحتفالات الشعبية وملأت الفرحة زوايا البيوت والشوارع ، فزينت جملة "نفرح بالحسين" جميع القلوب الأردنية.. لم يبق كبير او صغير.. رجال او نساء.. شباب او فتيات الا تعالت أصواتهم احتفالا بعريسهم المنتظر، فاستفاضت اسمى التهاني واصدقها بزفاف ذلك الشاب الوسيم، الرجل المغوار سليل الاسرة الكريمة ولي العهد والقلوب سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني.
أجمل الليالي تلألأت وأجمل الحكايات تحدثت عن زواج عريسي الأردن  
"الحسين ورجوته"، فكيف ستمحى بارقة هذه الايام من عقولنا وقلوبنا ونحن الأردنيون من حملنا على عاتقنا مسؤولية كبيرة نابعة من صميم القلب لمشاركة اميرنا الحبيب واسرته القديرة هذه الفرحة المنتظرة.
كل منا سيروي تفاصيل هذا العرس الشعبي المتواضع لاطفاله واحفاده لنخبرهم المعنى الحقيقي لاخلاق هذه السلالة الهاشمية العريقة التي زرعت اخلاصها ومحبتها في قلب كل اردني اصيل منذ القدم، سنخبرهم من هو الحسين بن عبدلله الثاني، من هو ذلك الشاب الذي سحر القلوب والعقول باخلاقه وتواضعه ليهل كالبدر على شعبه ويزين قلوبهم بفرحته المكللة مع تلك الفتاة التي تربعت عرش قلبه لتكون أميرته على طول الزمن.
كيف لنا ان ننسى تلك الليلة التي جمعت سموه مع جنود الوطن حماة الديار والأرض والعرض، رجال لا يختلف احد على معاني الرجولة والصلابة التي يمتلكونها في عروقهم وعقولهم، انهم رفاق السلاح لعريس الأردن، رفاق اعتادوا الولاء لذلك الرجل الذي هو بألف رجل، فكيف لهم الا يكونوا عزوة وسندا له في هذه الفرحة المنتظرة، وكعادتهم ابدعوا في تنظيم  ليلة سمر متواضعة حملت في طياتها تفاصيل التراث الأردني ببساطته بدءا من الأغاني الشعبية والدبكة والهجيني وصولا الى لعبة شد الحبل وتركيب الأسلحة وفكها.
أما خطوط الحناء المتعرجة فقد زينت الايادي في حفل العشاء الذي اقامته جلالة الملكة رانيا العبدالله في الديوان الملكي الهاشمي – مضارب بني هاشم، احتفالا بزفاف بكرها على اميرته رجوة السيف، حفل جمع من الألفة والمحبة ما يكفي لتزيين هذا العرس الملكي خاصة عندما رحبت جلالتها بالحضور قائلة: "إنْ ما وسعتكم بيوتنا بتوسعكم قلوبنا والفرحة واحدة، حسين ابنكم وانتوا أهله وهذا عرسكم"، كما كان للحناء وزفة العروس والأغاني والأهازيج التراثية والشعبية الممزوجة بين الطابع الأردني والسعودي رونق خاص عكس بهجة واضحة على كل من شارك في أدائه إضافة الى مشاركة عدة فنانات اردنيات وفرق شابة للفنون الشعبية والموسيقى.
وعن قول جلالتها: " رجوة هي أحلى رجاء مني لرب العالمين لحسين". فهذه الكلمات الصادقة خير شاهد على فرحتها بشابها الهاشمي الذي اثبت باخلاقه ووعيه وشجاعته أن والدته اوفت بوعدها للراحل جلالة الملك الحسين.
ولتكمل العادات والتقاليد الأردنية على أصولها لم يغفل سمو الأمير عمر بن فيصل عن حمام العريس لسمو الأمير الحسين لتكون حفلة توديع العزوبية لسموه  بمشاركة عدد من أقارب ورفاق سموه في القوات المسلحة في منزل سمو الأمير فيصل.
ومظاهر العرس الأردني الأصيل بدت واضحة بتلك العباءة البيضاء التي ارتداها اميرنا المشغولة بالخيوط الذهبية، اما عن الشماغ الأردني والعقال فقد عكست الهيبة الحقيقية لولي عهد الهاشميين.
وقبل ليلة الزفاف لم يغفل جلالة الملك عبدالله الثاني عن تقديم الواجب الأردني على اصوله المسمى " بالقرا " فجمعت مأدبة العشاء التي أقامها جلالته لاكثر من 4000 ضيف من انحاء المملكة كاملة وذلك على ارض مضارب بني هاشم، واستهل ترحيبه بقوله: "أهلا وسهلا فيكم في بيت كل الأردنيين، مضارب الهاشميين اليوم عامرة بوجودكم، أهلنا وعشيرتنا"
وقال جلالته إن الفرحة بالحسين "ابني وابنكم" قد اكتملت بوجودكم معنا، مستذكرا ميلاد سمو ولي العهد قبل 28 عاما حينما أنعم الله على جلالته بالحسين، كما عبر جلالته عن فخره بالحسين وبعزيمته وبطموحه الكبير لوطنه وبمحبته وتفانيه لأهله، وأضاف "اليوم، يكمل نصف دينه، ويبدأ مرحلة جديدة من حياته، فأطلب منه أن تظل مخافة ربنا بين عينيه".

وأهدى جلالة الملك، سمو ولي العهد، سيفا من سيوف بني هاشم، كرمز للعدل والدفاع عن الوطن، نُقشت عليه الآية القرآنية "إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ "، وهو نسخة عن سيف المغفور له، بإذن الله، جلالة الملك المؤسس عبدالله بن الحسين، طيب الله ثراه، وصُنع من حديد مستخرج من حجارة تحيط بقلعة عجلون.

وكان الحفل بدأ بدخول سمو ولي العهد محاطا بمجموعة من أبناء عمومته أصحاب السمو الملكي الأمراء، وعدد من أقارب سموه وزملائه ممن خدموا ويخدمون مع سموه في القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، وسط أهازيج الفرح التي أدتها فرقة كفر جايز للفنون التراثية.

كما قدم فريق المشاة الصامتة الذي يتبع لقيادة الحرس الملكي الخاص عروضا خلال الحفل، فيما حلقت طائرات سلاح الجو الملكي في سماء المضارب.
وأدى فنانون وفرق شعبية من مختلف محافظات المملكة وموسيقات القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي فقرات متنوعة وسط أجواء احتفالية، عكست التراث الأردني الأصيل، تضمنت السامر والدحية، فضلا عن قصيدة ألقاها الشاعر هلال الشرفات.
وشارك في الحفل الفنانون الأردنيون حسين السلمان، وسعد أبو تايه، وحسام ووسام اللوزي، وبشار السرحان، وفرق الراجف، والرمثا، والعقبة (سمسمية)، ومعان، والسلط، والأجاويد، والشركس.
ونُصبت في مضارب بني هاشم بيوت الشعر التي ازدانت جنباتها بالأعلام وتوسطتها نجمة سباعية، فيما قدم المدعوون التهنئة لجلالة الملك وسمو ولي العهد متمنيين لسموه حياة هانئة وسعيدة.
وبعد هذه العادات والتقاليد التي لم تغفل عنها سموك كيف لنا الا نفرح لك أيها الحسين بيومك هذا بعدما زرعت فرحتك المتواضعة بكل تفاصيلها في قلوبنا وعقولنا، نأمل من الله أن يكلل زواجك هذا بأطيب التهاني ويبارك لك بأميرتك رجوة، سائلين المولى أن تدوم الأفراح الهاشمية تحت رعاية وظل جلالة الملك عبدالله الثاني والملكة رانيا العبدالله أطال الله في أعمارهم.