دلالات عديدة تعكسها زيارة رئيس الوزراء العراقي الجديد إلى الأردن، وهي الزيارة الخارجية الأولى له منذ توليه منصبه في الدولة الشقيقة، هذه الزيارة تؤكد أن الأردن اليوم أولوية كبرى بالنسبة للجارة الشرقية، لأسباب اقتصادية، وأمنية، وسياسية، ونتيجة حتمية لمواقف جلالة الملك العربية التي امتدت لسنوات طويلة.
لم يترك الملك نافذة اقليمية أو دولية إلا وأطل منها مناديا بأهمية مركزية العراق للشرق الأوسط، وضرورة أن يكون مستقرا آمنا، لأن استمرار الأزمة في هذه الدولة خطر يمتد إلى خارج حدودها، وسيمس المجتمع الدولي. كله.
تربط الأردن بالعراق علاقات تاريخية، تعرضت في بعض السنوات إلى هزة نتيجة تعدد المرجعيات في هذه الدولة التي عانت وما تزال اثار الوجود الإيراني، والتأثير التركي، والجماعات الإرهابية، التي قام الأردن بدور كبير في مواجهتها خصوصا في المناطق الحدودية التي تشكل خطرا كبيرا على الأمن السلمي والمجتمعي في المملكة.
أصوات عديدة راهنت على تراجع العلاقة مع العراق بعد رحيل الرئيس الكاظمي، خصوصا أنه كان على علاقة متينة مع الأردن، مبررين ذلك بالتحولات السياسية في العراق جراء الوجود الإيراني، و التحالفات فيه. إلا أن هذه الزيارة تؤكد أن العلاقة بين البلدين متجذرة ولا ترتبط بقدوم رئيس أو مغادرة آخر,
اليوم تعكس العلاقات الاقتصادية بين البلدين نموذجا مثاليا، وتعزيز هذه الشراكة بات حاجة ملحة لطرفي المعادلة، حيث العراق بحاجة إلى استمرار هذه العلاقة مع الاردن، والعكس أيضا، وعليه فإن أي تغييرات سياسية تطرأ لن تؤثر في القاعدة التشاركية التي تنطلق منها الدولتان.
عدة مشاريع أعلنت اخيرا بين الدولتين، او تشاركا مع مصر في تحالف عقدت له عدة اجتماعات على مستوى الزعماء، في رسالة إلى أن هذا النموذج يجب أن يكون نواة لتحالفات عربية أوسع.
على البعد الأمني، فإن التعاون بين الدولتين غاية في الأهمية فالإردن حريص على عراق مستقر آمن من جانب، ومن جانب آخر لا يريد أن يكون العراق واجهة لتدفق الجماعات الإرهابية منه إلى الأردن، إذ أن في ذلك خطر كبير ليس على البعد الأمني فقط، وإنما اجتماعيا واقتصاديا.
زيارة رئيس وزراء العراق للأردن، واستقبال جلالة الملك وولي العهد له، رسالة واضحة بأن الدولتين تملكان مصيرا مشتركا، يسمو على أي تفاصيل سياسية، فالتحالف الذي بنيت أساساته بينهما لا بد ان يستمر ويتطور بكل الأشكال، خصوصا أن لكل دولة مشاكلها الاقتصادية الخاصة بها، التي من الصعب جدا تجاوزها دون تعاون ثنائي أو جماعي.
الزيارة تؤكد أن العمل بين الدولتين مستمر، ولا بد أن تتطور أدواته، وأن العلاقة بين عمان وبغداد استراتيجية لا تحكمها تغيرات، أو حسابات داخلية أو اقليمية، وهذا هو الأساس في بناء أي علاقة أخوية بين الدول العربية التي تسمو على كل شيء.