نبض البلد -
نبض البلد -ذهب الناس إلى الاستهزاء بفكرة تسليم وزيرة الطاقة والثروة المعدنية هالة زواتي هدية لرئيس الوزارء الدكتور بشر الخصاونة زجاجة مليئة بالنفط الخام المنتجة أردنيا، وأطلقوا العنان لمئات النكات، منتقصين من حجم الحدث باعتبار أننا نقبع وسط بركة من النفط في الموجود في دول الجوار بينما أنه غير متوفر في أراضي المملكة.
لم ييأس المواطنين عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي حينما واصلوا تهكمهم على الفكرة وصاحبها، الذي اضطر لتوضيح الأمر قبل أن يتقدم باستقالته لزواتي التي رفضتها. وهذا مؤشر على حجم وتأثير على هذه المواقع وروادها من الناس ممن يرفضون كل شيء ويسارعون إلى التقليل منه مهما كان حجمه كبيرا أو صغيرا.
النظر إلى الأمر من زاوية أخرى، قد يعتبر أن المشهد الذي تم فيه تلقي الرئيس قنينة النفط فيه رسائل عديدة ربما تؤخذ بعين الاعتبار، وهي رسائل إيجابية ذات رمزية. صحيح أن ذلك لن يعكس أبدا بشكل ايجابي على الوضع الاقتصادي والمالي للدولة باعتبار أن الحقل الذي استخرجت منه كمية النفط هي حقل غير ذا قيمة تجارية، لكن الرمزية التي نتحدث عنها تتعلق بالأمل.
قد نقول من أجل أن نرفع من معنوياتنا أن النفط موجود، صحيح أنه شحيح، لكنه على أرض الواقع متواجد في باطن أراضي المملكة، وأنه في نهاية الأمر قد يخرج ويرى النور وبكميات تسد ولو جزء من حاجة المملكة من النفط، والذي نستورده سنويا بمئات الملايين من الدنانير. لما نبخل على أنفسنا بأن نؤمن بأن أمرا ما قد يحدث بهذا الاتجاه في يوم ما.
ربما يكون في ذلك رسالة بأن المعطيات الاقتصادية للمملكة قابلة للتغير بين لحظة وأخرى، وفي ذلك إشارة إلى المتغييرات التي تشهدها المنطقة وهي متغيرات سياسية بدأت تعيد ترتيب المشهد الإقليمي وتحديدا أثناء عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، والذي مارس كل صنوف الضغط على المملكة من أجل القبول بصفقة القرن، وبمساعدة دول محورية.
إن استخراج النفط بكميات تجارية يحول الأردن إلى أيقونة اقتصادية كما هو أيقونة سياسية نظرا لدره الهام في المنطقة جراء موقعه الجيوسياسي، وحكمة القيادة وقدرتها على تحقيق توازن عال المستوى بهذا الإطار في وقت تشهد دول المنطقة أزمات داخلية تعصف بها.
وقد يكون في ذلك رسالة إلى المؤسسات المالية العالمية، والداعمين للأردن، بأن الأفق الاقتصادي للمملكة في طريقه للتحسن، وأن المسألة بدأت للتو بشكل جدي، وأن المعطيات عندها ستكون مختلفة كليا، وعليه سيعيد الجميع ترتيب أوراقهم جيدا.
ربما يعتبر هذا الحديث طيف من حلم يأمل به كل أردني، لكن لا أحد يعلم ما هي الرسائلة من وراء زجاجة النفط، وماذا سيحل بنا في قادم الأيام في حال كانت هذه الرسائل حقيقية. كل ما نتمناه أردنا أقوى وأكثر انتاجا وتطورا ونهضة. لا ضير أن نحلم ونحلل ونتوقع.