نبض البلد -
نبض البلد -منذ بايع الاردنيون المغفور له الملك المؤسس عبد الله الاول بن الحسين على بناء الدولة ووضع الركائز والقواعد التي تؤسس لقيام الأردن الحديث، وإقامة أول نظام حكومي مركزي في مجتمع عشائري لم يبدي احد منهم يوما ما التشكيك بشرعية النظام والانتماء له، بل اثبتوا في كافة المواقف التي مرت على الاردن التفافهم حول وطنهم ونظامهم الذي بايعه الاجداد، اسوق هذه المقدمة وقد انبرى البعض بتبادل الاتهامات والتخوين فيما بينهم بخصوص الفعالية المخطط لها في 24 آذار، لقد أظهر الاردنيون وعيهم خلال الربيع العربي وآثروا الوقوف الى صف الوطن وقيادتة حرصاً على امن بلدهم واستقراره، يحذوهم الامل ان تتغير الامور مستقبلاً للأفضل، فحافظوا عليه بعيونهم بينما كانت بلدان من حولهم تشتعل، من هذا المنطلق ارفض تخوين اي اردني، الكل يحب وطنه، والكل معني بأمنه وسلامته، بغض النظر ان كنا نعارض السياسات الفاشلة التي أوصلتنا لهذا الوضع البائس، ما نكتبه ونتحدث عنه ليس جلد للذات بقدر ماهو جلد للواقع المرير الذي نعيشه بعد ان عرت الكورونا وكشفت عمق الترهل والفساد في وطننا، وهو ليس تحريض على الوطن، ولا حتى على حكومته بقدر ما هي صرخة مدوية لعلها تصل مسامع مسؤول يخاف الله ويداويه قبل ان يتسع الجرح، لقد توالت منذ عقدين مواسم القحط على الاردن لم يعرف خلالها موسم غلال واحد، والاوضاع تتجه من سيئ الى اسوأ، حتى طفح الكيل من الفقر وسوء الأوضاع المعيشية، والفشل والفساد الذي نخر معظم ادارات الدولة، بسبب المحسوبية والشللية والتوريث وغياب التعيين على أساس الكفاءة، كلها كانت محرك للخروج الى الشارع للاحتجاج والتعبير عن الغضب والمطالبة بالحقوق، اذ لا يمكن ان يكون لدينا إصلاح سياسي بدون ديمقراطية، ولا يمكن ان تكون هناك ديمقراطية بدون حرية تعبير عن الرأي المنضبط، والتظاهر السلمي الذي لا يهدد الامن المجتمعي، ولا يثير الفوضى والتمرد على الدولة، ولا يسيء لمؤسسات الدولة والممتلكات العامة والخاصة، التعبير الواعي الذي لا يسمح ان يتلاعب فيه او يحركه احد من الخارج، نحن جميعاً شركاء في هذا الوطن، ولا وطن لنا غيره نفترش ارضه ونلتحف سمائه، قد نختلف بداخله ما شئنا لكننا متفقين على المحافظة عليه وإفتدائه بأرواحنا، من اجل ذلك نحن بأمس الحاجة إلى طرح القضايا الوطنية لمعالجتها بحكمة وليس مسايرة بعضنا وتعظيم ادوارنا والتصفيق لما يطرحه البعض من بيانات، وان كان التظاهر السلمي حق كفله الدستور، لكن علينا ان لا ننسى اننا نمر في ظروف صحية صعبة من حيث انتشار وباء كورونا مجتمعياً، وستزيد التجمعات صعوبة وسوء الاوضاع، المستشفيات الحكومية والميدانية والخاصة وصلت الى اقصى طاقتها الاستيعابية، على الرغم من المطالب الحقة للمتظاهرين ومعارضتهم للنهج الحالي فإنني كطبيب ارفض الدعوة للنزول الى الشارع لما في ذلك من خطر على حياة المواطنين مهما بلغ الحرص على الالتزام بالإجراءات الصحية الوقائية، والاكتفاء بجعله يوم وفاء وإنتماء للوطن وإيصال رسائلنا ومطالبنا على وسائط التواصل الاجتماعي، وفي المقابل على الدولة ان تستمع لمواطنيها، وان تقدم لهم اجابات مقنعة، واهمها لماذا وصلنا الى هذه المرحلة التي يخرج بها الناس للشارع للتعبير عن غضبهم، ولماذ بدأ السواد الاعظم من الشباب يستمع لاصوات المعارضة والحراكيين، حتى بتنا نخشى اذا ما تمت دعوتهم للخروج الى الشارع ان تكون الاستجابة مفاجئة وغير متوقعة للجميع، الشباب روح الامة وامل المستقبل لا تستفزوهم ولا يجوز إذلالهم، ولا تضعوهم امام خيارات صعبة، فقط حاوروهم واستمعوا لهم، وابحثوا معهم عن الحلول الصادقة للاصلاح، وإقامة دولة المؤسسات والعدالة والقانون قبل فوات الاوان، والحلول ليست صعبة ستجدوها في أوراق جلالة الملك النقاشية .. أخيراً أسأل الله تعالى ان يمر هذا اليوم بأمن وسلام على الوطن وأهله، وان يكون انطلاقة جادة للإصلاح الحقيقي، حمى الله الوطن واهله من كل شر وسوء واتمنى السلامة للجميع .