نبض البلد -
نبض البلد -نور الكوري
تشهد الأسواق التجارية في إربد حالة من الركود التي وصفت بـ "غير الطبيعية”، ما تتسبب بخسائر كبيرة للتجار نتج عنها استغناء التجار وأصحاب المحال عن الكثير من أبناء المحافظة العاملين لديهم، ودفع الكثير منهم لنشر إعلانات التنزيلات والخصومات على السلع التي يقدمونها بنسب تجاوزت 75%، في وقت قام تجار آخرون بتصفية محالهم تمهيدا لـ إغلاقها.
خبراء ومراقبون اكدوا لـ "الانباط" ان مرحلة ما بعد التعافي الاقتصادي بعد جائحة كورونا، لن تكون قادرة على معالجة الآثار الاقتصادية السلبية التي تسببت بها الازمة بالوقت المناسب لأسباب كثيرة، مشيرين إلى أن البطالة في ارتفاع مستمر خاصة لدى الشباب من الذكور والاناث، وبالتالي بات التحدي الاكبر والمهم يتمثل بتوفير فرص عمل لهم، في حين يصبح التحدي مزدوجاً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار استمرار تدفق الشباب الى سوق العمل وبالتالي تضاعف اعداد الباحثين عن العمل، في وقت تم الاستغناء عن الكثير من فرص العمل بسبب اعلانات الافلاس للكثير من الشركات والاغلاقات التي شهدتها الكثير من المحال التجارية.
بدورها "الأنباط" أجرت جولة في الاسواق حيث التقت العديد من أصحاب المحال والتجار والشباب العاملين والمتعطلين عن العمل ممن خسروا وظائفهم بسبب حالة الركود التي تعصف بالحالة الاقتصادية للمحافظة.
التاجر محمد مهيدات لديه عدد من المحال التجارية قال : ان الوضع في اسواق إربد بات "مأساويا” في ظل حالة الركود الاقتصادي، مشيرا إلى أن معظم أصحاب المحال في المحافظة باتوا يعيشون على عنصر الانتظار في نهاية كل شهر متآملين تنشيط الحركة التجارية خاصة بعد إستلام العاملين والموظفين لرواتبهم وبقية أيام الشهر غالبا ما يكون فيها البيع شبه معدوم.
مؤيد السيلاوي صاحب محل هواتف نقالة اكد من جانبه ما قاله مهيدات، مشيرا إلى ان الوضع يزداد سوءا يوما بعد يوم وعاما بعد عام منذ دخول جائحة الكورونا، مؤكدا أنه يستدين في كل عام على امل أن تتحسن الحركة الاقتصادية في سوق المحافظة في العام الذي يليه.
وتابع السيلاوي، أنه اضطر اخيرا الى تسريح 3 من العاملين في محله التجاري، بعد ان ازداد الوضع سوء، مشيرا إلى أن الحركة تنشط جزئيا نهاية كل شهر بعد استلام الموظفين لرواتبهم وتعود الحركة للركود بقية أيام الشهر في بعض المحلات التجارية، لكنها في محلات الاتصالات لبيع الهواتف النقالة اصبح الاقبال شبه معدوم.
وأكد المواطن محمود الاحمد من جهته ان ثبات دخل الموظف وازدياد الغلاء اضعف القدرة الشرائية للمواطن وبات تركيزه على شراء احتياجاته الاساسية من اكل وشرب وغيره، لافتا إلى أن المواطنين باتوا يلجأون إلى الاسواق المستعملة بديلا لان اسعاره ارخص في بعض الاحيان، مشيرا إلى أن اصحاب المحال التجارية باتوا لايفتحون محالهم في الصباح ويتأخرون الى ساعات الظهيرة لعدم وجود اقبال او حركة تجارية كما انهم يغلقون مبكرا، موضحا ان بعض الايام والأوقات تخلو الاسواق من المارة باستثناء بعض طلبة الجامعات الذين يضطرون للمرور من السوق ذهابا الى المجمعات والباصات.
التاجر منصور صمادي قال ان أصحاب المحال التجارية اعلنوا اخيرا عن تنزيلات تجاوزت الـ50% آملين ان هذه الخطوة ستعمل على تنشيط السوق التجاري، إلا ان الوضع بقي على حاله، مؤكدا ان استمرار الوضع كما هو عليه يهدد بمزيد من اغلاق المحال التجارية لتراكم الديون على اصحابها.
وتابع، ان ارتفاع فواتير الكهرباء، وارتفاع الضرائب على البضائع، وقانون الضريبة الجديد، وقوانين العمل والضمان الاجتماعي، وقانون المستأجرين، كلها عوامل سببت حالة الركود التي تمر بها الاسواق التجارية في اربد.
ودعا الحكومة الى ايجاد حل للخروج من حالة الركود، مشيرا الى ان ما يمر به من ضيق يجعله يفكر مليا بالسفر خارج البلاد قائلا "ان الوضع الذي اعيشه حاليا من الضيق المادي والالتزامات المتراكمة يجعل انتمائي ووطنيتي في سبات عميق .
وعلى الضفة الأخرى يعاني الشباب في المحافظة قلة فرص العمل، ما دعاهم الى التفكير في السفر الى خارج البلاد بحثا عن فرصة عمل تؤمن له حياة كريمة، خاصة أن المشكلة الاكبر أن بعض القطاعات الحيوية كشركات الاتصالات والبنوك وغيرها من القطاعات لجأت لبعض الحلول أثناء أزمة كورونا من خلال تقنيات الثورة الصناعية الرابعة واكتشفت أنه يمكن تقليص عدد الموظفين لديهم نتيجة لاستخدام هذه التقنيات.
الشاب احمد عبابنة يحمل شهادة في تخصص الهندسة قال لـ"الأنباط"، تخرجت منذ ثلاث سنوات ولغاية الآن ما زلت ابحث عن فرصة عمل، ما سبب لي الاكتئاب والقلق، موضحا أن نتائج البطالة تشمل الاكتئاب وان ما نعيشه من وضع سيىء غير نظرتنا الى مفهوم الوطنيه، فلم نعد نرى ان البقاء بانتظار بصيص امل امر غير وارد، اصبح كل حلمي هو السفر بحثا عن بصيص الامل الذي انتظرته طويلا في وطني .
وقال الشاب امجد عبيدات من جانبه كل ما أريده تدبير قوت يومي، موضحا أن حتى البحث عن عمل اصبح غير متاح بسبب عدم توفر المال للخروج والبحث عن العمل، مضيفا أن الفقر يؤدي للقهر، وان المواطن يشعر بالاختناق النفسي لإنعدام القدرة المادية التي تمنحه مقومات الحياة الكريمة ولا تحوجه للبدائل غير الشريفة .
القضية بحاجة لخطط شاملة منسقة وجهود موحدة تتشارك فيها الهيئات الرسمية ومؤسسات القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، وتبدأ بالإيمان الفعلي بأهمية الاستثمار بطاقات الشباب، لاستفادة منها في إنقاذ الوطن مما يمر به من ظروف صعبه في نواح متعددة، بدلاً من أن تنقلب هذه الثروة ذات يوم إلى نقمة تنفجر في وجه هذا الوطن بسقوطها او بانجرافها خلف غواية الإدمان والجريمة.