نبض البلد -
حسين الجغبير
يكاد يكون تقرير ديوان المحاسبة الذي يصدر كل عام من أكثر التقارير التي تدفع الناس إلى الضحك والتندر على الحال المزري الذي وصلنا إليه، حيث يتضمن التقرير خروقات ذات طابع مؤلم في مجملها، وأخرى ذات طابع هزلي جراء سخافتها.
التقرير الذي صدر مؤخرا تم تداول تفاصيله بصورة شاملة حيث تضمن خروقات ومخالفات غطت على كل ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أن حالة الفساد المتواصلة التي تملأ مؤسساتنا تطرح تساؤلات كبيرة لن يجرؤ أحد على الإجابة عليها خصوصا من المسؤولين المهزوزين وهم كثر لا يعدون ولا يحصون.
وفي كل عام أيضا، تتدعي الحكومة أن تتابع مخرجات هذا التقرير وحالات التجاوزات التي يتضمنها، لكنا لم نسمع من الحكومة أنها حاسبت شخصا ما، أو دفعت بآخر إلى إتون السجن. نعم هناك حالات ضبط ومحاسبة فاسدين ومختلسين تعلنها الحكومة بين الحين والآخر، إلا أنها أولا نسبة ضئيلة من الأعداد التي يشكفها تقرير ديوان المحاسبة، ومن جانب آخر لا نعلم إن كانت هذه الحالات قد أورد التقرير ذكرها، أم تم اكتشافها بالصدفة.
يلاحظ أن كل أمورنا يتم التعامل معها ببرود أعصاب، وفي موضوع الفساد وسيادة القانون فقد أسسنا لمرحلة أن المجرم لا يجد من يردعه وإلا لما وجدنا أن الخروقات والمخالفات تتكرر في معظم المؤسسات عاما وراء عام، وبنفس الآلية والطريقة، بل أن هناك ابداعات جديدة عبر وسائل مبتكرة للسرقة والاختلاس واهدار المال العام. السؤال الكبير هنا: أين القانون ومن يطبقه وعلى من يطبق؟
ولا شك أن من شأن ذلك، أي التجاوزات بملايين الدنانير في وقت البلد يعاني من اقتصاد صعب، وميزانية فيها عجز كبير، يساهم بدرجة كبيرة في احتقان الناس وزيادة فجوة عدم الثقة مع الدولة، أي أن خطر الأمن المجتمعي يزداد يوما بعد يوم وبطريقة سريعة دون أن يكون هناك من هو قادر على أيقاف هذا التسارع، الذي قد يدفعنا إلى اضطرابات ومواصلة الرفض الشعبي لكل شيء.
صفحة تقرير ديوان المحاسبة سوف تطوى، والناس على مواقع التواصل الاجتماعي سيغقلون باب التندر على ما تضمنه التقرير، ووسائل الإعلام ستتوقف أيضا، على تحليل ونشر نتائج هذا التقرير، لكن الفساد سيبقى وسيستمر بطريقة مؤذية للغاية، حتى نجد أنفسنا في ذات يوم وقد امتلأت مؤسساتنا بمن يجرؤون على ممارسة النهب والسلب والاختلاس والسرقة!
بانتظار ما سيتضمنه تقرير ديوان المحاسبة للعام المقبل، لنعود لبث شجوننا ونتسائل ذات الأسئلة، أين القانون، وأين من يحاسب، ومن عوقب على جرمه بحق الدولة. وسنتطوي الصفحة حينها من جديد دون الحصول على إجابة لأننا على أرض الواقع غير قادرين على توفيرها!