محزن ما نراه على مجموعات (واتس أب ) وفي غرف مغلقة، من حوارات، يستسهل فيها البعض شتم (البلد) تعبيرا عن غضبهم على سوء احوالهم الاقتصادية، وازدحام عائلاتهم بالعاطلين عن العمل.
أحدهم هان عليه تراب الوطن والانتماء له بشتمه ومبرره ظروف معيشية وضياع حق إبنا له في التعيينات على حد تعبيره. وآخر تجرأ بالإعلان عن فقدان حبه للوطن نتيجة الضرائب وفواتير الكهرباء والمياه والعلاج والتعليم التي لم يعد بمقدوره مجاراتها.
مثل (أم) تعبت وسهرت الليالي وحاولت تقويم سلوك (إبن أزعر) وفضّل رفاق السوء على العمل بنصائحها، فطالتها الشتائم نتيجة افعال ابنها المشينة.
الوطن، لم ينتج فاسدين ولا زعران ولا حرامية، وظلم أن نحمله مسؤولية منظومة اجتماعية وسياسية واقتصادية، الجميع شركاء فيها.
زمرة الفساد المتهمة بإيصالنا الى هذا الحال، نحن من صنعناها، عندما مكناها في مجالس نيابية سابقة من التحكم بمصيرنا وتشريعاتنا وقبول بعضنا ببيع صوته وضميره مقابل عشرات الدنانير.
وعندما قاطعنا الانتخابات النيابية ورفضنا المشاركة في صناعة القرار، سمحنا لسرسرية وفاسدين العبور الى قبة البرلمان وزيادة نفوذهم نفوذا، فخيم الظلم على البعض، نتيجة تقديم مراكز النفوذ مصالحها على مصالح الوطن والشعب.
الحرامي لم يتجرأ على السرقة لولا ان وجد طريقه لذلك مفتوحا، والفاسد لم يصبح فاسدا لولا انه وجد البيئة المناسبة للوصول الى مآربه.
والاجندات الخفية التي تحاول التسرب الى البرلمان لتخريب الاردن لصالح قوى اقليمية وعالمية، لما وصلت لولا انها نجحت في اللعب بعواطف الناس ودغدغتها بشعارات الأصلاح البراقة التي عمليا لا تزيد الجائع الأ جوعا، لأنه باختصار ليس في حساباتها.
في عهد الملك عبدالله الثاني، شاهدنا عشرات المحاكمات لأسماء كبيرة كانت تتحكم بأحوال العباد بتهمة الفساد، وفي المحاكم مئات القضايا المنظورة ضد مسؤولين وموظفين ورجال اعمال تطاولوا على المال العام وحقوق الوطن والمواطن. ووحده القانون الذي يؤكد تهمة الفساد من عدمها، بعيدا عن اغتيال الشخصية وقانون شريعة الغاب.
الحقيقة ان الوطن الذي تجرأ على شتمه البعض، هو الضحية، فإذا كان الفساد يهدده من الداخل، فإن المؤامرات حوله تتعاظم، وقضية الفتنة، الدليل الأكبر.
مواقف الاردن السياسية الشامخة في الدفاع عن القدس وفلسطين وهويتها، يقابلها انصار اسرائيل ودولتها العنصرية في المجتمع الدولي بتضييقات اقتصادية خانقة هدفها زعزعة الاردن وتقويض استقراره وأمنه لإركاعه وتسليمه بالحل اليميني الصهيوني المتطرف للقضية الفلسطينية.
من يشتم الاردن، شريكا في كل المؤامرات التي تحاك ضده، وشريكا للفاسد الذي تطربه هذه العبارات، لان همه ان يزداد الشعب فقرا لتوسيع مصالحه.
الاردن هو قلبك ونفسك وروحك ودمك الذي يربطك بأمك وابيك وأخيك وابنك وابنتك وزوجتك. وان تشتمه، فكأنك شتمت أمك وأبيك ودغدغت الفاسد والحرامي والأزعر والهامل.
الأردن، شرفنا، وعشقه تحركه الجينات، ومن لا يملك هذا الشرف، سهل عليه أن يشتمه ويبيعه.