نبض البلد -
مروان سوداح
"لن يَجلس الجيش الصيني ساكناً إذا زارت رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، تايوان". هذا ما حذّر منه مؤخراً بشدة "تان كه في" المتحدث باسم وزارة الدفاع الوطني الصينية، الذي أوضح أن "الصين تطالب الولايات المتحدة بالوفاء بوعدها الخاص بأنها لن تدعم ما يُسمّى بِـ"استقلال تايوان"، مضيفاً أن الجيش الصيني سيتخذ إجراءات قوية لإحباط أي تدخل خارجي أو أي مخطط انفصالي، كما سيكون حازماً في حماية السيادة الوطنية للصين ووحدة وسلامة أراضيها"، مشيراً إلى أن الجانب الصيني أعلن أكثر من مرة للولايات المتحدة معارضته الشديدة لزيارة بيلوسي المحتملة إلى تايوان، ولأنه "إذا زارت رئيسة مجلس النواب الأمريكي بيلوسي تايوان، فإن هذا سينتهك بشدة مبدأ صين واحدة وأحكام البيانات المشتركة الثلاثة بين الصين والولايات المتحدة، وسيضر بشدة بسيادة الصين ووحدة وسلامة أراضيها، كما سيؤثر على الأساس السياسي للعلاقات الصينية -الأمريكي.. وسوف يتسبب ذلك بشكل حتمي في الإضرار بالعلاقات بين البلدين وجيشيهما، ما يُفضي إلى مواصلة تصعيد التوترات عبر جانبي مضيق تايوان، حسبما ذكر المتحدث الصيني.
في تصريح آخر، نوّه متحدث باسم البر الرئيسي الصيني، إن توافق عام 1992 (بين الصين وأمريكا) ليس لعبة كلمات، وأنه لا يزال يمثل أفضل أرضية مشتركة لتحسين وتنمية العلاقات عبر "مضيق تايوان"، بينما وخلال مؤتمر صحفي دوري، أوضح ما شياو قوانغ، المتحدث باسم مكتب شؤون تايوان التابع لمجلس الدولة الصيني، أن توافق عام 1992 الذي توصلت إليه هيئتان مفوضتان من جانبي المضيق، يُجسِّد الحقيقة التاريخية والأساس الأسمى لانتماء كل من الجانبين إلى صين واحدة.
هذه التصريحات أرجعت المهتمين ومتابعي وسائل الإعلام إلى الوراء عشرات السنين، لقراءة وفهم التطورات والتوافقات السياسية التي توصت إليها الصين وأمريكا والتي ترفضها اليوم واشنطن، معتقدة أن مليارات الناس في أركان المعمورة لم يعودوا يعرفون بها، بعدما "تغيّرت الأجيال"، وظهرت جمهرة جديدة من الإعلاميين مِمَّن لا يعرفون التطورت السياسية بين بكين وواشنطن، وظهور شبيبة عالمية بعيدة عن السياسة ودهاليزها كما يدّعون في بلد "العم سام".
شخصياً أذكر، أنه وعلى هامش التاريخ المطوي، منذ حكم الرئيس "ريتشارد نكسون" (9 يناير 1913 - 22 أبريل 1994)؛ والذي هو رئيس الولايات المتحدة السابع والثلاثون 1969–1974؛ ونائب الرئيس الأمريكي السادس والثلاثون 953–1961))، شهدنا روابط وتفاهمات بين أمريكا والصين، وها هي الشخصيات السياسية الأمريكية تشطبها اليوم، برغم أنها تعبير عن إجماع توصّلت إليه جمعية العلاقات عبر مضيق تايوان الكائن مقرها في البر الرئيسي (الصين الأم)، ومؤسسة التبادلات عبر المضيق التي مقرها تايوان، وهنا نقرأ أن كلا من الجانبين يقر شفهياً بأن "جانبي مضيق تايوان ينتميان إلى صين واحدة"، ويسعى "لإعادة توحيد جانبي مضيق تايوان"، تأكيداً لصين واحدة غير منقسمة وغير مشتتة، بل موحَّدة ومتضامنة لشد أزر الشعب الصيني الواحد، وتعزيز التبادلات بين المؤسسات السياسية الشعبية في الصين وتايوان والتي منها الأحزاب وما شابهها.
يرى عدد غير قليل من المتخصصين الأممين بقضايا الصين وتايوان، أن ابتعاد سلطات تايوان الحالية عن توافق عام 1992، إنما هو ناتج عن ضغوطات خارجية وأمريكية بالتحديد، تطالبها برفض ما تم التوافق عليه برغم قانونيته وعدم قانونية مساعي التخلص منه، والغريب في هذا الأمر، أن سلطات تايبيه تغض النظر للآن عن أن واشنطن قد تستخدم تايوان، على الأغلب، في لعبتها الحربية كما أمر واشنطن حيال أوكرانيا، فقد تقوم أمريكا بالتضحية بتايوان في أي مواجهة لها مع الصين، وبالطبع ستؤيد ذلك عواصم غرب أوروبية عديدة، ما سيؤدي إلى إغراق تايوان في كارثة تاريخية، ويخيم البؤس والفاقة والدمار على شعب تايوان الذي هو جزء من شعب الصين الكبير.
التعويل الآن إنما يتركز على أصحاب العقول السلمية وذات التفكير الموضوعي والواقعي في تايوان، لأجل وقف فتح جبهة حرب جديدة في آسيا، ومنع تدفق الإرهابيين إلى شرقها على متن جسر أمريغربي، وكلنا نأمل أن يَعي شعب تايوان ما يحاك عليه وراء المحيط، ما سيُفضي بالعالم إلى طريق مسدود لحل أزمة جديدة ليست في صالح أصحاء العقول.
...