بهدوء
عمر كلاب
الحرب على غزة ستتوقف سواء خلال اليومين القادمين او الاسبوع القادم , لكن ظلال الحرب لن تنهي , وكل حرب فيها شيئ من سابقتها , والحروب السابقة بمقدار ما اوجعت الكيان الصهيوني , الا انها اوجعت اكثر تيارات فلسطينية , لها تاريخها وماضيها , ولعل اكبر الخاسرين بعد الكيان الصهيوني وانظمة التطبيع العربي , هي حركة فتح ذات التاريخ النضالي المجيد دون شك , ولعل مقولة كل فلسطيني فتح ما لم يثبت العكس في طورها للزوال , فكل فلسطيني مقاوم ما لم يثبت العكس والمقاومة لها عناوينها وحركة فتح وكتائبها ليست من هذه العناوين .
اقول ما سبق بوجع وقهر , فالحركة التاريخية تحولت الى حزب حاكم مع بقاء نزر من المقاومة بحكم الأثر العرفاتي وطريقة ادارة الختيار رحمه الله للملفات الفلسطينية , وبرحيله شهيدا رحلت معه آخر نكهات المقاومة الفتحاوية مع بقاء محاولات فردية لمناضلي الحركة الذين تعرضوا للتهميش والاقصاء والتنكيل من قادة الحركة اكثر من اي جهة خارجية , فالقيادة الفتحاوية وتاليا القيادة الفلسطينية لا تؤمن بالسلاح اصلا باستثناء سلاح الحرس الشخصي وبعض طلقات في مواسم الاعراس الصيفية .
مسيرة كتائب الاقصى – الذراع العسكري لحركة فتح – بالامس ربما اعادت النذكير بأن الحركة لها ذراع عسكري , لكنه يعاني من الرعاش الذي يسبق الشلل , وجوبه بكثير من النكات القابلة للحياة اذا لم يتحول الى فعل سريع معلنا غضب الضفة كما تقول الاغنية – يا غضب الضفة لا تهدأ اعلنها ثورة – فحتى لافتة الحركة الصفراء نسيها الشارع الفلسطيني وباتت مثل هلال رمضان الذي ينتظره المسلمون مرة واحدة في العام , فاللافتة الصفراء لا تظهر الا في ذكرى الانطلاقة الفتحاوية فقط قبل ان تدخل في سبات عميق .
الرئيس محمود عباس نجح في اقصاء رموز الحركة الفاعلين , وجاء الصراع مع محمد دحلان ليزيد من وجع الحركة , والمؤذي في الامر ان صراع عباس – دحلان كان على التسابق لوأد حركة فتح وتاريخها المقاوم فالطرفان من انصار التفاوض والتفاوض كحل نهائي , فنجح كل طرف في وأد البندقية الفتحاوية , اما بمال سحت وحرام واما باقصاء وتهميش وفصل , ولربما يظهر السلاح الفتحاوي في الصراع ولكن ليس في وجه العدو الصهيوني بل في وجه كل جناح من اجنحة الحركة لحسم الصراع لصالح الكيان الصهيوني دون غيره فلا يوجد طرف منهما مؤمن او مؤتمن على القضية ومشروعها المقاوم .
الرهان ما زال معقود على اسماء فتحاوية عريقة ومؤمنة بمسار الحركة التاريخي , امثال محمود العالول , الذي يستطيع الان مع باقي رجال الحركة المؤمنين وبعون من شباب فلسطين المؤمنين بحقهم وقوتهم على استعادة الحركة من فكرة الحزب الحاكم الى فكرة حركة المقاومة بكل تفاصيلها العسكرية والجماهيرية , فبندقية فتح تبقى حاسمة وقادرة على تحقيق مدماك جديد في جدار المقاومة الذي يتصلب كل يوم وكل ساعة .
فتح الحركة والتاريخ لديها فرصة ربما لن تتكرر في العودة الى صفوف المقاومة بل وحتى قيادتها كما السابق اذا ما استردت ارثها وتراثها , فجيل الشباب الذي ما زال على وعده مع فتح يتحرق شوقا للعودة الى الجذور لبناء المستقبل الواعد الذي بدأت بشائره تلوح في الافق بفضل ضربات المقاومة الموجعة للكيان الصهيوني ولن ترتفع كلفة الاحتلال الا بانضواء الكل الفلسطيني تحت راية المقاومة وعلى فتح ومناضليها التقاط اللحظة .
omarkallab@yahoo.com