نبض البلد -
منذ سنوات والأردن لا ينفك عن أن يكون في المرتبة الثانية من بين الدول الأشد فقرا بالماء، ونتيجة لذلك يقبع الأردنيون تحت وطأة انتظار الدور للحصول على قطرات مياه لتكفيهم اسبوعهم من غسيل واستحمام وشرب، والعديد منهم من فقراء وأغنياء كانوا يلجاون إلى شراء المياه أيضا من القطاع الخاص ما شكل عبء مالي على فئة كبيرة من المجتمع.
مع كل ذلك كان المواطنون يتعايشون مع هذه الحالة انطلاقا من إدراكهم للوضع المائي الصعب، والشحيح بذات الوقت، وهو الأمر الذي يرون أنه خارج إرادة الدولة ويأتي نتيجة لأسباب جغرافية من جانب، وسياسية من جانب آخر.
أما أن يصل الحال بهم لأن يروا سدودهم تبدأ بالجفاف نتيجة قرارات لمسؤولين اتخذوها دون دراسة، وبشكل اعتباطي فهذا أمر لا يمكن السكوت عليه على الصعيد الشعبي أو الرسمي، إذ لا بد وأن يخضع هؤلاء إلى محاكمة عادلة على ما اقترفوه من ذنب بحق نحو 10 ملايين شخص يعيشون على هذه الأرض التي تعاني كثيرا جراء الأوضاع الاقتصادية الداخلية، والتجاذبات السياسية على الصعيد الخارجي، والمآلات التي تحكم بدول الجوار.
لا يعقل أبدا أن تجف سدود المملكة من أقصاها إلى أقصاها لأن وزيرا قرر أن يفيض بمياهها على المزروعات اعتقادا منه أن موسم المطري القادم سيحمل في طيات غيومه أنهارا ستملأ السدود عن بكرة أبيها. أي وزير هذا الذي أدار مياهنا على قلتها بهذه العقلية. مصائر الأردنيين كانت بين يديه وقد استهان بها لدرجة أنه يدفع بنا نحو صيف مائي خطير وغير آمن العام المقبل.
لقد شكلت مؤسساتنا وفي عدد منها فشلا إداريا منذ سنوات نتيجة للترهل والانفرادية في اتخاذ القرار واستبعاد الخبراء واصحاب الاختصاص عن المشاركة في صنع هذا القرار، حيث لا تتم الاستفادة منهم ومن علمهم، وكأن المسؤول صاحب اليد العليا في كل شيء يستطيع أن يضمن أن قراراته مثالية بشكل غير قابل للنقاش.
الأردنيون اليوم وكما كانوا يدفعون ضريبة مثل هذلاء المسؤولين وفي مختلف القطاعات الذين يرون أنفسهم في مناصب تجعلهم غير قادرين على الاستماع إلى المقترحات والنصائح والرأي والمشورة. ما نزال ندفع ثمن ذلك في وضعنا الاقتصادي والسياحي والاستثماري، وهي أوضاع ما تزال جامدة بلا عزيمة لتحريكها خطوة للأمام، ولأسباب مجهولة.
على الحكومة التحرك فورا تجاه الجفاف المتوقع والمرتقب، وعليها البدء فعليا باتخاذ اجراءات من أجل ضمان الخروج بأقل خسائر ممكنة فهذه مسؤوليتها وعليها أن تتحمل تكاليف فشلها بذلك.