نبض البلد -
تَشرّفت مؤخرًا واغتبطتُ كثيراً وافتخرتُ بتمثيل وطني الأردن في الفَعَاليّة الروسية الدولية لِلحِوار الأخوي بين أصحاب الثقافات المختلفة والديانات السماوية، والتي عُقدت في مدينة بولغار، بجمهورية تتارستان الروسية، تحت عنوان: (المدرسة الصيفية الدولية "الحِوار البُولغاري بين الثقافات - التربية والحوار بين الأديان. تجربة روسيا ودول العَالم الإسلامي").
حَضَرَ هذه الفعاليات التي جَرت باللغة الروسية حصرًا والتأمت في يوم الخميس 12 من آب 2021، شخصيات حكومية وسياسية ودينية وعامة بارزة، من روسيا ورابطة الدول المستقلة، بالإضافة إلى مُمَثِلَيِن إثنين عن مِصر والمَغرب. حَمَلَتْ كلمتي العنوان التالي: "تجربة الأردن المَدنية والدينية - نَمُوذَجٌ يُحْتَذَى بِهِ لِلعَالَمِ"، وقد نالت اهتمام الحُضور وتعليقاتهم الإيجابية وإشادتهم بالأُردن قيادةً وشعبًا وبالتجربة الأردنية المتميزة في فضاءات التعايش السلمي والسَمَاحَة، لتعزيز المِثال الإيجابي وتآخي الأُمم والقوميات وتعايش الأديان التوحيدية. وتاليًا خطابي أمام المُؤتمرين:
1/سُررِتُ وابتهجتُ لدعوتكم الكريمة للمُشاركة في اجتماعكم الدولي هذا، الذي يتناول تجربة روسيا على مِثال "حوار الثقافات البولغاري" - مشروع المدرسة الصيفية الدولية"، إذ أنه دلالة واضحة وجلية على ما تتمتع به روسيا من نجاح وازدهار في مناخ التقارب والسَماحة بين المؤمنين من مختلف الأديان والقوميات.
2/أمّا على مِثال وطني الأردن، فتاريخنا يَحفل بصورٍ ناصعة من التعايش والسَمَاحة بين أصحاب الأديان والعقائد المختلفة، والذي كان قد توّج بطرحِ مبادرةِ "أسبوع الوئام العَالمي بين الأديان" مِن لَدنِ جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين المُعظم، وتبنّتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع في عام 2010، لتصبح هذه المبادرة حَدثًا رسميًا تُحييه هذه المنظمة الدولية في الأسبوع الأول من فبراير/ شباط من كل عام.
3/نحن في الأردن ننظر إلى مسألة التعايش والسَمَاحة من منظور أممي، عَالمي، وإنساني شمولي، فمن تعظيم وتعزيز عَمَلانيّة الوئام والحوار والتقارب بين أبناء الديانات، إلى ترسيخها في العَالم، وإلى جانبها قضايا السلام والاعتدال والمَودّة بين أبناء الكرة الأرضية.
ونحن إذ نحترم الاختلافات العقائدية والدينية والانتماءات القومية لمُوَاطِني شعبنا الأردني، لنؤكد بأن ذلك إنما هو منبع صحّي لمزيدٍ من تحقيق النجاحات على درب الإنسانية؛ التي ترنو في عَالم متضارب بين الأنظمة السياسية والمصالح الكونية؛ إلى أن يكون أبناء الأديان عاملًا رئيسياً في تحقيق السلام والفائدة المَرجوة من هذه الحياة القصيرة لجميع بني الإنسان، الذين يجب أن ينعموا بالسلام على شاكلة سَلام السَماء، هذا السلام الذي منحه الله لنا جميعًا من خلال أنبيائه ورسائله القُدسية لنا كَبَشَرٍ، لنكون واحدًا في الله الواحد، وعلى مِثالِه مُسالِمِين ومتحابّين لبعضنا بعضًا.
4/في حياتنا اليومية الأردنية، يتعرّف الزائر لبلادنا على شعب متضامنٍ ومتحاب في مجتمع العيش الأردني المُشترك، بمختلف طوائفه الدينية ومؤسساته المدنية وقومياته. في الأردن غالبية مواطنينا هم عَرب أقحَاح، لكنه يتوافر بيننا أتباع عَدَدٍ من الأديان والطوائف الكثيرة، مُسلمين ومَسيحيين، ولدينا قوميات كالسريان، والشركس، والشيشان، والأبخاز، والتركمان والأرمن، وغيرهم. هؤلاء الأُردنيون ينطقون بعددٍ كبير من لغات العَالم، وهم يَعودون بأصولهم إلى دول أوروبا وآسيا. جميع هؤلاء يتمتعون بتعلُّم وتَعلِيم لغاتهم القومية والتحادث بها، ولديهم صَوَامعهم وكَنَائسهم ومَسَاجدهم ومَدَارِسُهم ومؤسَسَاتُهم ومَحَاكمهم ومَشاريعهم الثقافية والاستثمارية المُصَانة، وغيرها الكثير.
5/لذلك، تُشكّل التجربة المَدنية – الدِّينية الأُردنية مِثالًا يُحتَذى في المَعُمورة، فهي نتاج جهدٍ دؤوب للعائلة الهاشمية التي أسست الأردن الحديث، الذي يَحتفل هذه الأيام بالذكرى المئوية لتأسيسه. هذه التجربة الأردنية ناجحة في حياتنا اليومية، إذ أننا نَعترف بالآخر ونَحترم رأيه ومذهبه ولغته وعاداته وتقاليده. فهذا الآخر هو رأي وبُنيان شخصية مُكمِّلة للشخصية الأردنية. ولهذا، نرى كيف أن مبادرات جلالة الملك عبدالله الثاني المُعظم متواصلة لتعزيز الوئام بين البشر المختلفين دينًا، ورأيًا، ومذهبًا، مَا مِن شأنه أن يُرَسّخ في الكون مبادئ الوِئام والموّدَة والاحترَام المتبادل بين الجميع، وبالتالي يَنعكس ذلك على السلام العَالمي وسلام البشر جميعًا.
*نَاشِط في فَعاليات الحِوار الأُمَمِي في روسيا ويَحمِل الجِنسيّة الروسية.
... .؛