حسين الجغبير
في العام 2018 تظاهر الأردنيون على الدوار الرابع وفي عدد من القرى والمحافظات ضد حكومة هاني الملقي وتحديدا ضد قانون ضريبة الدخل الذي تبنته الحكومة حينها، وانتهى ذلك التظاهر باستقالة الحكومة. وما ميز التظاهرات حينها أنها كانت سلمية حضارية حملت عنوان حرية التعبير عن الرأي.
وبدأت التظاهرات وانتهت وقد شاهدنا المواطن يحتضن رجل الأمن، هذا يعبر عن رأيه والآخر يضمن حماية الأمن له، وهي العلاقة المثالية التي قل نظيرها في معظم المجتمعات في كل أنحاء العالم. لم يصب أحد، ولم تشهد الشوارع عمليات تخريب، ولم يستشهد ضابط كل همه توفير الأمن للناس، وضمان السلامة العامة.
لكن الذي يجري اليوم يختلف كليا، حيث اختلط الحراك المطلبي السلمي الحضاري بعمليات تخريب يرفضها الجميع، فالشوارع التي يجب ان تحتضن مواطنين يعبرون بحرية عن آرائهم، ويصرخون بصوتهم لتأكيد مطالبهم في حياة كريمة والتغلب على الصعوبات والتحديات الاقتصادية التي يواجهونها، تحولت إلى نيران ملتهبة حيث الاطارات المشتعلة، وتعرض المباني الرسمية للتكسير ، والمركبات للحرقوالتي هوجمت كأنها تخوض معركة مع عدو.
الخسائر المادية كبيرة على الجميع، لكن هل هذه هي الخسارة الوحيدة، حتما لا اتحدث هنا عن خسائر مالية، وإنما عن عدم فهم بعضهم وعدم وعيهم لمفهوم الحرية التي تقوم على التعبير عن الرأي دون المساس بحقوق الدولة والمواطنين. في الواقع كل الأردنيين يفهمون هذه القاعدة التي كفلها الدستور الأردني، لكن هناك من لا يريد ذلك، ويحاول تحويل مسار الحراك ليأخذ طابعا عدائيا بعضه ممنهج، ما دفع الدولة إلى إعادة حساباتها تجاهه لضمان هيبتها، واستقرار البلاد وتوفير الراحة للناس.
وهذا الأمر مطلوب اليوم مع كل من يحاول أن يمارس أدوارا تخريبية، عبر تطبيق القانون بكل حزم، وبعيد عن أي حسابات ضيقة، فأمننا خط أحمر لا يجوز التهاون به، كما لا يجوز التنازل عنه، فالسماح لمثل هؤلاء المخربين سيشجع آخرين على ممارسةالسلوك نفسه انسلموا من العقاب.
كيف يمكن لنا أن نفهم كيف تتحول مسيرة سلمية إلى فوضوية توقع الضرر بكل شيء، بالتأكيد لأن هناك من يرغب بأن تكون شوارعنا مليئة بالأزمات لأهداف جميعنا يعرفها جيدا إذ ان الوعي الذي يمتلكه الاردني كاف جدا لتحليل ما يجري والوقوف على أبعاده وبالتالي التعامل معه بكل حكمة.
رسالة الدولة واضحة، ومفادها أن من حق كل انسان أن يعبر عن رأيه براحة تامة، وأن الحساب سيكون شديدا لكل من يسعى إلى تنفيذ عمليات تخريب وتدمير والاساءة إلى الآخرين، وعندها الجميع يقف مع القانون ويسانده ويدعمه ويؤمن به فليس من المعقول ان نقفساكتين أمام هذه العينة من البشر التي لا تفهم سوى لغة الخراب.
مع حرية التعبير. كلناضد التخريب، ومع استقرار الأمن وضمان راحة الناس والحفاظ على الممتلكات الخاصة والعامة، ودون ذلك اي أمر غير مقبول ولا يمكن السكوت عنه.