دراسة تكشف العلاقة بين كورونا واستمرار فقدان حاسة الشم.. الفيروس يدمّر خلايا داخل الأنف

نبض البلد -
 

أعاد باحثون سبب فقدان ملايين الأشخاص حاسة الشم بعد الإصابة بفيروس كورونا (كوفيد-19) إلى احتمالية تدمر خلايا داخل في الأنف، بحسب ما نشرت صحيفة The Guardian البريطانية، الخميس، 22 ديسمبر/كانون الأول 2022.

 

بحسب الصحيفة، فقد عكف أطباء على تحليل أنسجة أنف مرضى "كوفيد -19" ووجدوا أنَّ أولئك الذين يعانون من مشكلات طويلة الأمد مع حاسة الشم، لديهم خلايا مناعية مُسبِّبَة للالتهابات داخل بطانة الأنف الحساسة، ومن المحتمل أن تقضي على الخلايا العصبية الحسية الحيوية.

 

من جانبه، قال الدكتور برادلي غولدشتاين، الأستاذ المشارك في قسم علم الأعصاب بجامعة ديوك في نورث كارولينا، إنَّ الأنسجة من بطانة الأنف "تحتوي على خلايا مناعية فريدة تنتج إشارات التهابية، جنباً إلى جنب مع عدد أقل من الخلايا العصبية الشمّية".

 

وأضاف: "يبدو أنَّ هناك استجابة مناعية داخلة غير منتهية، التي تراها الخلايا الشمّية الدقيقة".

 

الأنف أم الدماغ

منذ لاحظ الأطباء أنَّ العديد من مرضى "كوفيد-19" فقدوا حاسة الشم، لم يتضح ما إذا كان الفيروس يضر بالخلايا الحسية في الأنف، أو مناطق الدماغ التي تعالج معلومات حاسة الشم، أو كليهما.

 

حيث درس الباحثون خزعات من بطانة أنف 24 مريضاً بـ"كوفيد-19″، من بينهم 9 فقدوا حاسة الشم لمدة 4 أشهر على الأقل. وكشفت الأنسجة من المجموعة الأخيرة أنَّ الخلايا التائية المتورطة في الالتهاب قد اخترقت بطانة الأنف؛ حيث توجد الخلايا العصبية الشمّية. وشوهدت الاستجابة المناعية غير العادية على الرغم من عدم إصابة المرضى بفيروس "كوفيد-19" الذي يمكن اكتشافه؛ ما يشير إلى استمراره بعد زوال العدوى.

 

وعندما نظر الباحثون في عدد الخلايا العصبية الحسية المشاركة في حاسة الشم، وجدوا أنَّ أولئك الذين عانوا من فقدان حاسة الشم لفترة طويلة كان لديهم عدد أقل بدرجة ملحوظة، ربما بسبب تضرر النسيج الرقيق لبطانة الأنف بسبب الالتهاب المدفوع بالخلايا التائية. وقال غولدشتاين إنَّ مثل هذه الاستجابات المناعية العنيدة قد تفسر الأعراض الأخرى لـ"كوفيد" التي تستمر طويلاً.

 

أفاد باحثون في الدورية الطبية البريطانية هذا العام بأنَّ ما لا يقل عن 5% من الأشخاص الذين فقدوا حاسة الشم أثناء الإصابة بفيروس كورونا المستجد لا يستعيدون حاسة الشم بسرعة أو بالكامل، وهو ما يصل إلى حوالي 15 مليون شخص على مستوى العالم. وقال غولدشتاين: "في الوقت الحالي، ليست لدينا علاجات محددة وفعالة. لتطوير العلاجات، نحتاج إلى فهم البيولوجيا المرضية للمشكلة: ما هو التالف؟ وأين؟".

 

ويشرح الباحثون في دورية Science Translational Medicine كيف يمكن لهذه النتائج تمهيد الطريق لعلاجات جديدة لفقدان حاسة الشم بعد فيروس كوفيد-19.

 

ويتمثل أحد الخيارات في منع الخلايا المناعية المسببة للالتهابات في بطانة الأنف، وهو جزء من الجسم يسهل الوصول إليه باستخدام الكريمات والبخاخات. قال غولدشتاين: "لقد شجعتنا هذه النتائج، ونأمل أن تظهر علاجات جديدة".

 

بدوره، قال الدكتور غوينيل داود، عالم الأعصاب، الذي درس تأثيرات كوفيد-19 على الدماغ في جامعة أكسفورد: "في مرضى كوفيد-19، ثبت أنَّ مشكلات حاسة الشم المستمرة مرتبطة بتقلص مناطق الدماغ المرتبطة بحاسة الشم لدينا. من المعروف أنَّ العمليات الالتهابية مستمرة في الدماغ بعد الإصابة بسارس-كوف-2، بغض النظر عمّا إذا كان الفيروس نفسه موجوداً، ونتيجة دراسة تلك الخزعة، صار يتوفر الآن دليلٌ إضافي على أنَّ مثل هذا الفقد المحدد من الدماغ يمكن أن يكون مرتبطاً باستمرار الالتهاب وفقدان الخلايا العصبية الشمّية في تجويف الأنف نفسه".